دعت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها الصادرة اليوم الأحد الأحزاب السياسية في إيطاليا إلى الالتزام بالنهج الإصلاحي الذي حدده رئيس الوزراء ماريو دراجي وحثه على البقاء في منصبه حتى الانتخابات القادمة، لاسيما بعدما أعلن الأخير قبل أيام قليلة عن تقديم استقالته اعتراضًا على الأزمة السياسية التي تشهدها إيطاليا حاليًا.
وقالت الصحيفة - في مستهل الافتتاحية التي نشرتها عبر موقعها الرسمي - إن شهورًا من التوترات المتصاعدة داخل الائتلاف الحاكم في إيطاليا والتي وصلت إلى ذروتها في الأسبوع الماضي عندما قاطع حزب "الخمس نجوم" الشعبوي، وهو عضو رئيسي في حكومة دراجي متعددة الأحزاب، التصويت على حزمة مساعدات بقيمة 26 مليار يورو تهدف إلى مساعدة العائلات لمواجهة ارتفاع التضخم، الأمر الذي دفع دراجي، على الرغم من تمرير التصويت، إلى تقديم استقالته من منصب رئيس الوزراء، قبل أن يرفضها الرئيس سيرجيو ماتاريلا بشكل قاطع.
وأضافت الصحيفة أنه يتعين على الأحزاب السياسية الإيطالية الالتزام بإصلاحات دراجي وحثه على البقاء حتى الانتخابات .. لكن يجب عليهم أيضًا التخطيط بشكل موثوق لمستقبل ما بعد دراجي .. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي ، فكلاهما يتشبث برئيس البنك المركزي الأوروبي السابق باعتباره شريكًا موثوقًا به ومتصلبًا في الأزمات، وعليهما التوقع بأن نافذة الإصلاح الهيكلي في إيطاليا التي فتحها دراجي ربما تغلق قريبًا.
وتابعت أن إيطاليا تمر الآن في خضم أزمة سياسية طاحنة تتفاقم بالفعل من جراء أزمتي ارتفاع تكلفة المعيشة والحرب في أوكرانيا، وعلى الجميع هناك أن يدرك أن الوقت الراهن قد يكون الأسوء على الإطلاق لروما، وأن الأسبوع الحالي بالتحديد قد يكون حاسمًا ليس فقط لإيطاليا، ولكن لأوروبا برمتها .. وهنا أفضل أمل لدى روما يكمن في استمرار دراجي كرئيس للوزراء لأطول فترة ممكنة والانتظار لسماع كلمته المقرره يوم الأربعاء القادم أمام نواب البرلمان؛ حيث يمكن أن يعلن عن موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في ربيع 2023.
وأكدت الصحيفة أنه سيكون من الأفضل بكثير إتاحة الوقت لدراجي من أجل دفع السياسات الأساسية خلال الأشهر القليلة المقبلة .. وتحقيق الأولوية لدى حكومته في الموافقة على الميزانية التالية، والدفع من خلال الإصلاحات المطلوبة لتلقي الشريحة التالية من صندوق التعافي الأوروبي الخاص بـ كوفيد-19 البالغة 750 مليار يورو، والذي تم تخصيص 200 مليار يورو منه لإيطاليا.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" أن إيطاليا تحت قيادة دراجي كانت حليفًا قويًا لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وأن أي فراغ سياسي في روما قد يمثل مصدر إلهاء آخر للغرب : فالمملكة المتحدة مشغولة باختيار رئيس وزراء جديد بينما إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، يظل بدون أغلبية برلمانية كما أن الأزمة في كييف ألقت بظلال وخيمة على السياسة الإيطالية، ليس فقط لأنها تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ولكن أيضًا بسبب العلاقات الطويلة لروما مع موسكو؛ حيث انقسمت الآراء بين النخبة في إيطاليا، وشكك جوزيبي كونتي زعيم "الخمس نجوم" علانية في الحكمة من إرسال السلاح إلى أوكرانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة