"ليس من رأى كمن سمع" هكذا تقول الحكمة، فالرؤية دائماً عنوان الحقيقة، يقوم بها الدليل، وتتمتع بمصداقية كاملة، بعكس ما نسمع، فقد يكون هذا السمع مختلطاً أو مشوشاً، أو خارج السياق، وباعتباري رب أسرة، أتفاعل يومياً مع قضايا الشارع، وأتعايش مع همومه ومشكلاته، أستطيع القول بأن "رغيف الخبز" الحر أو السياحي كما تسميه وزارة التموين، تعرض وزنه خلال الفترة الأخيرة لعملية إنقاص ممنهجة من جانب أصحاب المخابز، نتيجة غياب المتابعة والرقابة أولاً، ثم صمت المستهلك ثانياً، وأخيراً غياب متابعة القضية في دوائر الإعلام ومؤسسات الرأي العام.
طالبت منذ عدة أشهر بأن يتم تسعير رغيف الخبز من خلال الوزن، وهذا إجراء كان سيقضي بشكل كامل على أي تلاعب، سواء في حجم الدقيق، أو وزن الرغيف، فلو أن الكيلو جرام من الخبز يساوى عشرة جنيهات، فهذا إجراء عادل، سواء كان هذا الكيلو يشمل 10 أرغفة أو 15 أو أكثر، فالوزن هو المعيار الأول، الذى بناء عليه يتم التسعير، كما أن هذا الإجراء سيوفر جهد كبير على مفتشى التموين، فلن يصبحوا في حاجة إلى التفتيش على وزن الرغيف أو متابعته، بل سيصبح المواطن يتابع بشكل مباشر الوزن مع البائع في المخبز، ويعرف استهلاكه اليومي، دون أن يتعرض لعمليات الغش الممنهجة، التي بات الرغيف يفقد غيها نصف وزنه تقريباً.
في الأيام الأولي لمحاولات المخابز رفع سعر رغيف الخبز السياحي خلال الفترة الماضية وقفت الدولة في وجه عصابات المخابز وكثفت الرقابة والمتابعة، وبالفعل نجحت في إعادة الأمور إلى نصابها، وأصبح وزن الرغيف وحالته أفضل، لكن للأسف "رجعت ريمة إلى عادتها القديمة"، بعدما خفتت الأضواء عن القضية، وتحول الموضوع إلى روتين يومي، وتبخرت حملات التفتيش على المخابز، وهو ما نحصد نتائجه اليوم، فقد صار الرغيف أقل وزنا وجودة!
أتصور أن قضية متابعة وزن رغيف الخبز الحر أو السياحي أهم القضايا التي يجب أن تتنبه إليها وزارة التموين والمحليات والأجهزة المعنية في الحكم المحلي، باعتبارها قضية تمس المواطن بصورة مباشرة، خاصة أن هذه المخابز باتت شريحة ضخمة من المواطنين تعتمد عليها، لذلك يجب أن تهتم وزارة التموين بمتابعة المخابز والإشراف على نشاطها بصورة يومية، مع تفعيل الرقابة الدائمة والمستمرة على الأسواق بالطريقة التي تخدم المواطن، وتواجه محاولات الغش التجاري، والتلاعب في الأوزان، خاصة في سلعة استراتيجية هامة مثل الخبز، التي يجني أصحاب المخابز من خلفها مكاسب لا حصر لها.
أتمنى أن تضع وزارة التموين وزن رغيف الخبز السياحي على جدول أعمالها، وتبدأ التنسيق مع الجهات المعنية لشن حملات رقابية على المخابز، تستهدف ضبط الأمور وإعادتها إلى نصابها مرة أخرى، فالموضوع يستحق الاهتمام والمتابعة، وأتمنى أن تبدأ الوزارة في دراسة تطبيق بيع الخبز بالوزن مرة أخرى، فهذا حل جذري يقضي على مشكلة التلاعب في وزن رغيف العيش إلى غير رجعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة