حينما رحل إبراهيم أصلان عن عالمنا فى مثل هذا اليوم، 7 يناير 2012، كتب بهاء طاهر رسالة وداع فى صديقه الذى تركه وحيدا، تمامًا مثل فعل أمير الشعراء أحمد شوقى، حينما كتب قصيدة رثاء فى صديقه حافظ إبراهيم، عبر فيها عن شعوره بالوحدة فى العالم، بل ببتر جزء من نفسه بذلك النداء الموجع: لم سبقتني؟
فى رسالته التى كتبها بهاء طاهر، ونشرتها مجلة "الكلمة" فى عددها الـ58 لعام 2021، قال: أنا لست أميرا للشعراء، ولم تربطنى بإبراهيم أصلان علاقة التلازم فى الحياة، نادرا ماكنا نلتقى فى السنوات الأخيرة، اقتصرت علاقتنا على مكالمات تليفونية متفرقة، لم تعد سنى ولا صحتى تسمح لى بالحركة النشيطة والتنقل، لكن خبر رحيله المفاجئ انقض على وبترنى على الفور: لم سبقتني؟ ما بيننا كان أعمق بكثير من اللقاءات والمكالمات، كلانا من سن واحدة بالضبط، بدأنا الكتابة فى وقت واحد فى الستينيات عندما التقينا وأحببته الحب كله منذ عرفته وحتى نهاية العمر.
بهاء طاهر: إبراهيم أصلان شاعر القصة القصيرة
وعن تلك العلاقة الأعمق من اللقاءات والمكالمات يقول بهاء طاهر، الذى تحل ذكرى ميلاده بعد أيام وتحديدا فى 13 يناير، فى نفس الرسالة: أحببت الإنسان الصافى النفس، والكاتب صاحب اللغة الفريدة الصافية، وكنت أقول له صادقا إنه شاعر القصة القصيرة مع بعد لغته التام عن الشاعرية والبلاغة، لكن قصص إبراهيم أصلان يجب قراءتها كما تقرأ القصائد الجميلة، مرة ومرات دون أن ينفد سحرها، لأن استمتاعك بنثرها يزيد مع كل قراءة، وتذوقك لجمالياتها يزيد مع كل قراءة جديدة مثل الشعر الحقيقى حتى تود لو تحفظها حفظا، وأن تترنم بها مادمت تحب الأدب وتتذوق اللغة. وكان ذلك حالى بالفعل عندما قرأت قصص مجموعته الأولى "بحيرة المساء" التى كان ينشرها متفرقة فى الصحف مثلما كنا نفعل جميعًا فى الستينيات.
يذكر بهاء طاهر فى رسالته أنه قال ذات مرة أنه يغار من إبراهيم أصلان، وأن "الغيرة تنهش قلبى بسبب إقبال الحسناوات عليه، وسألته هل للشارب الكث علاقة؟ وهل يمكن أن أنجح مثله لو ربيت شاربي؟ فقال بإيجازه المعهود وهو يضحك جرب، لكنى كنت أعقل من أن أجرب واكتفيت بأن أحسده وأحبه".
ويشير بهاء طاهر إلى أن آخر لقاء له مع إبراهيم أصلان كان فى ندوة عقدتها صحيفة الأهرام وبعد الندوة استقلا سيارة واحدة، ويقول بهاء طاهر: "كان منزلى هو الأقرب فنزلت ولوحت لإبراهيم مودعا وتواعدنا على اللقاء.. وسنلتقي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة