عقدت وزارة الأوقاف ندوة للرأى تحت عنوان "كيف نستعيد قيمنا وأخلاقنا الجميلة بمبنى الإذاعة والتليفزيون"، تحدث فيها الشيخ أحمد دسوقى مكى مدير عام شئون القرآن الكريم، والشيخ مصطفى عبد السلام إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه.
وفى كلمته أكد الشيخ أحمد دسوقى مكى أن الأخلاق ركن أساس فى رسالة الإسلام، بل أن الأخلاق هى القاسم المشترك بين الأديان جميعًا، وفى الوصايا العشر التى جاءت فى أواخر سورة الأنعام قال عنها سيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما) هذه من المشتركات الإنسانية التى لم تنسخ فى أى ملة من الملل، أو أى دين من الأديان، أو أى شريعة من الشرائع، إذ لا يوجد دين، أو شريعة أباحت الكذب، أو الغدر، أو الخيانة، أو عقوق الوالدين، أو أكل مال اليتيم، أو الظلم، وكان رسول (صلى الله عليه وسلم).
وتابع مكى:" يقول : “إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت”، فمن خرج عن الأخلاق والقيم لم يخرج على منهج الإسلام فحسب , بل خرج على سائر الشرائع السماوية والتعاليم الإلهية والأخلاق الفاضلة، وانسلخ من القيم الإنسانية، ولقد مدح القرآن الكريم نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله :” وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ”، ولما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة (رضى الله عنها) عن أخلاق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) قالت : ” كان خلقه القرآن”، والهدف الأسمى لرسالة النبى (صلى الله عليه وسلم ) هى :” إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ ”، وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” أن أَحَبَّكُمْ إلى وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ ويُؤْلَفُونَ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إلى وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَشَدِّقُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ ”، ولما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) : مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : ” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ” .
وأكد مكى أنه ينبغى أن نتحلى بمكارم الأخلاق من الصدق , والأمانة , والمروءة, والكرم , والوفاء بالعهد , وسائر الأخلاق الكريمة النبيلة , وأن تكون دعوتنا للناس بالقدوة والعمل أكثر من الكلام , وأن يكون عملنا خالصا لوجهه سبحانه , مبتغين فى ذلك كله رضاه سبحانه وتعالى , مؤثرين طاعته ورضاه على الدنيا وما فيها, دون رياء أو نفاق أو تكسب بالدين أو متاجرة به .
وفى كلمته أشار الشيخ مصطفى عبد السلام إلى أن أساس هذا الدين العظيم هو مكارم الأخلاق ومحاسنها، فما من كتاب دعا إلى مكارم الأخلاق مع كل الناس مثل القرآن الكريم، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) الذى تنزل عليه القرآن كان أنموذجًا عمليًّا فى امتثال الأخلاق القرآنية، فقد كان أجمع الخَلْق خُلُقًا، لأنه كان أجمعهم للقرآن تطبيقًا وامتثالا، كما ورد فى حديث السيدة عائشة (رضى الله عنها) حين سألها هشام بن عامرٍ (رضى الله عنهما) قال : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثِينِى عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَتْ: (أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟) قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: (فَإِنَّ خُلُقَ نَبِى اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ الْقُرْآنَ).
كما عدد عبد السلام، فضائل المعاملة الحسنة فى الإسلام قائلًا: من يتتبع نصوص القرآن الكريم وسنّة النبى (صلى الله عليه وسلم) يجد أنها اعتنت بمعاملة الناس معاملة حسنة، ولننظر إلى الآية الكريمة التى جمعت أصول فضائل المعاملة الحسنة قال تعالى: ” خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ “، فجمعت الآية الكريمة أصول الفضائل ومكارم الأخلاق فيما يتعلّق بمعاملة الإنسان مع الغير، كما أوضّحَ فضيلته أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأخلاق والإيمان، وكل عمل يقوم به العبد المسلم يحتاج إلى الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة ولا شك أن من فقد الإيمان والتقوى فَقَدَ تلك الأخلاق، وكلما كان المؤمن أكثر أخلاقًا كان أكمل إيمانا، مؤكدًا أن العبادات لا يمكن أن تؤتى ثمرتها المرجُوّة إلا إذا ظهر أثرها فى سلوك المرء وأخلاقه وتعامله مع الآخرين، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، ومن لم ينهه حجه وصومه عن اللغو والرفث والفسوق فما انتفع بحج ولا بصيام .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة