تبذل الدولة جهودًا حثيثة لحل قضايا ظلت "حبيسة الأدراج" سنوات طويلة ، معلنة الكف عن سياسة المسكنات والبدء في مرحلة جديدة من علاج جراح عميقة متجذرة داخل المجتمع ، تحاول الحكومة وضع يدها على هذه الجراح بمشرط طبيب يريد إنقاذ مرضاه، لا أن يتسبب في آلامهم، ورغم أن الحكومات المتعاقبة وضعت يدها على مشكلة الزيادة السكانية إلا أنها لم تجد طريقا للحل الجذري حتى الآن، لتستمر الزيادة السكانية في تآكل جهود التنمية التي تنشدها الدولة.
بشهادة المؤسسات والمنظمات الدولية، فإن مصر تخطو خطوات واثقة وجيدة لبناء اقتصاد قوى، يحقق معدلات نمو مرتفعة تجعل من مصر قبلة للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، الأمر الذى يؤدى في نهاية المطاف إلى تراجع معدلات البطالة، وارتفاع الناتج المحلى، وتراجع فاتورة الاستيراد، فضلا عن تراجع معدلات الفقر، وتحسين جودة القطاع الطبي والصحى وغيره من القطاعات التي تمس مباشرة حياة المواطن العادي.
وبالرغم من ذلك، تصطدم تلك الجهود بمشكلة الزيادة السكانية التي تأكل الأخضر واليابس، فلا يشعر المواطن بأى تحسن في حياته لا خدمات ولا تعليم ولا صحة، إن مصر تستقبل كل 15 ثانية طفلا جديدًا، أي نحو 270 طفلا في الساعة، فسجلت مصر زيادة قياسية في المواليد في العام الفائت لتصل إلى 2.3 مليون بحسب بيانات حكومية.
إن الزيادة السكانية الرهيبة كفيلة بالقضاء على كل تنمية اقتصادية تنشدها الدولة، وحسنا فعلت الدولة مؤخرا بوضع يدها على أسبابها الرئيسية من أجل وضع حلول طموحة، تمكننا من الخروج من عنق الزجاجة، وتجعل المواطن راضيا عن آداء حكومته .
أستطيع القول بأن بعض الحلول التي وضعتها الدولة للقضاء على المشكلة ، ليست كافية، بل يجب البحث عن حلول سحرية خارج الصندوق، والاستعانة بخبرات الدول التي عانت من هذه المشكلة، لنبدأ من حيث انتهى الأخرون، وفى هذا السياق فإن تجربة الصين في التعامل مع الزيادة السكانية يشار إليها بالبنان.
اعتمدت الصين "سياسة الطفل الواحد" من أجل كبح جماح الزيادة السكانية الرهيبة، فنجحت نجاحا قياسيا، وتراجع معدل نمو السكان هناك بشكل كبير، وبطبيعة الحال زاد معدل النمو مقابل تراجع عدد السكان، فشعر المواطن بالتنمية، بل إن الصين وضعت قدميها داخل نادى السبع الكبار.
إن دراسة تطبيق"سياسة الطفل الواحد" يجب ألا تغيب عن ذهن المسؤولين في مصر، بيد أنه ليس شرطًا تطبيق التجربة "الملهمة" "كابي بيست"، كون كل مجتمع يتمتع بخصائص مختلفة، بل إن المطلوب تقييم وتنفيذ هذه التجربة على أرض الواقع دون الاصطدام "بصحيح الدين"، فضلا عن البحث عن حلول تحفيزية تشجع المواطن على اتخاذ قرار يغير من مسار ثقافة مجتمعية استمرت عقودا وعفا عليها الزمن ، فالمطلوب الآن أيها السادة تغيير "ثقافة الأولاد عزوة"، وأن تذهب المقولة الخالدة:"عاوزة تربطى جوزك هاتيله أورطة عيال" إلى غياهب الجب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة