كواليس ثورة 23 يوليو كما حكتها زوجة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر .. تحية كاظم تكشف كيف استعد زوجها للثورة وكيف أخفى عنها اجتماعات الضابط الأحرار..ما هى رسالة الزعيم الراحل لزوجته قبل الخروج للإطاحة بحكم الملك؟

الأربعاء، 22 يوليو 2020 06:12 م
كواليس ثورة 23 يوليو كما حكتها زوجة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر .. تحية كاظم تكشف كيف استعد زوجها للثورة وكيف أخفى عنها اجتماعات الضابط الأحرار..ما هى رسالة الزعيم الراحل لزوجته قبل الخروج للإطاحة بحكم الملك؟ جمال عبد الناصر وتحية كاظم
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كيف برر جمال عبد الناصر لزوجته اجتماعاته المكثفة بزملاءه الضباط في المنزل وقصة تصحيح أوراق الامتحانات؟


ماذا قال جمال عبد الناصر لزوجته عن طريقة اقتحام مقر القيادة العامة وحديثه عن عبد الحكيم عامر وأنور السادات ومحمد نجيم؟

ما هي رسالة أنور عكاشة لزوجة الزعيم الراحل صباح اندلاع الثورة؟

كيف رأت تحية كاظم زوجها هو يصرخ في الضابط أمام قصر القبة ليلة الثورة؟

 

توفيت منذ عشرات السنوات ، ولكن تركت كنزا ضخما من المعلومات عن تفاصيل حياة زوجها الزعيم، نعم كانت قليلة الظهور في الأضواء، ولا أحد يعرف عنها الكثير، ولكن مذكراتها احتوت على الكثير والكثير عن رمز ثورة 23 يوليو 1952، إنها تحية كاظم زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مذكرات تحية عبد الناصر، زوجة الرئيس الراحل ، والتي حصل عليها اليوم السابع، كشفت كافة الكواليس الخاصة بحياة الزعيم منذ أن تقدم لطلب يدها، حتى وفاته في عام 1970، تفاصيل لا يعرفها الكثيرين عن حياة عبد الناصر، ولم تجسدها الدراما المصرية ولم يتحدث عنها السياسيين الذين عاصروه، ولم تكشفها الكتب، إنها تفاصيل حكتها أقرب الناس إليه، وأكثر من عاشت معه.

 

المذكرات تحتوى على الكثير من محطات حياة الرئيس الراحل، ولكن نحن هنا نتحدث عن تفاصيل ثورة 23 يوليو 1952، في ذكرى مرور 68 عاما عليها، لذلك اخترنا مذكرات تحية كاظم لنكشف تفاصيل تنشر لأول مرة عن الثورة وزعيمها، والتي كانت لها أثر كبير في تاريخ مصر وحولتها من الملكية إلى الجمهورية، ونحن هنا نسرد تلك التفاصيل كما قالتها زوجة الزعيم الراحل.

 

في أحد فصول المذكرات يحمل عنوان "قبل الثورة"، تكشف فيه تحية كاظم تفاصيل الساعات الأخيرة قبل اندلاع الثورة، ورسائل الرئيس الراحل لها وكافة تحركاته داخل منزله وخارجها حيث تقول : قبل الثورة بأيام قليلة قال لى إنه مشغول جدا في امتحان كلية أركان حرب ، وإنه يشتغل فى تصحيح أوراق الامتحان ، وقال لى : اخرجى واتسلى واذهبى الى السينما مع أخواتك ، واصحبى معك هدى ومنى وخالد – وكان عمره سنتان ونصف - ليروا ميكى ماوس ولتذهبى سينما الفالوجة .. وهى قريبة من منزلنا وممكن نذهب لها ماشيين ، أو أى سينما تعجبك فى مصر الجديدة وأغلبهم صيفى الآن والجو حار .. فقلت : نعم سأذهب .. وبقيت كما أنا سعيدة هانئة كل وقتى مشغول ، وذهبت للسينما واصطحبت الأولاد كما قال لى .

 

وتتابع تحية كاظم: قبل خروجه فى الصباح قال لى : جهزى أكل زيادة لعدد من الضباط .. ويخرج بعضهم ويحضر غيرهم ثم ينصرفوا ، ويخرج إما بمفرده أو مع واحد منهم ثم يرجع البيت ، ويظل يشتغل وينام ساعات قليلة، وظل جمال هكذا حتى قبل الثورة بيومين ، وفى الليلتين قبل الثورة لم ينم وظل بملابسه العادية جالس فى حجرة السفرة على الترابيزة يشتغل، وفى الصباح فى الساعة السابعة يدخل الحجرة ليستبدل ملابسه بالملابس الرسمية ونتناول الافطار سويا ، وقبل خروجه يقول لى : جهزى غداء زيادة لأننا سنجلس كالأمس فى تصحيح أوراق الامتحان .. ويحيينى ويخرج .

 

وتقول زوجة الرئيس الراحل: كان عبد الحميد - ابنى البالغ من العمر ثمانى شهور - حصل له توعك ، وكنت أريد تغيير غذائه ويلزم أن يراه الدكتور الذى يعالج أولادنا ، فعندما رجع جمال من الشغل فى الظهر دخل كعادته يلاطفه ووجده متوعكا فقلت : أريد الذهاب للدكتور لينظم له غذائه .. متى ستكون فاضى حتى نذهب ؟ فقال لى : إنى مشغول جدا ، فاطلبى الدكتور ليحضر هنا أو يمكنك الذهاب فى تاكسى.. وكانت تلك أول مرة لا يجد وقت للذهاب معى للدكتور ، وفى اليوم التالى ذهبت له بمفردى، وكان قبل خروجه قد طلب أيضا تجهيز غداء زيادة لعدد من الضباط .

 

 

ليلة الثورة

 

وتتحدث تحية كاظم باستفاضة عن ليلة ثورة 23 يوليو قائلة في مذكراتها: اليوم الثانى والعشرين من يوليه سنة 1952الساعة السابعة صباحا .. دخل جمال الحجرة وكان يلبس الملابس العادية .. القميص والبنطلون ولم ينم طول الليل ..جالس فى حجرة السفره يشتغل كالليلة السابقة ..حيانى واستعد للخروج واستبدل ملابسه بالملابس العسكرية وتناولنا الافطار سويا، ثم خرج ورجع عند الظهر ، وتناول الغداء مع الضباط وظل معهم فى الصالون وحجرة السفرة وقت ثم خرج الضيوف، وتحدث معى جمال وقال : لما لا تخرجى وتأخذى معك هدى ومنى وخالد وتذهبى للسينما والجو حار وتتسلى ويذهب معك أخواتى .. فقلت : نعم سأفكر فى الذهاب .. وحيانى وخرج . بعد خروجه وقرب المغرب فضلت أن أخرج أمشى بالقرب من الحديقة التى أمام قصر القبة ، وكانت ليست مزدحمة كالآن وأغلب البيوت فيلات والمشى لطيف بالقرب من القصر حيث رائحة الزهور ، وخرجت ومعى هدى ومنى وخالد ومشينا حتى بعد الغروب ورجعنا وكانت الساعة قبل الثامنة .. قال لى شقيقه : إن أخى حضر من وقت قصير وسأل عنك وعن الأولاد وأخبرناه بأنك تتمشى عند قصر القبة . وبعد قليل حضر جمال وكان يلبس القميص والبنطلون ووجدنى في الصالة مع الأولاد .. حيانى وقال : أنا جيت وسألت عنك ولم تذهبى للسينما .. فقلت له : إنى فضلت الخروج والمشى فى الهواء الطلق والأحسن أن لا أترك ميدو وأغيب عنه وقت أطول .. فأخذ يتكلم مع أولاده ويلاطفهم ويقبلهم بحرارة ويقول لهم أسماء الدلع التى اعتاد أن يقولها لهم ، ويقبل هدى ومنى وخالد وعبد الحميد وكنت أحمله على كتفى ، وخرج بمفرده بنفس الملابس .. القميص والبنطلون .

 

وتتابع: تناول الأولاد العشاء وناموا مبكرين كعادتهم ، وظل ميدو البيبى حتى تناول وجبة الساعة التاسعة ونام ..وجلست مع الليثى وشوقى ، وقبل الساعة الحادية عشرة مساء قمت ودخلت حجرة النوم .رجع جمال ودخل الحجرة وكنت مستلقية على السرير وكانت مضيئة ، كان من عادته يغسل وجهه قبل النوم فقلت في نفسى : إنه لم ينم ولا ساعة منذ يومين وها هو الليلة سينام مبكرا.. وجدته بعد أن غسل وجهه فتح الدولاب وأخرج البدلة العسكرية ووجدته يرتديها .. فقمت وجلست وقلت له بالحرف : انت رايح فين بالبدلة الرسمية دلوقت؟..وكانت أول مرة أسأله انت رايح فين منذ زواجنا ..فرد على بكل هدوء وصدر رحب قائلا : أنا لم أكمل تصحيح أوراق كلية أركان حرب ويجب أن أنتهى من تصحيحها، وغدا تكون كلها كاملة التصحيح، ومنذ يومين وأنا أشتغل هنا، والضابط الذى يجلس معى ونشتغل سويا قال لى نسهر الليلة فى بيته نكمل تصحيح الأوراق، وسأذهب الى الكلية وسوف لا أرجع البيت الليلة ، وانتظرينى غدا وقت الغداء .. وحيانى ، وقبل خروجه من الحجرة قال لى: لا تخرجى الى الصالة الآن يوجد فيها ضابط ينتظرنى..وأغلق الحجرة بعد خروجه منها .

 

وتستطرد زوجة الرئيس الراحل: بعد أن سمعت باب المسكن يقفل قمت وخرجت من الحجرة.. وجدت أخويه الاثنين جالسان فى حجرة المكتب فقلت لهما : إن جمال اعتقل.. فرد شقيقه الليثى قائلا: لا إنه لم يعتقل اطمئنى .. فقلت : إنه خرج وارتدى ملابسه العسكرية وينتظره ضابط كما حدث يوم أن اعتقله ابراهيم عبد الهادى.. أنا شايفة البيت مقلوب من ساعة حضورنا من اسكندرية بشكل غير معقول ، والضباط والسهر حتى الصباح .. أنا متأكدة إن رئيس الوزارة الجديد نجيب الهلالى الذى عين منذ يومين اعتقله .. فقال شقيقه : لا أبدا اطمئنى إنه لم يعتقل ..وكان على المكتب مصحف أخذه فى يده وحلف وأقسم إن جمال لم يعتقل .. فسكت وجلست فى الحجرة مع شقيقاه الاثنين ..سألنى شقيقه : هل تناولت العشاء ؟ فقلت : لا .. فقال إننا لم نتناول العشاء بعد.. فقمت وأحضرت عشاء خفيفا من الجبنه تناولناه فى حجرة المكتب، جلست معهم حتى قبل الثانية عشرة ، ثم تركتهم ودخلت حجرة النوم.. واستلقيت على السرير .

 

وتقول: بعد دقائق - وكانت الساعة الثانية عشرة – سمعت صوت طلقات رصاص كثيرة شعرت أنها صادرة من ناحية قصر القبة .. فقمت مسرعة وخرجت الى الصالة ووجدت شقيقاه فقلت : إن هذا الضرب .. الطلقات فى قصر الملك ولا بد أن يكون جمال من الذين يطلقون الرصاص ويهاجمون القصر.. وبكيت . ..واستمرت الطلقات الكثيرة حوالى عشرة دقائق ثم سكتت دقائق وعادت مرة أخرى لدقائق .. واستمريت فى البكاء فقال لى شقيقه : إن صوت الطلقات كما هو معروف يصدر من الناحية المقابلة لها وليس من المكان الذى أطلقت منه، إنها ليست فى القصر ولا تنشغلى ، ونظر الى المصحف وهم بأخذه فى يده فقلت له : لا تلمس المصحف ، سوف لا أصدقك وأنت تحلف يمين دون أن تعلم شيئا .. فرجع ولم يلمس المصحف، وبقينا جالسين فى حجرة المكتب وشعرت أن شقيقه يريد النوم فقمت ودخلت حجرتى .. ولم أنم .

 

وتكشف تحية كاظم ماذا فعل زوجها ليلة ثورة 23 يوليو قائلة: وبعد وقت وكل البيت هادئ وسكون قمت فى الظلام لأرى الشارع بعد سماعى طلقات الرصاص الكثيرة ، ومشيت لحجرة السفرة وفتحت الشباك أنظر الى الشارع . وأنا واقفه فى الحجرة فى الظلام رأيت شقيقاه دخلا وكانا فى الفرانده ، وعند رؤيتهما لى قالا : إننا انتظرنا نومك حتى نرى من الفرانده ماذا  حصل .. فقلت : وأنا أيضا انتظرت نومكما وقمت فى الظلام لأنظر من الشباك وأرى ماذا  حصل ، ورجوتهما أن لا يقفا فى الفرانده ويظهرا وقلت: أنا متأكدة إن البوليس والمباحث يراقبون بيتنا . وبقيت ساهرة أنظر من الشباك الى الشارع وأنظر من الفرانده ، وأحاول أن لا أظهر لخوفى من مراقبة بيتنا، وكنت أرى الشارع من الفرانده بسهولة ووضوح كما وصفت البيت . كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل عندما رأيت شابا يقف فى ناصية الشارع.. وهو ميدان المستشفى العسكرى فى ذلك الوقت .رأيت الشاب طويل القامة يزعق بصوت عالى ويقول :عندك .. ثم يتحرك ويمشى بخطوات ثابتة وأسمع صوتها ويروح ويجئ ويقول: عندك يا جدع بصوت عالى ، وأرى العربات تتحول وترجع من الشوارع الداخلية فى كوبرى القبه ، ومنهم من كان يمر من الشارع الذى يمين البيت المقابل لبيتنا . ولم أتبين أنه كان صوت جمال ، وأن الشاب طويل القامة الذى يتحرك بخطوات ثابتة ويقول عندك يا جدع بصوت عالى فى سكون الليل ويرجع العربات ويقفل الشارع هو البكباشى جمال عبد الناصر.. زوجى الحبيب .

 

وتضيف تحية كاظم: بقيت واقفة فى الفرانده والشباك ألاحظ هذا الشاب وقفل الشارع وأنا قلقه وأقول : ماذا؟

حصل وقت سماعى الطلقات؟ وكان همى أن لا يكون جمال أصيب فى هذه الطلقات، وقبل الساعة الثانية صباحا رأيت العربات المصفحة والدبابات والجيش ، وكان قد زود بأسلحة بعد حرب فلسطين ، فرأيت وسمعت صوت الدبابات وهى تكركر وتمر فى الشارع وتمشى في ميدان المستشفى العسكرى ، وكنت أعرف شوارع ثكنات الجيش وأمر عليها فى خروجى ، اذ كانت كلها قريبة من بيتنا ورأيت أخويه يقفزان من الفرح.

وابعت: رأيتهما يقبلان بعضهما وقالا : افرحى افرحى فقلت : وأين جمال .. والطلقات التى سمعناها ؟ وأخذت أبكى وقلت : الآن أنا فهمت إنه انقلاب عسكرى . وأخذ أخويه يهنئانى فكنت أسكت من البكاء ثم أرجع أبكى وأقول بالحرف : بس لو كنت أعرف فين جمال .. وطلقات الرصاص اللى سمعناها ؟ قال شقيقاه : لقد أخبرنا قبل خروجه أنه ذاهب فى مهمة خطيرة : فاذا  رأيتم الجيش نازل والدبابات والعربات اعرفوا إنى نجحت ، واذا  لم تروا شيئا اسألوا عنى غدا واعرفوا أنا فين . قلت : أنا الآن عرفت إنه انقلاب عسكرى ونجح ، بس أين جمال ؟ أريد أن أطمئن عليه .. وكنت أبكى وبقيت جالسه حتى الصباح لم أدخل حجرة النوم.

 

صباح يوم الثورة

 

 

وتتابع زوجة الرئيس الراحل: وفى الساعة السادسة والنصف صباحا يوم 23 يوليه سنة 1952 سمعنا خبط على الباب وفتح شقيقه ، وكان الذى حضر ثروت عكاشة وطلب مقابلتى ..ذهبت له عند الباب فمد يده وهنأنى قائلا أهنئك من كل قلبى ..  نجح الانقلاب فقلت على الفور : وفين جمال ؟ قال بالحرف : هو قريب منك بينك وبينه خمس دقائق .. موجود فى القيادة العامة وطبعا تعرفيها ؟ فقلت : إنى أمر عليها كثيرا وأعرفها جيدا.. وقال : اسمعى البيان فى الراديو الساعة السابعة .. فشكرته وانصرف، فتحنا الراديو لنسمع البيان .. وكان فى عطل في الاذاعة حتى الساعة السابعة والثلث.. وسمعنا البيان الذى قرأه أنور السادات . وفى الساعة التاسعة حضر صف ضابط وقال إنه من القيادة العامة فى كوبرى القبة ، وأن الذى أرسله البكباشى جمال عبد الناصر ليخبرنى بأنه بخير والحمد لله ، وأنه سوف لا يحضر وقت الغداء وموجود فى القيادة . وحضر أخى ودخل .. وكنا فى الصالة شقيقاه وأنا ..بعد أن صافحته قلت له يجلس فقال : أنا مستعجل وتركت مكتبى وحضرت ، ويوجد عندى ناس ينتظرونى وتركتهم وقلت لهم سوف لا أغيب ، وليس لدى وقت للجلوس .. وقال : أنا رأيت الشوارع فيها جيش ودبابات ، والاذاعة محاطه بالجيش ، وكل الميادين والأماكن المهمة فيها جيش ، وسمعت أن الجيش قام بانقلاب عسكرى فانشغلت على البكباشى جمال ، وحضرت لأطمئن لعله لا يكون من هؤلاء الضباط لأن الملك سوف لا يتركهم ، وسيعدمهم فورا، وأنا متأكد من ذلك .. فقلت له : اطمئن جمال لا يتدخل فى السياسة ، وسألنى : متى خرج من البيت ؟ قلت كالعادة خرج قبل الثامنة صباحا ، وصافحنى وخرج قبل أن نقدم له عصيرا أو قهوة .. فنظر لى شقيقاه وهما يبتسمان .. وابتسمت ، وما أن سمعت باب عربته يقفل وتتحرك حتى ضحكت وشاركنى شقيقاه فى الضحك وقهقها ، ووقفنا نضحك .. ولم أعر كلامه أى اهتمام ، وكل ما قاله لى كان فى نظرى هراء بل أضحكنى .

 

جمال عبد الناصر يكشف تفاصيل تحركاته لزوجته

وتستطرد: كنا نستمع للراديو وقراءة البيان طول النهار ، ونسمع صوت الطائرات وهى تحلق فى سماء القاهرة وتمر فوق كوبرى القبة باستمرار منذ الصباح . وفى الساعة العاشرة مساء حضر جمال ، وبعد أن هنأته من كل قلبى قال : سأبقى ساعتين فقط وأرجع الى القيادة . وحلق ذقنه وأخذ حمام واستبدل ملابسه وجلس معنا فى حجرة المكتب . أخبرته عن أخى وحضوره فى الصباح وسؤاله عنه وقلقه عليه ، وأخبرته بما قلته له .. ولم اذكر ما قاله لى عن الملك وعن رأيه فيما سيفعله ، فقال لى : إنه سيدهش غدا اذ سيرانى فى الجرائد ويرى صورا لى فى عربة جيب ، وقال إنه لف الشوارع الرئيسية فى البلد مع اللواء محمد نجيب - وكانت أول مرة أسمع اسمه -وإن البلد كلها خرجت لتحيتهم وكلها حماس . قلت له : إنى طول النهار أسمع الطائرات تمر من فوق البيت ، وحكيت له عن سهرى طول الليل حتى الصباح ، وقلقى عليه عند سماعى طلقات الرصاص .

 

وتابعت: قال جمال : لقد اقتحمنا القيادة العامة بفرقة من الجيش ومعى عبد الحكيم عامر ، ولم يصب الا اثنين فقط من الجنود .. واحد من حرس القيادة وواحد من الفرقة التى معنا . واستسلم كل الموجودين في القيادة وكانوا مجتمعين ، وأخذتهم واحدا واحدا وأدخلتهم فى مبنى المدرسة الثانوية العسكرية – وكان فى منشية البكرى فى ذلك الوقت - ثم قال : وسلمتهم للسجان حمدى عاشور .. وضحك ، وبعد أن تم كل شئ خرجت لأقفل الشارع وأرجع العربيات المارة قبل مرور الجيش ، وكنت واقف على ناصية الشارع وركنت العربية الأوستن بالقرب منى .. وأضاف وهو يضحك : لما تقلقين وأنا قريب منك على ناصية الشارع ، والعربية الأوستن بالقرب منى فى ميدان المستشفى العسكرى ؟ فقلت : إنك كنت قريب ولكن بعيد جدا .. وكان يضحك . وتحدث عن الملك وقال : لقد أرسل الملك مبعوث من قبله وأملينا عليه تغييرات وشروط ،وكل ما طلبناه منه وافق عليه فورا .

 

وحدثته عن حضور ثروت عكاشة فى الصباح وتهنئته لى وقوله : اسمعى البيان فى الساعة السابعة .. وسمعته فقال جمال : إنه أنور السادات ، وقال : لقد كان هو وزوجته فى السينما ، وعندما رجع لبيته وقرأ الورقة المكتوب فيها يحضر ارتدى ملابسه العسكرية وخرج مسرعا ، وفى طريقه للقيادة عند مدخل مصر الجديدة منعه الضابط المكلف بالوقوف هناك لعدم معرفته كلمة السر، وبعد الحاح سمح له الضابط بالمرور ، وعند مدخل القيادة منع أيضا من الدخول فلف ودار حول القيادة بدون جدوى ، وأخيرا نادى وصاح فسمعه عبد الحكيم وعلمت  بحضوره ودخل القيادة عند الفجر ، وفى الصباح أعطيته البيان ليقرأه فى الاذاعة .. وكان جمال عبد الناصر يضحك وهو يحكى عن أنور السادات . وفى الساعة الثانية عشرة مساء قام جمال وقال لى : لا تنتظرينى فسأبقى فى القيادة .. وحيانى وخرج .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة