ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت فى قاعة السينودس بالفاتيكان وقفة تأمل افتتح بها المرحلة الأولى الإيبارشية منالمسار السينودسى للجمعية العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة، حول موضوع "من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة،مشاركة ورسالة"، الذى سيُحتفل به فى عام ٢٠٢٣ وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها قال فيها أريد أولاً أن أشكركم على حضوركمهنا فى افتتاح السينودس. لقد أتيتم من دروب وكنائس عديدة وكلٌ منكم يحمل فى قلبه أسئلة وآمال وأنا متأكِّد من أنا الروح القدسسيقودنا وسيمنحنا نعمة المضى قدمًا معًا والإصغاء إلى بعضنا البعض والبدء بمسيرة تمييز لزمننا ونتضامن مع جهود ورغبات البشريّة. لنعش هذا السينودس بروح الصلاة التى وجهها يسوع إلى الآب من أجل تلاميذه: "ليكونوا بِأَجمَعِهم واحِداً". هذا ما نحن مدعوون إليه: إلى الوحدة، والشركة، والأخوة التى تولد من الشعور بأنّ محبّة الله الوحيدة تعانقنا جميعًا، بدون تمييز، ولا سيما نحن الرعاة، كما كتب القديس قبريانوس: "يجب أن نحافظ بحزم على هذه الوحدة وندافع عنها، لاسيما نحن الأساقفة الذين نرأس الكنيسة ،لكى نقدّم دليلًا على أنّ الأسقفية أيضًا هى واحدة وغير منقسمة". وبالتالى وفى شعب الله الواحد نسير معًا لكى نعيش خبرة كنيسة تنال وتعيش عطيّة الوحدة وتنفتح على صوت الروح القدس.
وتابع البابا فرنسيس يقول إنّ كلمات السينودس الأساسية هى ثلاث: شركة، مشاركة، ورسالة. الشركة والرسالة هما تعبيران لاهوتيانيرمزان إلى سر الكنيسة ومن الجيد تذكرهما. لقد أوضح المجمع الفاتيكانى الثانى أن الشركة تعبِّر عن طبيعة الكنيسة ذاتها، وفى الوقت عينه أكد أن الكنيسة قد نالت رسالة إعلان وتأسيس ملكوت المسيح والله فى جميع الشعوب، ويشكل هذا الملكوت. البذرة والبداية على الأرض. كلمتان تتأمل فيهما الكنيسة وتتشبّه بحياة الثالوث الأقدس، سر الشركة فى الداخل ومصدر الرسالة إلى الخارج. بعد فترة من التأملات العقائدية واللاهوتية والرعوية التى ميزت قبول الفاتيكان الثانى، أراد القديس بولس السادس أن يختصر فى هاتين الكلمتين - الشركة والرسالة - الخطوط الرئيسية التى أعلنها المجمع. وفى ذكرى افتتاحه، أكد أن الخطوط العامة كانت الشركة، أى التماسك والكمال الداخلى، فى النعمة، فى الحقيقة، وفى التعاون والرسالة، أى الالتزام الرسولى إزاء العالم المعاصر.
وأضاف الحبر الأعظم يقول فى ختام سينودس ١٩٨٥، بعد عشرين عامًا من اختتام الجمعيّة المجمعيّة، أراد القديس يوحنا بولس الثاني أيضًا التأكيد على أن طبيعة الكنيسة هى الـ koinonia ومنها تنبثق رسالة كونها علامة للاتحاد الحميم للعائلة البشريّة مع الله. وأضافإنه لمن المناسب أن يتم الاحتفال فى الكنيسة بسينودسات عادية، وعند الضرورة، بسينودسات استثنائيّة ولكن لكى تكون مثمرة من ضرورى أن يتمَّ الإعداد لها، وبالتالى من الضرورى أن يتمَّ العمل فى الكنائس المحلية على تحضيرها بمشاركة الجميع. وها هى الكلمة الثالثة، المشاركة. تواجه الشركة والرسالة خطر البقاء مصطلحات مجردة إلى حد ما، ما لم يتم تطوير ممارسة كنسية تعبر عن حقيقة السينودسيّة فى كل خطوة من خطوات المسيرة والعمل، وتعزيز مشاركة حقيقية للجميع. أود أن أقول إن الاحتفال بالسينودس هو أمر جميل ومهم على الدوام، لكنه يكون مفيد حقًا إذا أصبح تعبيراً حياً عن كوننا كنيسة، وعن عمل يتسم بالمشاركة الحقيقية.
وتابع الحبر الأعظم يقول وهذا ليس من أجل متطلبات الأسلوب، وإنما لمتطلبات الإيمان. المشاركة هى أحد مُتطلبات إيمان المعمودية. كما يؤكّد القديس بولس الرسول، "فإِنَّنا اعتَمَدْنا جَميعًا فى رُوحٍ واحِد لِنَكونَ جَسَدًا واحِدًا". هذه هى نقطة الانطلاق فى الجسد الكنسي وليس هناك غيرها: المعمودية. منها، مصدر حياتنا، تأتى الكرامة المتساوية لأبناء الله، حتى فى اختلاف الخدمات والمواهب. لهذا، يُدعى الجميع للمشاركة فى حياة الكنيسة ورسالتها. وبالتالى إذا غابت المشاركة الحقيقية لشعب الله بأسره، تواجه الخطابات حول الشركة خطر أن تبقى مجرّد نوايا تقيَّة. لقد أحرزنا بعض التقدم فى هذا المجال، ولكن لا يزال هناك بعض الجهد ونحن مجبرون على تسجيل مشقة ومعاناة العديد من العاملين الرعويين، وهيئات المشاركة فى الأبرشيات والرعايا، والنساء اللائى ما زلن غالبًا على الهامش. إن مشاركة الجميع هى التزام كنسى لا غنى عنه.
وأضاف البابا فرنسيس يقول إن السينودس، فيما يقدّم لنا فرصة كبيرة لارتداد راعوى فى مفتاح رسولى ومسكونى أيضًا، لا يُستثنى من بعض المخاطر. أذكر ثلاثة. الأول هو الشكلية. يمكن تحويل السينودس إلى مجرّد حدث رائع، مجرّد واجهة، تمامًا كما لو كان المرء ينظر إلى واجهة جميلة لكنيسة ما دون أن يدخل إليها. فيما أن السينودس هو مسيرة تمييز روحى فعلى، لا نقوم بها لكى نُعطى صورة جميلة عن أنفسنا، وإنما لكى نتعاون بشكل أفضل فى عمل الله فى التاريخ. لذلك، إذا تحدثنا عن كنيسة سينودسيّة، لا يمكننا أن نكتفي بالشكل وحسب، وإنما نحتاج أيضًا إلى مادة وأدوات وهيكليات تُعزّز الحوار والتفاعل بين شعب الله، ولاسيما بين الكهنة والعلمانيين. وهذا الأمر يتطلب تغيير بعض وجهات النظر الهرميّة والمشوهة والجزئية حول الكنيسة، والخدمة الكهنوتية، ودور العلمانيين، والمسؤوليات الكنسية، وأدوار الإدارة، وما إلى ذلك.
وتابع الأب الأقدس يقول الخطر الثانى هو خطر العقلانيّة: أى أن نحول السينودس إلى مجموعة دراسة، مع مداخلات راقية وإنما مجردة حول مشاكل الكنيسة وشرور العالم؛ نوع من "التحدث عن أنفسنا"، حيث نتقدم بطريقة سطحية ودنيوية، وينتهى بنا الأمر بالوقوع مرة أخرى فى التصنيفات الإيديولوجية والحزبية العقيمة المعتادة، وننفصل عن واقع شعب الله المقدس، عن الحياة الملموسة للجماعات المنتشرة فى جميع أنحاء العالم. فى الختام، قد يكون هناك تجربة الجمود: بما أننا قد "قمنا بذلك دائمًا على هذا النحو"، فمن الأفضل ألانغيِّر. إنَّ الذين يتحركون فى هذا الأفق، حتى بدون أن يتنبّهوا لذلك، يرتكبون خطأ عدم أخذ الوقت الذى نعيش فيه على محمل الجد. يكمن الخطر فى أن يتمَّ فى النهاية تبنى حلول قديمة لمشاكل جديدة: قِطعَة مِن نَسيجٍ خام، تجعل فى النهاية الخَرق أَسوَأ. لهذا السبب، من المهمّ أن تكون المسيرة السينودسيّة حقًّا عمليّة فى سيرورة مستمرة، تُشرك، فى مراحل مختلفة وابتداءً من الأسفل الكنائس المحلية فيعمل شغوف وملموس يطبع أسلوب الشركة والمشاركة الذى تتميّز به الرسالة.
وأضاف الحبر الأعظم يقول لنعش إذًا هذه الفرصة للقاء والاصغاء والتأمّل كزمن نعمة يسمح لنا، بفرح الإنجيل، بأن نغتنم ثلاث فرص على الأقل. الأولى هى السير ليس من حين لآخر وإنما بشكل منظّم نحو كنيسة سينودسيّة: مكان مفتوح يشعر فيه كل فرد بأنه فى بيته ويمكنه أن يشارك. كذلك يمنحنا السينودس الفرصة لنصبح كنيسة اصغاء: فنتوقف للحظة عن وتيرتنا اليومية ونوقف مخاوفنا الراعوية لكى نتوقف ونصغى. فنصغى إلى الروح فى العبادة والصلاة، ونصغى إلى الإخوة والأخوات حول تطلعات وأزمات الإيمان فى مناطق مختلفة من العالم، والحاجة الملحة لتجديد الحياة الرعوية، والعلامات التى تأتى من الوقائع المحليّة. ختامًا، لدينا فرصة أن نصبح كنيسة قرب، لا بالكلمات فحسب، وإنما تُرسِّخ بالحضور، روابط صداقة أكبر مع المجتمع والعالم: كنيسة لا تنفصل عن الحياة، بل تأخذ على عاتقها ضعف وفقر زماننا وتضمِّد الجراح وتداوى القلوب المنكسرة ببلسم الله.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، ليكن هذا السينودس زمنًا يسكنه الروح القدس! لأننا بحاجة إلى الروح القدس، لنفس الله الجديد على الدوام، الذى يحررنا من كل انغلاق، ويحيى الميت، ويحلَّ القيود، وينشر الفرح. الروح القدس هو الذى يرشدنا إلى حيث يشاء الله وليس إلى حيث يمكن أن تقودنا أفكارنا وأذواقنا الشخصية. لقد كان الأب كونغار يتذكر: "لا يجب أن نصنع كنيسة أخرى، وإنما أن نصنع كنيسة مختلفة". من أجل "كنيسة مختلفة"، منفتحة على الحداثة التى يريد الله أن يقترحها عليها، لنطلب الروح القدس بقوة ومثابرة، ولنضع أنفسنا بتواضع بالإصغاء له، ولنسر معًا، كما يرغب هو، خالق الشركة والرسالة: بطاعة وشجاعة. تعال ايها الروح القدس. أنت الذى تبعث لغات جديدة وتضع على شفاهنا كلمات الحياة، إحفظنا من أن نصبح كنيسة متحف،جميلة وإنما صامتة، مع الكثير من الماضى والقليل من المستقبل. تعال بيننا، لكى لا نسمحنَّ خلال الخبرة السينودسيّة، بأن تخنقنا خيبة الأمل، وأن نخفف النبوءة، وينتهى بنا الأمر إلى تحويل كل شيء إلى مجرَّد مناقشات عقيمة. تعال يا روح المحبة، افتح قلوبنا على الإصغاء. تعال يا روح القداسة، جدد شعب الله القدوس، تعال أيها الروح الخالق، وجدِّد وجه الأرض.
وفى السياق قال الأنبا باخوم النائب البطريركى لشئون الإيبارشية البطريركية فى مصر إنه يشكر الرب على هذه الفرصة المباركة لمشاركته فى أعمال افتتاح السينودس بروما من أجل كنيسة سينودسية تتميز بالشركة والمشاركة والرسالة .. وذكر الأنبا باخوم فى كلمته الأتى:
أقدم نفسى أنا الأنبا باخوم، النائب البطريركى لشؤون الإيبارشية البطريركية والأسقف المسؤول عن اللجنة الأسقفية للإعلام... أنتمى للكنيسة القبطية الكاثوليكية، إحدى الكنائس الشرقية والتى تتميز فى تكوينها الأساسى بالسينودسية، فسينودس الأساقفة هو السلطة الأعلى لكنيستنا بالاتحاد الدائم وبشركة كاملة مع قداسة البابا، فكلمة سينودس ليس جديدة بالنسبة لنا، ولكن ما هو جديد، هواتساع هذا التعبير إلى كل الشعب، كل المؤمنين. نعم هذا جديد، هذا فعلًا من الروح القدس، نسير معًا كشعب الله، ككنيسة واحدة وليس مجموعة فقط لاغير. نسير معًا كأبناء للرب، متحدين بالمسيح بالروح القدس.
وتابع فى كلمته: بالنسبة لى المسيرة هى مسيرة داخلية ..أولًا وقبل كل شيء المسيرة السينودسية هى مسيرة داخلية، أولًا حيث نتحرر مما يفرقنا، يكبلنا ويمنعنا من أن نكون معًا. هى مسيرة هدم لهذا الحائط الداخلى بينى وبين الآخر، ومن هنا يبدأ السير معًا، وهذه المسيرة أساسها إعلان الخبر المفرح، اليوم وهنا فى هذا الواقع، أساسها ربط سر الفصح بواقع الإنسان، واقع الكنيسة بكل أعضائها ومن هنا تنطلق معًا.. اليوم نبدأ المسيرة... ثانيًا نرى فى الوثيقة التحضيرية أهمية التركيز على التمييز الروحى عمل الروح القدس وأرغب أن نضيف أيضًا مركزية المسيح، فى هذه المسيرة :- نسير معًا لأنه هو يقودنا إلى الاب، لذا أضيف إذ أمكن لي: كنيسة سينودسية تسير معًا على ضوء الروح القدس، تابعين للمسيح نحو الأب.. إذًا من أجل كنيسة تسير نحو الاب فى المسيح والروح القدس.
واقترح فى كلمته امداد الفترة التحضيرية بالإيبارشية لفترة أكبر حتى سبتمبر ٢٠٢٢، وأيضا أهمية تكوين شعب الله بما فيه، نحن الاكليروس على كيفية سماع صوت الرب، صوت الروح القدس.
افتتاح السينودس بالفاتيكان
افتتاح السينودس بالفاتيكان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة