عرفت البشرية منذ فجر التاريخ، المعارك والحروب الدامية التي كانت سببا في وفاة ملايين البشر مثلما الحال في الحروب العالمية في القرن الماضى، وعلى مدار التاريخ اختلفت الأسباب وتعددت وراء نشوب المعارك وإن كان رغبة كل طرف في الحفاظ على بقائه واستمراره سببا كافيا لتلك الحروب، وتبدو أغلب الحروب أسبابها تتراوح بين استعراض قوته وتحصيل مكاسب اقتصادية خاصة من وراء خوضها، أو رغبة سيطرة الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة على مناطق الثروات والمعادن أما في إفريقيا، أو الأمريكتين اللتين كانتا عالماً جديداً بالقرن الماضي، لكن أيضا هناك حروبا كانت أسبابها تافهة وغريبة، وراح ضحيتها الكثيرين بسبب أسباب تبدو غير منطقية لقيام صراعات مسلحة.
حرب كرة القدم
تمر اليوم الذكرى الـ53 على وقوع حرب كرة القدم وتعرف بحرب الأيام الستة بين هندرواس والسلفادور، ولم تكن كرة القدم هي السبب الرئيس وراء اشتعالها، بل تسبب بها حالة من الكراهية المتبادلة التي أشعلتها وسائل الإعلام بين البلدين بعد توتر العلاقات السياسية بينهما .
بحلول تصفيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 1970 أوقعت قرعة التصفيات البلدين قي مواجهة حاسمة لتحديد الفريق المتأهل إلى المباراة النهائية المقامة على ملاعب المكسيك، حيث حسمت هندوراس نتيجة المباراة الأولى لصالحها على ملعبها واعقب ذلك شغب من جمهورها ضد الجماهير من أنصار السلفادور. وتطورت الأمور إلى مهاجمة الأحياء التي يقيم فيها سلفادوريون، ما دفعهم إلى الفرار إلى بلادهم مخلفين وراءهم ممتلكاتهم وبيوتهم.
وتعود جذور الأزمة إلى مطلع الستينات عندما سيطر ملاك الأراضي على معظم الأراضي الصالحة للزراعة في السلفادور ما تسبب في هجرة أكثر من ثلاثمائة ألف سلفادوري إلى هندوراس المجاورة، وكان ذلك سبباً في زيادة مشكلة البطالة هناك، لذا قررت الحكومة الهندوراسية حظر امتلاك الأراضي على مواطني السلفادور، وطرد السلفادوريين الذين عاشوا فيها، وقطعت بسبب هذا القرار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى تدخل الرئيس الأمريكي آنذاك ليندون جونسون لإعادتها.
حرب الخنزير
دارت عام 1859 بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية بسبب نزاع حدودي على جزر سان خوان الواقعة بين جزيرة فانكوفر الكندية، وأمريكا الشمالية، وعرفت بهذا الاسم لأنها بدأت بإطلاق النار على خنزير، وكان هو الضحية الوحيدة لها .
المثير فى هذه الحرب التى استمرت أربعة اشهر وانتهت باتفاقية خاصة تقضى ببقائها تحت سيطرة الإنجليز حتى العام ،1874 هو العتاد العسكري المستخدم خلالها، إذ تولى القيادة البريطانية الجنرال روبرت بينز، وتسلح الفيلق المقاتل بأكثر من 5 سفن حربية، و70 مدفعاً، و2140 جندياً من البحرية الملكية .
حرب الاتصال
دارت بين الولايات المتحدة والمملكة البريطانية، عام 1812، إلا أن سبب قيام الحرب نفسها كان غريبا، فرغم أنه كانت هناك بوادر لاندلاع صراع مسلح، إلا أنه قبل بداية الحرب بيومين أعلنت الحكومة البريطانية أنها بصدد إلغاء القوانين التي كانت سبباً في اندلاع القتال لكن عدم وجود اتصال برقي بين أمريكا وأوروبا لم يسمح بوصول هذه المعلومات المهمة إلى واشنطن ما تسبب في اندلاع الحرب التي كان يمكن تجنبها، استمرت الحرب ثلاثة أعوام حتى، 1815 وكان من أهم نتائجها ازدهار الصناعة الأمريكية، ودعم الروح القومية الداخلية.
الحرب الأسترالية على طيور الأيمو
قامت الدولة الاسترالية بشن حرب لكن هذه المرة لم تكن على دولة معادية أو على كيان آخر بهدف الاستعمار بل كانت على طيور الأيمو التي تشبه النعام، وتكاد تكون الحرب الفريدة تاريخياً التي يمنح فيها برلمان دولة تفويضاً للجيش بالتدخل لصد غزو الآلاف من طيور الأيمو التي هاجمت مناطق واسعة من المزارع شرقي البلاد بخاصة في كامبيون وإتلافها عشرات الآلاف من الهكتارات الزراعية من القمح الذي يعتبر محصولاً اقتصادياً مهماً.
وترجع البداية إلى العام 1929 عندما ساد العالم موجة من الكساد العظيم، اضطرت كثيراً من الجنود الأستراليين السابقين، وعدداً كبيراً من قدامى المحاربين الإنجليز إلى التوجه إلى شرق استراليا للحصول على أراض بأسعار متدنية للغاية، والعمل على استصلاحها وزراعتها، وهو ما شجعته الحكومة الأسترالية ودعمته.
حرب ترانسنيستريا
ربما تكون أغرب الحروب على الإطلاق، فقد شهدت سابقة لم تشهدها أى حروب أو صراعات مسلحة من قبل، فكانت المعارك تدور صباحاً، بينما يجلس الجنود على الجانبين معاً مساء .
وتقع ترانسنيستريا شرقي نهر دنستيريا وهي منطقة متنازع عليها، أعلنت استقلالها عام 1990 أثناء سقوط الاتحاد السوفييتي، وما أعقبه من الإعلان المتتابع للاستقلال من قبل الجمهوريات السوفييتية كانت ترانسنيستريا تابعة آنذاك لجمهورية مولدافيا وتبع إعلان استقلالها حرب دارت من مارس وحتى يوليو في العام 1992 بين الانفصاليين المدعومين من روسيا وقوات الشرطة المولدوفية التي لاتعترف بهذا الاستقلال وتعتبرها جزءاً من أراضيها، واليوم تعتبر ترانسنيستريا مستقلة بحكم الواقع ولكنها تفتقد لأي اعتراف دولي ولا تعترف بها سوى جمهورية أبخاريا وأوسيتا الجنوبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة