تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب والخطيب الروماني شيشرون الذى يعد مرجعا لقوة الخطب في روما القديمة بل إنه صار نموذجا في العالم كله في هذا المجال، وقد ولد سنة 106 قبل الميلاد، وهو صاحب إنتاج ضخم يعتبر نموذجًا مرجعيًا للتعبير اللاتيني الكلاسيكي.
وقد أثارت شخصيته الكثير من الجدل والتقويمات المتضاربة وخاصة في الجانب السياسي من حياته، فهو تارة مثقف مضيع في وسط سيء، وتارة أخرى ثري إيطالي صاعد في روما، وثالثة انتهازي متقلب وأداة طيعة في يد الملكية ومتملق لبومبي ثم سيزار بحسب ثيودور ولكنه أيضًا بحسب بيير كريمال الجسر الذي عبره وصلنا جانب من الفلسفة اليونانية.
وإلى أفكاره حيث يرى شيشرون أن الدولة إذا أرادت البقاء فيجب عليها الاعتراف بالحقوق التي تربط مواطنيها بعضهم ببعض وبينهم وبين هذه الدولة، والدولة بذلك هي جماعة معنوية من الأشخاص يملكون الدولة ويسميه مصلحة الناس المشتركة، وهذا التعريف يعادل في معناه التعريف الإنجليزي القديم لكلمة كومنولث، وهنا تظهر أفكار شيشرون معارضة للأبيقوريين حيث هاجمهم بشدة كما هاجم الشكاكين "أنصار المدرسة الشكية" في دعواهم بأن العدالة هي الخير الذاتي.
ومن أعظم إسهامات شيشرون في الفكر السياسي هو شرحه وتحليله لنظرية الرواقيين في القانون الطبيعي وعنه انتقلت هذه الأفكار إلى الغرب التي كانت مرجعه الأساسي حتى القرن التاسع عشر الميلادي، وقد انتقلت منه أول الأمر على رجال القانون الرومان ثم إلى آباء الكنيسة فكان شرحه هذا يستشهد به خلال القرون الوسطى دائما.
يقول شيشرون يوجد قانون طبيعي عام ينبثق من واقع حكم العناية الإلهية للعالم كله، كما ينبثق من الطبيعة العقلية والاجتماعية للبشر وهذا البشر هو أدنى ما يكون إلى الله، هذه نظرته لفكرة دستور دولة العالم، أي دستور واحد صالح لكل زمان ومكان لا يتغير ولا يتبدل، وهو ملزم لجميع الناس والأمم، وأي تشريع مخالف لأحكام الدستور هذا لا يستحق أن يسمى قانونا، لأنه من غير الممكن جعل الصواب خطأ، ويرى شيشرون كذلك أن القانون الطبيعي لا يجوز تعطيل أحكامه بتشريعات من صنع البشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة