صدر حديثا، عن مؤسسة الجزويت للنشر والإعلام، كتاب "اليسوعيون فى مصر" للأب وليم سيدهم اليسوعي، والذى يتناول تاريخ الآباء اليسوعيين فى مصر منذ وصل إليها الرهبان الثلاثة الأوائل ونزلوا فى حى الموسكى عام 1879، متناولا رسالتهم التربوية والعلمية والاجتماعية والروحية والثقافية، معتمدا على أرشيف مكتبة مدرسة العائلة المقدسة.
وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، حيث يرصد الجزء الأول تاريخ وصول الآباء اليسوعيين إلى مصر والأسباب التى كانت وراء ذلك، وفيه، بحسب مقدمة المؤلف: "نلاحظ أن بناء مدرسة العائلة المقدسة تم بعد وصول الآباء بحوالى عشرة أعوام كما يُظهر الإشكالية التى طرأت على الهدف الأصلى الذى من أجله حضر الآباء اليسوعيون إلى مصر وهو إقامة معهد للدراسات اللاهوتية لتكوين الكهنة لكنيسة الأقباط الكاثوليك فى مصر، والحوار الذى قام بين فتح مدرسة لكل المصريين أم مدرسة للأقباط الكاثوليك فقط، بالإضافة للصراع الذى تم فى اتخاذ قرار باستمرارية مدرسة القاهرة أم مدرسة الإسكندرية، وكذلك المناهج ومضمونها، وكيف أن الإشكاليات التى بدأت مع وصول اليسوعيين لمصر عولجت فى وقتها بحنكة ودراية بأحوال البلد فى ذلك الوقت".
كما يتطرق إلى المحطات التى وصلت بالآباء اليسوعيين إلى مدينة الإسكندرية، والتى أثرت على قرار إغلاق مدرسة الإسكندرية واقتصر نشاط اليسوعيين على الدير فيما بعد والعمل الكنسى والثقافي.
ويهتم الجزء الثانى من الكتاب بالمؤلفين والكُتاب من الآباء اليسوعيين على امتداد مائة وأربعين عامًا، حيث تنوعت مساهمة اليسوعيين الفكرية من الكتابات العلمية والفلسفية إلى فروع اللاهوت المختلفة، وكذلك اللاهوت الأدبى والكتابى والأخلاقي، ولاهوت التحرير، كما تناولوا تحقيق المخطوطات العربية المسيحية وأسسوا لها .
وخصص الجزء الثالث لضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية من عام 1879 فى القرن التاسع عشر، وهى تعكس المراحل التاريخية التى مرّت بها المدارس اليسوعية فى مصر.
الكتاب جاء بمقدمة للدكتور زياد بهاء الدين، الذى وصف الكتاب بأنه "ليس كتابًا فى الدين ولا فى التاريخ ولا فى الدراسات الاجتماعية، بل هو عمل موسوعى نهض به الأب وليم سيدهم لكى يحفظ به من الضياع ملحمة ممتدة منذ أكثر من مائة وأربعين عامًا، ساهم خلالها الآباء اليسوعيون فى نشر رسالتهم الإنسانية والتعليمية والاجتماعية فى كل ربوع مصر، وتركوا بصماتهم وأفكارهم- ولا يزالون- فى عقول وقلوب آلاف المصريين"، مشيرا إلى أن الكتاب "يعرفنا أن ظهور الآباء اليسوعيين لأول مرة فى مصر كان عام 1879 حينما أرسل البابا «لاون الثالث عشر» الأب «ريمى نورمان» القادم من سوريا لكى يدرس إنشاء معهد لتخريج قساوسة طائفة الأقباط الكاثوليك فى مصر، وهى الطائفة التى لم يكن عددها يتجاوز الخمسة آلاف شخص فى مصر كلها، معظمهم فى الصعيد. وحضر الأب «نورمان» بالفعل، ثم لحقه اثنان من زملائه، وأنشأوا ديرًا صغيرًا فى حى الموسكى فى العام نفسه، واستقبلهم الخديوى «إسماعيل» مشجعًا وجودهم ونشاطهم".
ويشير بهاء الدين إلى أن الكتاب يسجل "التطورات اللاحقة كلها، بكل دقة ودأب، بحيث نعيش مع كاتبه قصة نشاط الآباء اليسوعيين فى مصر، وإنشاء مدرستهم الشهيرة فى حى الفجالة عام 1889 ثم مدرستين أخريين فى القبيسى عام 1930 وفى مصر الجديدة عام 1933، وإنشاء دير بالمطرية عام 1902، ودير القديس إثناسيوس فى الزمالك عام 1948، ومدرسة فى حى القللى عام 1934، وجمعية «خضرة» لحماية البيئة عام 1983، بجانب الأنشطة المختلفة فى الصعيد جنوبًا والدلتا شمالًا وصولًا إلى مرسى مطروح غربًا. وخلال هذه العقود لم يكن الآباء اليسوعيون وتلامذتهم بمنأى عن الأحداث الجسام التى مر بها الوطن، من ثورة عرابى حتى اليوم، بل كانوا جزءًا من النسيج الوطني، مستمرين فى نشر رسالتهم التعليمية التنويرية وفى التفاعل مع القضايا والأحداث الجارية وفى زرع قيم المحبة والعدل والعلم فى عقول وقلوب تلاميذهم وفى توطيد الرابطة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة