شركة الفيس بوك بعد شرائها منصات متعددة كإنستجرام وواتس اب وغيرها وبعد دمجها جميعاً تحت مظلة واحدة لشركة أكبر تسمى META، وبعد أيضاً ما تم تشكيل مجلس حكماء الفيسبوك؛ قد وضعوا شروطاً للمحتوى المنشور على المنصات، ولكن المتابع للمشهد السياسى والاجتماعي العالمي اعتقد بأنه قد رأى جلسات استماع مارك في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وعلى الرغم من عدم معرفتنا بتفاصيل الاتفاقات التي تمت من "تحت الترابيزة" بين شركة ميتا والحكومة الأمريكية، إلا أن الأمر قد أصبح واضحا للعيان، وهو عبارة عن منع أى محتوى يناصر القضية الفلسطينية، أو ينشر انتهاكات الاحتلال الصهيوني والكيان الهش الذي يستعرض قوته على الأطفال والنساء.
المنصات المختلفة على السوشيال ميديا قد أصبحت في وقت قياسي من أحد أهم محطات تشكيل الوعي للأجيال الجديدة، واستهداف نشر شيء بعينه أو التغاضي عن موضوع أو قضية من شأنه تشكيل رأي عام عالمي جديد في عقود قليلة، من خلال السيطرة على ثقافة النشء وتلقينه بما تريده السلطة الأمريكية، والتي تتحكم فيها اللوبي الصهيوني كما هو واضح للعيان، وأقر به العديد من المسئولين الأمريكيين وغيرهم من مختلف الجنسيات بل وأيضاً الباحثين الأكاديميين بهذا الصدد.
كل تلك المنصات ليست سوى مواقع عادية تم برمجتها بشروط إلكترونية تسمى الخواريزمات، تلك الخواريزمات لها القدرة على مسح وإبراز وتقييد أي محتوى من خلال برمجة تقوم بها الشركات المتحكمة في تلك المنصات، فحتى عندما قامت إحدى المنصات الإعلامية بعمل بحث حول هذا الموضوع قامت شركة ميتا بحظره!، إلا أن عبقرية المصريين والعرب وتمسكهم بالقضية حتى بالكلمة جعلتهم يرجعون لقرون بعيدة وبداية اللغة العربية غير المنقوطة "جربت تكتب من غير نقط؟"، بل وتداول الكثير من المنشورات منها السياسي ومنها الفكاهي الذي يوجه رسائل مباشرة لمارك وللخواريزمات الخاصة به، رافعين شعار "خليها تنفعك".
خطورة السوشيال ميديا في كونها تشكل وعي أجيال قادمة من خلال تناسي القضية الأساسية التي تهم كل العرب والمسلمين، ومحاولة فرض ثقافة جديدة تحاول تغيير الوعي والثقافة والحدود الجغرافية أيضاً، فمهما كان المحتوى المنشور على تلك المنصات زائف فتلك المنصات تسمح له بالانتشار بل وتعطيه المصداقية من خلال دعمه، والعكس صحيح.
ولكن مع كل تلك القيود والتقيدات على نشر المحتوى فعقلية الأجيال الجديدة العربية والإسلامية لا يستطيع إيقافها أحد، نحن أمة تستطيع التغلب على أي قيود، وكسر أي سور يحد من حريتها، سواء كانت حرية فعل أم حرية تعبير، وهو ما دفع المصريين والعرب في التحايل على تلك المنصات ونشر كل ما يتعلق بالقضية من خلال خداع تلك الأكواد، وإعلاناها صريحة بأننا أمة صاحبة وعي وفكر ولا أحد يستطيع وقف دعمنا لفلسطين الأرض العربية، ولا يمكن السيطرة علينا بفرض الأمر الواقع، أو بفرض معلومات مغلوطة لمحتل بائس، يحاول من خلال علاقاته ومجموعات الضغط الخاصة به في الحكومات المختلفة.
والحقيقة لن يتسطيع أحد تغيير التاريخ أو الثقافة من خلال منصة، فما دام هناك دلائل تاريخية، وواحد يروى الحكاية فلن تموت القضية.
قد يعتقد مارك أن هذا الجيل متعلقاً بالسوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا يمكنه التعبير عن رأيه أو المعرفة بقضية أثرت وستؤثر على أجيال وأجيال، هذا الجيل الذي اعتقد البعض أنه لا يعلم عن الانتماء شيئاً، وأن الشعارات لا تقال سواء من خلال الفيس بوك وتدويناته، لكننا من سوء حظه أننا جيل لا ينسى، جيل يتذكر ويذكر كل ما مر به من تاريخ لأولاده وأحفاده، جيل يفخر بعروبته، ووطنه عرضه، وأشقاؤه ليسوا بالضرورة أن يكونوا من أب وأم واحدة، قد يكونون أشقاء في الهوية العربية، كم تمنيت مطالعة ذكرياتي، لكنها اليوم تتجدد من زاوية الألم، هذا الألم الذي يلد الأمل ويجعلنا طوال الوقت نتذكر القضية الفلسطينية وكأننا ولدنا بجانب القدس، بل ومن أبناء غزة مع كل تصعيد للقضية وتذكير لها أو انتفاضة، تلك الزاوية التي لم أنساها ولا أملك غير القلم للتعبير عنها، وأفخر بمصر التي تظل كبيرة في كل الأوقات، تواجه بحكمة قائد وتحافظ على حدودها وتساند أشقائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة