كشف الكاتب الصحفى عماد الدين أديب، أن فشل جولة مفاوضات "كينشاسا" الأخيرة يحصر الفرص والمسارات السياسية أمام سيناريوهين أحدهما يحمل الأمل والسيناريو الأخر هو "الكابوس"، حيث إن هذا يعنى أن هذه المفاوضات اعتمدت على فكرة المراوغة والتعنت والإنهاك بالتفاصيل من الجانب الإثيوبى، لكنها تعنى فى ذات الوقت، أنه لا يمكن الاستمرار بذات الفكرة والنهج فى المفاوضات لأسباب تخص إثيوبيا نفسها، حيث تريد أديس آبابا أمرين؛ أولها إهدار كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بأن نهر النيل مجرى مائى دولى يخضع لاتفاقات دولية، حيث ترغب فى تحويل نفسها من فكرة دولة المنبع إلى فكرة البائع الذى لا يبيع فقط الكهرباء بل بيع المياه أيضاً، وهى اتفاقات راسخة منذ العشرينيات ومنذ عام 1959 وصولاً إلى مسار اتفاق المبادئ الموقع فى 2015 قائلاً: ببساطة إثيوبيا عاوزة توزع حصص المياه من أول وجديد".
وأوضح أن إثيوبيا مقبلة على انتخابات داخلية مزمعة فى يوليو القادم بالتزامن مع إقدامها على الملء الثانى، وبالتالى تحاول الترويج لفكرة السد كقضية داخلية لتأييد رئيس الوزراء أبى أحمد الذى يعانى من تأزم وضعه.
وتابع، فى مداخلة عبر برنامج "كلمة أخيرة" الذى تقدمه الإعلامية لميس الحديدى على شاشة "ON"قائلاً: بالنسبة لمسار الأمل "المتاح" فهذا يعنى أن مظلة الاتحاد الإفريقى بعد الجولة الأخيرة قد فشلت فى إحداث خلخلة للأمور العالقة وحلحلتها وتحقيق الاتفاق بين الأطراف الثلاثة، ومن ثم فإن الأمل يولد بأن الملف سينتقل فى حال وجود أمل للتفاوض أن تنتقل لمسار دولى عبر الرباعية الدولية".
وواصل: إذا كانت هناك رغبة حقيقية من قبل الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والصين باعتبارها قوة كبرى وشريكة رئيسية فى التنمية لتجنيب المنطقة صراع كبير قد نعرف متى يبدأ لكن لانعرف متى ينتهى؟ فهذا ممكن أن يسهم فى حل .
وأتم: "أما إذا كانت الولايات المتحدة ترغب فى استمرار المشاركة التجميلية الشكلية بينما هى فى حقيقة الأمر منخرطة فى مصالحها وفى مسألة قضية تركيا وإسرائيل، فلن يكون هناك خيار أمام مصر سوى المواجهة"، كاشفاً أن سبل المواجهة بالنسبة لمصر تحمل عدة أشكال خاصة أن هناك مخاطر الشح المائى الذى قد تواجه حياة المصريين والسودانيين بسبب إقدام إثيوبيا على تعنتها واستمراراها فيه، مؤكداً أن وضع حياة الشعبين تحت مقصلة إثيوبيا فى أمر حال وهام مثل قضية نهر النيل يعنى أن الخطر كبير، وحتى لو لم تتوفر الإرادة الحقيقية لإدارة بايدن فتذهب إلى الجحيم أمام هذه التحديات".
وأكمل: "هناك تجارب دولية فى مثل هذه القضايا استطاعت فيه الدول أطراف الصراع أن تتمرد على الإرادة الدولية الباهتة لحل الامور واستطاعوا الانتصار فيها"، مؤكداً أن مصر استطاعت تحقيق ثورة 30 يونيو خارج سياق الإدارة الأمريكية، وكذلك قبلها حرب أكتوبر ولم يكن رغبة دولية فى خوض هذه المعركة ليس ذلك فقط، بل إن مصر والأردن رفضتا صفقة القرن فى عهد ترامب قائلاً: "صحيح أمريكا دولة كبرى ولدينا مصالح معها ولا نرغب فى التناطح معها، لكن أمام قضية نهر النيل لا يمكن التنازل عنها، والمصريون يحاربون من أجلها منذ آلاف السنين، وستبقى خطا أحمر وأمنا قوميا كونها مسألة حياة أو موت".
وكشف أن سيناريو الكابوس يعنى الدخول فى حرب ستكلف كافة الأطراف، وأن الحرب تشمل ثلاثة أنواع بداية من حرب العدوانية أو حرب الدفاع، وثالث الأنواع وهو حرب الضرورة وهو ما تفعله إثيوبيا الآن حين تفرض على مصر والسودان خوض حرب الضرورة، حيث إنه دون خوضها سنكون متخاذلين متماً: "وحاش لله أن تتخاذل مصر ".
كانت وزارة الخارجية قد أعلنت أن جولة المفاوضات التى عقدت فى كينشاسا حول سد النهضة الإثيوبى خلال يومى 4 و5 إبريل 2021 لم تحقق تقدما وفشلت، ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، حيث رفضت إثيوبيا المقترح الذى قدمه السودان وأيدته مصر، بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التى ترأس الاتحاد الإفريقى للتوسط بين الدول الثلاث، ورفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التى طرحتها مصر وأيدتها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة فى المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط فى المباحثات والمشاركة فى تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.
كما رفضت إثيوبيا مقترحاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزارى ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولى وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، وهو ما يثبت بما يدع مجالاً للشك لقدر المرونة والمسئولية التى تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة فى التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع فى التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.
وذكر المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أن هذا الموقف يكشف مجدداً عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصرى جيداً ولا ينطلى عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة