من كان يظن أنه عندما تم ترشيح أولاف شولتس لمنصب المستشار من قبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في أغسطس 2020 بعد خسارته في 2019 المعركة على رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الفوز بالمنصب، ليس فقط لأن الحزب كان يتوق لقيادة يسارية صريحة، لكن أيضاً لأن البراجماتي الانطوائي كما كانوا يصفونه، لم يتمكن من كسب قلوب الاشتراكيين الديمقراطيين العاطفيين في كثير من الأحيان، لكن ذلك كله لم يمنع شولتس من أن يكون رابع مستشار لألمانيا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد فيلي برانت وهيلموت شميت وغيرهارد شرودر.
وأدى المستشار الألمانى الاتحادي الجديد، أولاف شولتز اليمين الدستورية في البوندستاج، بعد أن استلم أوراق تعيينه من الرئيس فرانك شتاينمر.
وأقسم شولتز- من بين أمور أخرى - أن يكرس طاقاته من أجل رفاهية الشعب الألماني، والعمل على مصلحتهم وإبعاد الضرر عنهم.
وكان البوندستاج صباح اليوم قد انتخب شولتز لمنصب المستشار التاسع لجمهورية ألمانيا الاتحادية بغالبية الأًصوات، بحضور والديه وأخواته وزوجته، فمن هو؟
كان أولاف شولتس، الذي يشغل منذ 2018 منصب وزير المالية ونائب المستشارة ميركل، وهو الحصان الوحيد الذى يمكن لحزبه الرهان عليه، بعد أن كان الحزب يتراجع بشكل كبير في استطلاعات الرأي.
وتعرض شولتس للسخرية عندما أدعى أن سيصبح المستشار القادم.، بيد أن الطريقة الرزينة التي خاض بها حملته الانتخابية هي أحد أسرار نجاح المستشار، أولاف شولتس.
ويقيم شولتز المولود في مدينة أوسنابروك عام 1958، مع زوجته، بريتا إرنست، في مدينة بوتسدام بالقرب من برلين، تشغل زوجته منصب وزيرة التعليم في ولاية براندنبورج.
وتعرض شولتس للعديد من الهزات في مسيرته السياسية، غير أن ذلك لم يهز ثقته بنفسه ويحيده عن دربه، ولا حتى لجان التحقيق البرلمانية في فضائح مالية هزت ألمانيا كفضيحة "وايركارد" تمكنت من إثبات أى شىء عليه.
وشق أولاف شولتس طريقه فى درب السياسة بإصرار ودأب، وتغير الرجل بشكل ملحوظ في مسيرته، حيث شغل منصب نائب رئيس منظمة الشباب في الحزب وقاد حملة في الثمانينات من أجل "اشتراكية راديكالية للتغلب على الاقتصاد الرأسمالي". بيد أنه ومن خلال عمله كمحام متخصص في قضايا العمل في هامبورغ تعلم رجل القانون، أولاف شولتس، آليات عمل الاقتصاد والشركات الخاصة، ما ترك آثراً على شخصيته.
وحُسب شولتس على الجناح المحافظ في الحزب، وهذا لم يكن فقط فيما يتعلق بالاقتصاد السياسي، وكوزير داخلية في ولاية هامبورج قام بخطوات جريئة في محاربة الاتجار بالمخدرات، وكأمين عام للحزب دفع ضد إرادة الكثير من رفاقه ذوي التوجهات اليسارية لتبني "أجندة 2010" لإصلاح سوق العمل، وهذا الإصلاح وضع العاطلين عن العمل تحت مزيد من الضغط.
ويدأب شولتس على تكرار نفس العبارات التكنوقراطية بشكل آلي لدرجة أن البعض أطلق عليه لقب "شولتس مات" (شولتس الآلي)، و شولتس ليس هو الإنسان الذي يستطيع إطهار مشاعره والخروج من ذاته: هو شخص يتحكم بنفسه بشكل كامل، حتى في لحظات الفرح، حيث يدعي أناس عرفوه عن قرب وعملوا معه على مدار سنوات أنهم لم يسمعوه قط رافعاً صوته أو حتى يصرخ بأحدهم، عندما يكون غاضباً.
ويشغل شولتس مناصب حكومية منذ 2007، في البداية كوزير للعمل ومن ثم عمدة ولاية هامبورج، وفي عام 2018 أضحى وزيراً للمالية ونائباً لميركل، ويقال إن عينه كانت على المستشارية منذ ذلك الوقت.
زاد نفوذه في زمن الجائحة بعد أن قدمت وزارته مساعدات بمليارات اليورهات للمتضررين من كورونا، وعرف كيف يستفيد من الجائحة لوضع نفسه في مركز ومقدمة المشهد.
وكان شعاره أن ألمانيا بإمكانها مواجهة الوباء من الناحية المالية، في نهاية 2022 سيترتب على ألمانيا 400 مليار جديدة من الديون.
وعد شولتس فى حملته الانتخابية بأن ألمانيا سيكون بمقدورها تحمل تلك الديون: "لا يتعين على أحد الخوف من ذلك. فعلناها من قبل في أزمة 2008-2009 وسنفعلها من جديد في غضون عشر سنوات".
وينتظر شولتس أيضاً ملفات سياسية شائكة ناهيك عن إدارة حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب، صحيح أن الانسجام كان كبيراً أثناء محادثات تشكيل الإئتلاف الحكومي، غير أن الخلافات ستظهر لاحقاً بالتأكيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة