تحديات كبري واجهتها صناعة الصحافة والإعلام على مستوى العالم، فما بين الضغوط الاقتصادية المتزايدة، والصراع المفتوح بين إدارات الصحف العالمية الكبرى ومواقع التواصل الاجتماعي بسبب انتهاك حقوق الملكية الفكرة والمنافسة غير العادلة في سوق الإعلانات الإلكترونية، كان لتداعيات وباء كورونا الاقتصادية أثر بالغ السوء علي صناعة الصحافة، ما دفع المئات من الصحف على مستوى العالم إلى تسريح عاملين، والاضطرار في كثير من الأحيان إما للإغلاق أو التحول للإصدار الرقمي فقط.
وذكر تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية أن الصحافة الورقية باتت في طريقها للانقراض، مشيراً إلى أنه من المفارقات أن احد الصناعات الأكثر تضرراً خلال تفشي الفيروس التاجي كانت مهنة الإبلاغ والتحذير من كورونا.
وأغلقت العديد من الصحف الورقية نهائيا أو قامت بتسريح شبه كلي للعاملين فيها في الأشهر الأربعة الماضية، فيما توقع الخبراء أنه سيكون حدثًا "على مستوى الانقراض" لهذه الصناعة.
وتأتي الأخبار السلبية الأخيرة لصناعة كانت في حالة تدهور منذ فترة فحالة الصحافة التي تم فحصها في Ghosting the News ، وهو كتاب للمؤلفة مارجريت سوليفان من واشنطن بوست، التي تحدد حالة الصحافة في أمريكا ، والحاجة الماسة لإحيائها.
وكتبت سوليفان أنه في حين أن المعلومات المغلوطة التي نشرها الرئيس الامريكي دونالد ترامب وأنصاره وترديدهم "للأخبار المزيفة" عن أي شيء ضد الرئيس أو إدارته هو شيء مهم، إلا أن هناك أمور آخري يجب الالتفات لها.
وأضافت سوليفان أن المصادر الأكثر مصداقية هي المنافذ المحلية وهي الأكثر تضررا مما يحدث وهي التي تدفع الثمن الباهظ للديموقراطية مما يؤثر سلبا علي قدرة المواطنين على امتلاك شعور عام بالواقع والحقائق الذي يعتبر أساس الحكم الذاتي.
وعانت صناعة الأخبار ، حيث تميل الأرباح إلى التفاوت بين ضئيلة وغير موجودة ، بشكل خاص على مدى الأشهر الأربعة الماضية، وأفادت الجارديان في تقريرها أن عشرات الصحف الورقية قد استغنت عن الموظفين أو أغلقت بالكامل ، ففي أبريل أبلغت بيني أبرناثي الخبيرة في الصحافة واقتصاديات الوسائط الرقمية في جامعة نورث كارولينا ، صحيفة الجارديان أنها تتوقع الإغلاق للمئات من الصحف.
لكن سوليفان قالت أن هذه الخسارة الحادة هي نتيجة تراجع طويل، موضحة انه تم إغلاق أكثر من 2000 صحيفة منذ عام 2004.
ووقفا للتقرير يقع الكثير من المسئولية على عاتق فيس بوك وجوجل حيث استحوذوا على الإعلانات التي كانت تعتمد عليها الصحف المحلية، ثم كان ركود عام 2008 يعني المزيد من الخسائر.
وقالت سوليفان في كتابها إن الجولات الكثيرة من عمليات التسريح أدت إلى انخفاض جودة الكثير من الصحف بعد تسريح المحررين وكانت النتيجة أن العديد من المجتمعات لم تعد تمتلك صحيفة مخصصة للتغطية المحلية مما أدى إلى "تصحر إخباري".
وفي عام 2018 ، وجدت دراسة أجرتها جامعة نورث كارولينا ، أن 1300 مجتمع أمريكي قد فقدت تغطية إخبارية تمامًا.
وأشارت سوليفان إلى قضية أخرى وهي ارتفاع تكاليف الاقتراض البلدية لأن الوكالة ليست موجودة - وهكذا تصبح الحكومة المحلية أقل كفاءة وأكثر عرضة للفساد أو على الأقل تبذير في الإنفاق، وحذرت من تفاقم الأمر خاصة إذا فاز الرئيس ترامب بولاية رئاسية أخرى مع الأخذ في الاعتبار كرهه لوسائل الإعلام التي تخالفه على حد قولها.
وأضافت: "لا أعرف أنه يمكن إثبات ذلك ، لكنني أعتقد اعتقادًا راسخًا أن هجمات ترامب على الصحافة تسببت في إلحاق الأذى".
مارجريت سوليفان
وأشارت سوليفان إلى النجاح الذي حققته بعض المنظمات غير الهادفة للربح في السنوات الأخيرة كوسيلة لإحياء المؤسسات لثرواتها، ومن بينها المنظمات الوطنية مثل ProPublica التي استطاعت أن تقدم محتوي جيد دون معاناة كبيرة.
وقالت سوليفان إنها تأمل أن تستمر المنافذ التقليدية وخاصة الصحف الإقليمية في العمل على زيادة الاشتراكات الرقمية بطريقة تدعمها حيث يجب أن يكون هناك العديد من الطرق المختلفة لملء الفراغ المتزايد، مشيرة إلى أن الطريقة التي تعمل بها ديمقراطية الولايات المتحدة التي تعتمد بشكل مباشر على إعلام المواطنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة