إنه السلطان الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري، وُلد عام 1446، وهو السلطان المملوكي السادس والأربعون، وهو العشرون من المماليك الجراكسة، كان أصله جركسي من مماليك الأشرف قايتباي، أعتقه وجعله من جملة المماليك الجمدارية، ثم خاصكياً، ثم كشافاً في الوجه القبلي سنة 886هـ، ثم أنعم عليه الأشرف قايتباي بإمرة عشرة سنة 889هـ وخرج في بعض التجريدات العسكرية إلي حلب، ثم تولى نيابة طرطوس، ثم عين حاجباً بحلب ثم نائباً لملطية، ثم أنعم عليه الملك الناصر محمد بن قايتباي بإمرة ألف ثم رأس نوبة النوب زمن الظاهر قانصوه خال الملك الناصر محمد بن قايتباي، ثم ترقى إلي دوادار كبير. وفى دولة الأشرف جنبلاط عين وزيراً.
ثم نودى به سلطاناً على مصر سنة 906 هـ- 1501م وظل في ملك مصر إلى أن قتل في معركة مرج دابق شمال حلب سنة 1516 بعد خيانة جان بردي الغزالي وخاير بك له وانضمامهما للجيش العثماني.
في يوم الإثنين أول شوال سنة 906هـ أجمع الأجناد على تولية قانصوه الغوري سلطنة مصر وأحضر القضاة والخليفة العباسي المستمسك بالله يعقوب وبايعوه بالسلطنة، ودقت له الطبول وجلس على سرير الملك، وهو رافضاً له خاشياً من بطش الأمراء به، فهو ليس بافضلهم، ولكن الأمراء الكبار تجنبوا الإقدام على السلطنة خوفاً من بعضهم البعض، فأرادوا تولية من هو أضعف منهم حتى إذا أرادوا إقالته كان ذلك عليهم يسيرا.
فقبل السلطنة بعد أن اشترط على الأمراء أن لا يقتلوه إذا أرادوا خلعه فقبلوا منه ذلك، واستمر في السلطنة خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة وعشرين يوماً.
صفات الغوري الشخصية وطموحاته السياسية لم تكن السبب في توليه السلطنة كما كان الحال عند سابقية من السلاطين والملوك المماليك، بل كانت طموحات غيره من الأمراء هي إدارة شئون الدولة وتحقيق مطامعهم على حساب سلطان ضعيف يمكن اعتباره كبش فداء عند الحاجة إلي ذلك، إلا أنه أخلف ظنهم جميعاً، فكان لسنه الذي قارب على الستين أثر في إكسابه الحنكة والدهاء، فكان قوي التدبير فثبت حكمه تثبيتاً عظيماً وأخذ يتربص بأكابر الأمراء حتى قمعهم وأفناهم وصفت له المملكة ولم يتبق له فيها منازع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة