أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: تعليم لتخريج كفاءات وليس آلات للامتحانات .. التعليم هو القضية الأولى لبناء طموحات التحديث والتطوير .. والبداية بتحطيم "بعبع الثانوية والامتحانات" وإنهاء تراكمات سنوات من الارتباك

الأربعاء، 14 يوليو 2021 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نظام الامتحانات هو أول نقطة فسد منها التعليم، وأول نقطة يبدأ منها علاج هذا الفساد، حيث تحولت الامتحانات إلى غاية وليست وسيلة لاختبار الاستيعاب والفهم. 
 
على مدى عقود تدخل الغش فى العملية التعليمية، والغش هنا ليس المقصود به الغش المباشر داخل اللجان، حيث يتم يوميا الإعلان عن ضبط أعداد من الطلاب متلبسين بالغش، آخرها الإعلان عن ضبط 27 حالة غش بامتحان اللغة الأجنبية الثانية للشعبة الأدبية، وقبلها حالات غش، وقبل سنوات كانت هناك عمليات غش أونلاين وتسريب للامتحانات والإجابات، مستغلة للتطورات التقنية، ومهما كان فهذه الحالات أقل عشرات المرات من الأعوام السابقة.
 
مفهوم الغش الذى نقصده أوسع وأكثر تأثيرا، ونقصد به عملية راجت واتسعت على مدى سنوات، الدروس الخصوصية مثلت أكبر عملية غش فى نظام التعليم، لأنها تخرج طلابا لا يمكنهم الاعتماد على أنفسهم، بعضهم يحصل على مجموع كبير ويتراجع فى الجامعة، الكتب الخارجية والملخصات والمراجعات جزء من الغش، حولت التعليم إلى نظام فاشل، الدروس الخصوصية والملخصات مع نظام امتحانات جامد، انتهى بنا إلى ما وصلنا إليه.
 
كانت الثانوية الرمز المتجسد لانهيار التعليم، وحسب تعبير سابق لوزير التعليم «كان المواطن مريضا بالثانوية العامة»، وطوال عقود كان طلاب الثانوية فئران تجارب لوزراء التربية والتعليم وكبار المخططين المسيطرين فى الوزارة، تم إلغاء الابتدائية وإعادتها، وإلغاء التربية والإبقاء على التعليم، فاختفت التربية والتعليم، وبقيت الثانوية نصبا تذكاريا لكل أنواع الفشل والتراجع، وكان عام 2016  هو الأصعب والأكثر تعقيدا من حيث الكم والكيف والشكل والمضمون والتسريبات والتأجيل والإلغاء. 
 
لكل هذا كان تغيير نظام التعليم يتطلب إعادة النظر فى المناهج، وتدريب المعلمين عليها، وأيضا نظام الامتحانات الذى كان يتناسب مع الدروس الخصوصية والملخصات والمراجعات، والامتحان كغاية وليس وسيلة. 
 
كانت كل الطرق تؤدى إلى دعوة واحدة، ضرورة انتهاء الشكل الحالى للثانوية، والذى يعتبر الامتحانات الهدف من التعليم وليس الوسيلة، كان الفرق بين التعليم المدفوع والعادى فى شكل ومضامين المناهج والامتحانات، والتى تقدم بشكل أسهل للطلاب فى الأنواع الأغلى، التى توفر للطلاب قدرات وإمكانات أكثر.
 
ولو بسبب أنظمة التعليم بين حكومى عادى وتجريبى ومعاهد قومية، والتعليم الخاص عادى ولغات و«إى. جى» وأمريكى إلخ.. جعلنا  أمام أجيال لا تعرف بعضها، نخصص موازنة ضخمة للتعليم العام وبجانبها موازنة ضخمة للدروس الخصوصية، كل هذا لم ينتج تعليما جيدا، وهنا تراكمات سنوات وعقود تشاركت فيها الحكومات مع المجتمع، وجرت عمليات ترميم أشبه بإعادة ترميم بيت قديم، والأفضل البناء من الأرض، وهو ما انتبهت إليه الدولة فى السنوات السبع الماضية،  حيث بدأت تطبيق مشروع واسع لتطوير التعليم، يبدأ من الحضانة للثانوية، وبموازاته تطوير أنظمة وأشكال الامتحانات لتنهى الشكل القديم، وتتعامل مع عقل الطالب وليس فقط جيب أسرته. 
 
نظام التعليم الجديد يواجه مصالح متعددة، هناك قطاعات واسعة ربحت من فوضى التعليم، كتب خارجية، ودروس خصوصية، ومراكز وتجار امتحانات وتسريبات، هؤلاء هم من قادوا الحملة ضد التطوير، لكن مع الوقت تم كشفهم، وظهرت ملامح خطة التطوير، ربما كان فى بدايته صعبا فى الفهم، مع الوقت ظهر أنه أقرب إلى عملية تطوير متدرجة، تنهى الكثير من أصنام التعليم المتراكمة طوال عقود. 
 
ما يجرى من تغيير فى نظام الامتحانات بالثانوية العامة، كاشف عن نية واضحة للتطوير، وهناك نقاط بحاجة إلى دعم، منها رواتب المعلمين وتدريباتهم التى تناسب تطوير المناهج ومشروع تطوير التعليم، هناك اتفاق على أن العنصر البشرى هو أساس أى عملية تطوير، وبالفعل تم رفع الرواتب والدخول بنسب مختلفة خلال السنوات الماضية، وهناك اتجاه لتوسيع عمليات التدريب ودعم أجور المعلمين وتطوير العنصر البشرى ليتناسب مع طموحات عملية التطوير. 
 
التعليم هو القضية الأولى لبناء طموحات التحديث والتطوير، وتبدأ بتحطيم «بعبع الثانوية والامتحانات»، وإنهاء تراكمات سنوات من الارتباك، نظام جديد للثانوية العامة هو بداية حل الكثير من المشكلات، وعلاج الأمراض التى توطنت فى التعليم، والأهم هو إعادة ثقة المواطن فى التعليم وجدواه، وقدرته على صناعة بشر وكفاءات وليس مجرد آلات للامتحانات.
 
p
 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة