رغم أنه لا شىء يجمع الفن بالسياسة إلا فن التلاعب بالكلمات، فأن يكون الإبداع بداخلك وأنت سياسى أو زعيم دولة كبرى فى الوقت نفسه ليس أمرا جديدا، لكن بالنظر فى التاريخ، فالعديد من السياسيين أحبوا الفن التشكيلى، وتركوا لوحات فنية، جانبًا إلى جانب مع إرثهم السياسى الكبير الذى تركوه فى العالم.
وتمر اليوم ذكرى تولى اثنان من كبار الزعماء فى القرن الماضى، واللذان عرفوا بحبهم للفن التشكيلى ورسم اللوحات الفنية، حيث تمر اليوم الذكرى 81 على تولى تشرشل رئاسة وراء بريطانيا، والذكرى الـ27 على نيسلون مانديلا رئاسة جنوب أفريقيا ليكون أول رئيس اسود لبلاده:
تشرشل
وجد تشرشل ضالته فى الفن، اعتبره وسيلة للتخلص من الاكتئاب الذى صاحبه فى حياته، جاءت كلمات ويليام ريس-موج، الصحفى الأمريكي، كالآتي: "كانت حياته الخاصة معاناة من الاكتئاب (الكلب الأسود)، لكن إذا نظرنا فى لوحاته وحياته الهادئة، لا نجد أى علامة تدل على الاكتئاب"، تعلم تشرشل الرسم من صديقه بول ميز الذى قابله خلال الحرب العالمية الأولى، وكان لبول تأثير كبير على رسومات تشرشل، وأصبح منذ ذلك الحين رفيق مشواره الفني، غلبت على لوحات تشرشل طابع الطبيعة، وكان كثيرًا ما يرسمها خلال عطلاته فى جنوب فرنسا، أو مصر، أو المغرب، اتخذ تشرشل من "تشارلز مورين" اسما مستعارا له.
واصل تشرشل رسم لوحاته خلال سنوات عمره، ورسم المئات منها؛ بعضها يعرض فى منزله "تشاتول" والأخرى أعمال خاصة. كانت معظم اللوحات مشاهد طبيعية من الزيت، لكنه رسم أيضًا العديد من المشاهد الداخلية، والأشخاص. وفى عام 1925، اختار كل من لورد دوفن، وكينيث كلارك، وأوزوالد بيرلى لوحته عن شروق الشمس فى فصل الشتاء كأفضل لوحة فى مسابقة للفنانين الهواة المجهولين.
مانديلا
كان للمناضل الراحل بجانب عمله السياسى مواهبة متميزة فى رسم اللوحات الفنية، فكان تشكيلى محترف، حيث ما بين 20 و25 لوحة فى المجموعة، وهما الآن ملكًا لابنته بوملا ماكازيوى مانديلا.
وفى العام الماضى 2019، تم عرض أول عمل فنى للمناضل الأفريقى الكبير نيلسون مانديلا، في مزاد عالمى، وهى لوحة رسمها عقب خروجه من السجن حيث أبدع فى رسم لوحة بسيطة تمثل باب زنزانته فى جزيرة روبن آيلند، حيث سجن 18 عاماً هناك، وقدر سعر اللوحة، حسب ما ذكرت تقارير صحفية غربية، والذى يحمل اسم "ذى سيل دور، روبن آيلند"، ما بين 60 و90 ألف دولار، بحسب دار "بونهامز" للمزادات.
بوش الابن
بعد سنوات طويلة من انتهاء حرب العراق، يعكف الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الابن بعيدا عن السياسة وقريبا من الفن، كى يكتشف أنه رسام، ينظم معارض تشكيلية فى مواضيع مختلفة، يتناولها بوش الابن، أبرزها تلك التى تتحدث عن جنود امريكان فى افغانستان والعراق، وتأتى هواية الرئيس الامريكى الاسبق كمحاولة للهروب من الملل الذى أصابه، بعد سنوات عصيبة من حكم الولايات المتحدة.
وفى 2013 نشرت سلسلة من الرسائل الإلكترونية الخاصة بعائلة بوش، وبين الموجودات صور عن لوحات ذاتية لجورج بوش؛ الأولى تحت الدوش، والثانية وهو يتأمل أصابعه فى الحمام، وكان يفضل أن يمارس هوايته المجهولة فى مزرعته فى تكساس، فبعدما خرج من البيت الأبيض، بدأ يتملكه الملل، وبحسب نصائح أحد أصدقائه، يقرأ كتاب ونستون تشرشل "الرسم، وسيلة تمضية وقتي"، وما انتهى من الكتاب، حتى أحس بأنه ملكهم، "إذا كان هذا الرجل يستطيع أن يرسم، فأنا كذلك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة