الحدث أن سيدة مصرية ستينية وصلت مستشفى بالبحيرة، تعاني التهاب رئوي، وضيق تنفس، ولم تتمكن من دخول الرعاية، بسبب عدم وجود أماكن، حسبما أبلغ الأطباء ذويها، وتوفيت إلى رحمة الله، قبل أن يخرج ابنها "اليوتيوبر" المدعو حمو شاكر في فيديو يقول فيه إن والدته رحمها الله تعرضت لإهمال طبي تسبب في وفاتها، فكان قرار المحافظ إحالة الأطباء للنيابة.
المؤكد أنني هنا لست بصدد الدفاع عن أطباء واقعة اليوتيوبر "ماما سناء"، وأرى أن الملف برمته بيد القضاء، ومن ثم بات الإجراء كفيلاً بغل يد الجميع عن التناول بالتحليل والمعلومة، ولا يملك أحد تأكيد أو نفي التقصير الطبي، غير أن هناك عدة حقائق ووقائع في وفاة السيدة الستينية رحمها الله، جديرة بالذكر والتوقف، بل أرى أنها تستحق المساءلة، كما يحدث مع الأطباء الآن في النيابة.
أولى الوقائع السابقة لوفاة السيدة، والتي دعتنا للمطالبة بضم ابنها لقائمة المسؤولين، كان فيديو داخل "الجيم"، استخدم فيه اليوتيوبر والدته، رغم غلق الدولة لهذه الصالات، للبعد عن الاختلاط، والوقاية من فيروس كورونا، بسبب طبيعة التواجد في أماكن بهذه المواصفات ومدى خطورته على الصحة العامة.
الواقعة الثانية، كانت فيديوهات مختلفة ظهرت فيها السيدة الطيبة بصحبة ابنها اليوتيوبر، خلال تناول الفسيخ في شم النسيم، وغيرها من التجمعات التي كانت في غنى عنها، وليست ضرورية، لو أن ابنها يتمتع ببعض المسؤولية، أو الرحمة... وهنا وجب التوقف، والتحقيق، دون الخلط بين هذه الوقائع، وتحقيقات الأطباء، حتى لا يفهم البعض أني أملك تأكيداً أو نفياً لواقعة التقصير.
لا أدرى كيف للشاب المغامرة بحياة والدته وصحتها في أيام صعبة كالتي نعيشها، مقابل ظهورها في فيديو من مكان مغلق بقرار صحي وقائي، وكلنا نحاول جاهدين المحافظة على حياة أهلنا، خاصة كبار السن، وإبعادهم عن كل ما يمثل خطراً على حياتهم، لا لتقديمهم وجبة مبهجة لمتابعي قناة يوتيوب، ثم تكون نتيجة بهجة المتابعين، خطورة شديدة على صحة سيدة ستينية، لدرجة أن السيدة المتوفية ظهرت في أكثر من 10 فيديوهات خلال الشهر الجاري فقط، بعضها في أماكن تجمعات، فكيف يتحدث، وبأي عين يتهم غيره؟!
هنا لا أتحدث عن حال المستشفيات بشكل عام، ولا أدافع عن أطباء قيد التحقيق، ولا أدفع بمعلومات في الواقعة ذاتها، غير أني معني وبشدة بالتوقف عند ما سبق معاناة السيدة سناء رحمها الله، لا سيما أنها وقائع حوت من الإهمال ما يستحق المساءلة، ومن الاستهتار بحياة السيدة العجوز ما يستحق العقاب، ومن مخالفة قرارات وقائية ما يستحق فتح تحقيق مع أكثر من طرف، بينهم حمو، وصاحب الجيم المفتوح.
لا أجيد مسايرة الصوت العالي، ولا تقنعني النغمة السائدة لمجرد أن من يرددها أغلبية، وأرى أن تثبيت الصورة عند زاوية معينة، يحجب الرؤية الجيدة، وكفيل بتكوين وجهة نظر أحادية، تجافي المنطق والعقل، بل والعدل، وعليه فلن أخشى الهمس بالحق وسط الأصوات المتعالية، وأقول إن المدعو حمو شاكر، يسأل أيضاً عن وفاة والدته، سواء كانت الوفاة بكورونا أو بغيره.
العدل والإنصاف يقولان، إن التحقيقات في الاتهام بالتقصير تستكمل كما هي، وبالتوازي معها تجرى تحقيقات أخرى، مع ابن المتوفية، ذلك المستهتر بحياة والدته، وصاحب صالة الجيم، وكل من أقدم على فعلة، ساهمت في تدهور حالة "ماما سناء"، رحمها الله، وعليه نقول "استكملوا تحقيقاتكم، لكن معها، حاكموا حمو شاكر أولاً".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة