صدر حديثا عن مشروع "كلمة" للترجمة فى مركز أبوظبى للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، الترجمة العربية لكتاب "وحدة الموسيقى العربية والتركية فى القرن العشرين" للباحث التركى مراد أوزيلدريم، ونقلته إلى العربية "ملاك أوزيلدريم"، وراجع الترجمة المترجم أحمد زكريا.
وكان الكتاب صدر فى طبعته التركية الأصليَّة عام 2013 ضمن سلسلة "علوم الموسيقى" التى تصدرها دار نشر "باغلام"، وفيه يتناول مراد أوزيلدريم التفاعل الموسيقى بين العرب والأتراك خلال القرن الماضي، انطلاقاً من ملاحظة أن الذوق الموسيقى الشائع للإمبراطورية العثمانية قد انتشر عبر حدود واسعة، ومثلما أثَّرت إسطنبول موسيقيَّاً فى العديد من الدول العربية، فقد تأثرت بها أيضاً، ويثبت الباحث هذا التأثُّر فى تشابه المقامات والآلات الموسيقية العربية والتركية.
ورغم التغيُّرات التى شهدتها الأُمّتان بعد انهيار الدولة العثمانية، ونشأة القومية وقيام الجمهوريات، والعُزلة التى فُرضت على الشعبين العربى والتركي، إلا أن الباحث يؤكد أن هذا التفاعل الموسيقى لم يتوقف رغم كلِّ ذلك، حيث يرى أن الخطوات التى اتخذها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، أثناء إنشاء «هوية تركية جديدة» مع حركة التغريب فى تركيا الوليدة، والتى شملت كلَّ مجالات الحياة تقريباً، وانتهت بحظر الموسيقى الشرقية فى الإذاعة التركية والأماكن العامة عام 1934، قد أدت بشكل غير مباشر، إلى إعادة تحفيز هذا التفاعل؛ حيث بدأ الأتراك يبحثون فى الإذاعات عن موسيقى قريبة لهم، ولم يجدوها إلا فى الإذاعة المصرية، التى كانت تبثُّ آنذاك أغانى محمد عبدالوهاب وأم كلثوم وليلى مراد.
كما يتناول الباحث أيضاً مسألة انتشار الأفلام المصرية الغنائية فى دور السينما التركية، فبعد أن تعرَّف الأتراك على أصوات المغنين المصريين فى الراديو، أقبلت الجماهير على دور السينما التركية التى تعرض الأفلام المصرية، بشكل كبير، وفى هذا السياق، يتناول الباحث بالتفصيل مسألة انزعاج الحكومة التركية من هذا الأمر آنذاك، والخطوات التى اتخذتها من أجل منع عرض هذه الأفلام دون دبلجة تركية.
وإلى جانب ذلك، يركز الباحث أيضاً على دور زيارات الموسيقيين الأتراك والعرب لبعضهم بعضاً فى تركيا والبلاد العربية، والعلاقات التى أقاموها خلال تلك الزيارات، ودورها فى التفاعل الموسيقي، ويتناول فى هذا السياق زيارة "زكايى داده أفندي"، الذى يعتبر آخر الملحنين العظماء للموسيقى التركية الكلاسيكية فى العهد العثماني، إلى مصر وتعلُّمه الموسيقى العربية، وزيارة المطرب والملحن المصرى عبده الحامولى إلى إسطنبول، وإدخاله لمقامات وإيقاعات جديدة إلى الموسيقى الكلاسيكية بعد عودته إلى مصر، بالإضافة إلى تسليط الضوء على العديد من الصداقات الفنية بين الموسيقيين العرب والأتراك أثناء تلك الزيارات مثل علاقة الموسيقى التركى منير نور الدين سلجوق ومحمد عبدالوهاب، والمغنية التركية «بريهان ألتنداغ سوزاري» وأم كلثوم، حتى أن «سوزاري» قد تعلَّمت منها أغنية «غنِّى لى شوى شوي»، وبدأت فى غنائها بكازينوهات إسطنبول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة