هيثم الحاج على

البريكس وقوة مصر الناعمة

الخميس، 07 ديسمبر 2023 11:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل يمكن أن نربط تاريخيا بين توسع مجموعة البريكس في ضم دول لها ثقلها السياسي والتاريخي في اللحظة الراهنة، وبين ما حاولت حركة عدم الانحياز في منتصف القرن الماضي القيام به على مستوى العالم من حيث إنشاء قوة سياسية وثقافية تستطيع احتواء الثقافات غير المنحازة.

لا يجب النظر إلى انضمام مصر إلى مجموعة البريكس بوصفه خطوة اقتصادية مهمة فقط، لكنها خطوة ضرورية على طريق التقارب الثقافي الشرقي - الشرقي في مواجهة قيم العولمة التي تحاول الرأسمالية الغربية إقرارها بوصفها النمط الذي يجب تعميمه في العالم ضمانا لمصالحها الاقتصادية.

الأمر لا يمكن توصيفه فقط في الإطار الاقتصادي لكن الأمر يتعداه إلى نظرة سياسية وثقافية كذلك ربما تماثل ما أحدثته حركة عدم الانحياز، وفي ظني فإن الجانب الثقافي فيه يبدو هو المحرك الأصلي الذي يبدو أساس بناء تلك المجموعة، من أجل مواجهة ما سيطر به الغرب أو حاول السيطرة عن طريقه على العالم في العقود السابقة.

من هنا سيبدو أن لمصر على وجه التحديد مكانة مهمة في تلك المجموعة وفرصة لا يجب التخلي عنها من حيث كونها هي الثقافة القادرة على استيعاب الاختلافات بين الثقافات المتعددة، عن طريق تاريخها الطويل الممتد من القدرة على استيعاب الآخر، وامتصاص العناصر الثقافية المختلفة، فمصر إذن بهذه الرؤية مرشحة لأن تكون هي مركز البريكس الثقافي بشرط أن يبدأ العمل على تلك المركزية منذ اللحظة الأولى لهذا الانضمام، لتكون هي المسرح الأهم الذي يمكنه تجميع ثقافات البريكس والعمل على إيجاد صيغ للتقارب الفعلي بينها اعتمادا على قدرة مصر على التوفيق وعلى كتلة مصر الثقافية التي يمكنها جمع كل العناصر الثقافية في داخلها.

لا يبدو الأمر صعبا بل عن الأفكار التي يمكن إنتاجها في هذا الصدد متعددة ومتنوعة وتعتمد في الأساس على ما يمكن اعتباره قوة مصر الناعمة ومركزيتها في الفعل الثقافي في مجالاتها الحيوية المتعددة، وربما يمكن البدء بمجموعة من الفعاليات الفنية والأدبية التي يتجمع فيها المتشابهون من المبدعين من دول البريكس على أرض مصر ليكون ذلك تدشينا لدور حيوي لا يمكن لدولة أخرى أن تقوم به، بل لا نغالي إذا قلنا إنه لا يمكن لأي دولة أخرى في المجموعة أن تنافس مصر في هذا المجال.

من الواجب إذن أن يتم إعداد رؤية واضحة لذلك الدور الذي طالما لعبته مصر في محيطها العربي والأفريقي بل وربما المتوسطي من قبل، وقد آن الأوان لتلعبه مرة أخرى ولكن في مجال حيوي جديد أكثر قربا من التماس مع مصالحها السياسية والاقتصادية في منحنى تاريخي يمكنه أن يكون فارقا في تاريخ العالم الآن.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة