تشهد السنوات الأخيرة محاولات كثيرة لإثراء الحياة السياسية والحزبية، وهناك العديد من المسارات الديمقراطية التى شهدت ترجمة حقيقية لهذا الأمر والواقع المأمول، ففى سابقة سياسية أن يتم تشكيل ائتلاف سياسي لخوض انتخابات سواء مجلس الشيوخ أو انتخابات مجلس النواب التي جرت مرحلتها الأول بالأمس القريب يضم هذا العدد من الأحزاب السياسية تحت مظلة واحدة، الجميع يتفق على إعلاء المصلحة العامة، وممثلى كل حزب محتفظين بأفكارهم وأيدولوجية الأحزاب المنتمين إليها، وبهذا تكون جميع فئات الشعب المصري ممثلة تحت القبة، ولكن أن يكون حزب غير معروف في الشارع المصري وليس له تواجد حقيقى على الأرض لم يحالفه الحظ في انتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب 2020 فيذهب ليكيل الاتهامات للعملية الانتخابية برمتها ويشكك في الحياة السياسية برمتها أمر يثير الدهشة.
هذا ما قام به طارق زيدان رئيس حزب نداء مصر، فعلى الرغم أن قائمة "نداء مصر" حصدت 35% من الأصوات في المرحلة الأولى، إلا أنه ذهب ليتهم العملية الانتخابية بوجود بعض التجاوزات، متجاهلا أثر تلك الاتهامات على الدولة المصرية وجهودها فى تعزيز مسار الديمقراطية، وإذا افترضنا حسن النية؛ فربما يكون "زيدان" قد أغفل أن هذه الاتهامات تأتى من حزب ضعيف سياسيا وشعبيا، ولا يتمتع بأرضية ملموسة فى الشارع.
و"زيدان" بهذه التصريحات التي تتنافى مع أبجديات العملية السياسية يوفر سلاحا أسودا لأعداء الدولة فى وقت تحتدم فيها محاولات الهجوم والاستهداف، كما يخدم أجندات سياسية وأغراض خارجية ربما لا تريد الخير لهذا الوطن، أليس معنى حصول قائمة نداء مصر على هذه النسبة من الأصوات دليل على نزاهة العملية الانتخابية، وأن التصريحات التي يطلقها هي من وحى الخيال، ولا هدف منها سوى تحقيق مصالح شخصية في المقام الأول.
وكان من الأفضل أن يتدارك "زيدان" فشله في الانتخابات والوقوف على أسباب الفشل وإعادة تقييم الأمور جيدا، وأن يضع يده على مواطن الخلل، والثغرات والارتباك الذي شهدته القائمة، سواء فى تحالفاتها أو ضعف برنامجها أو عدم إخلاص أعضائها أو ما تردد عنها وعن "طارق" نفسه من سلبيات خلال مرحلة الاختيار والتشكيل بدلا من ممارسة الابتزاز بهذه الصورة الفجة.
وعلى "طارق"، أن يعمل على سدّ كل تلك الثغرات، وإعادة النظر فى الأهداف والغايات وشكل التواجد فى الشارع، وفى القرى والأقاليم والنجوع، وأن يكون أكثر إخلاصا للفكرة والقيمة وأن يتعلم من تجربة الفشل كى لا يكررها، وأن يضع خطة متكاملة للنهوض بحزبه سعيا إلى الأفضل لاحقا، واستعدادا للمشاركة فى الاستحقاقات المقبلة.
حزب "نداء مصر" الذى لا يعرفه أحد في الشارع المصري وليس له وزن سياسي على الأرض، كان على "طارق" رئيس الحزب أن يتدارك كل هذه الأخطاء قبل أن يسارع في اطلاق الاتهامات والأكاذيب، وعليه ان يعلم جيدا أن ما حققته قائمة "نداء مصر" بمثابة التجربة السياسية التي تستوجب الدراسة، فعلى الرغم مما شابها من مشكلات في تشكيلها كان سببها الرؤوس المدبرة والقائمون عليها، وإذا كان من مشكلة حقيقية عانتها القائمة، وسيعانيها الحزب نفسه مستقبلا، إلا أنها حققت 35% من نسبة الأصوات، أليس هذا دليل على نزاهة العملية الانتخابية؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة