اقرأ مع فراس السواح.. "ألغاز الإنجيل" هل تتفق الأناجيل الأربعة؟

الإثنين، 06 يناير 2020 08:00 ص
اقرأ مع فراس السواح.. "ألغاز الإنجيل" هل تتفق الأناجيل الأربعة؟ غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقوم الباحث السورى فراس السواح بدراسة الأناجيل الأربعة (إنجيل مرقس ولوقا ومتى ويوحنا) وذلك بناء على منهج يعتمد على المقارنة والتحليل، فيقف بالتالى على الكثير من الإشكاليات التى تطرحها هذه الأخيرة حول شخصية يسوع، وحياته، وسيرته، وطباعه، وميلاده، وقصة صلبه، وقيامته) وغيرها من النقاط التى يبدو أن الأناجيل لم تتفق فيما بينها عليها مثيرة بالتالى أسئلة كثيرة وجدلا واسعا، وتجدر الإشارة إلى أن ببعض هذه القضايا قد تمس العقيدة المسيحية فى الصميم، فزواج يسوع ينفى بالتالى عنه صفة الألوهة، ويصبغ عليه صفة بشرية.
 
ويحلل فراس السواح هذه الأناجيل على بقية أسفار العهد الجديد كأسفار الرسل، ورسائل بولس الرسول وسفر الرؤية وغيرها، كما يعتمد على بعض الكتب التاريخية القديمة فى دراسته لسيرة يسوع.
كتاب ألغاز الإنجيل
 
أشار فراس السواح إلى الجانب الغنوصى الذى تسلل إلى اللاهوت المسيحى من الفرق الدينية التى كانت شائعة آنذاك فى فلسطين، كما أشار إلى محاولات كتاب الأناجيل لتكييف ما دونوه مع العهد القديم والتوراة، مما جعلهم فى كثير من الأحيان يختلقون بعض الأحداث اعتمادا على المخيلة من أجل منع التناقض، كتاب يفتح الباب لقراءة كتب أخرى.
 
يقول الكتاب: هنالك سمةٌ تجمع الإنجيل إلى بقية الكتب المقدسة للديانات الكبرى، هى سمة الإشكالية، وهذه الإشكالية تنجم عن عدة عوامل فالكتاب المقدس نص قديم تفصلنا عنه عشرات القرون، هو نتاج ثقافة منقطعة عنا، وعقلية مغايرة لعقليتنا الحديثة، وطرائق فى التعبير لم تكن قد استقلت بعد عن التركة الميثولوجية للعصور القديمة.
 
والكتب المقدسة وصلت إلينا مدونة بلغات قديمة أو حتى بائدة فى بعض الأحيان، وهذا يعنى أننا نقرأ ترجمات قد لا تكون بدورها نقلاً عن نصوص أصلية، ونتعامل مع مفردات لغوية قد لا نكون فى كثير من الأحيان متأكدين من مدلولاتها.
 
كما إن هالة القداسة التى تحيط بالنص الدينى تجعل من المتدين متلقياً سلبياً له، لا ينتبه إلى إشكالياته ولا يحفل بغوامضه، إن ما يطلبه منه هو أن يكون مرشداً أخلاقياً، ودليلاً إلى حياة نفسية وعقلية سوية ومتوازنة.، وعندما يفلح النص فى أداء هذه المهمة (وهذا ما يفعله عادة) تخفت الحاجة إلى عقلنته والتفكر فى إشكالياته التى تترك للاختصاصيين الذين ما زالوا فى أمرها يختلفون.
 
فراس سواح
 
ولكن العقل الذى يطلب التصديق بعد الإيمان، ينتقل بأصحابه من حالة التلقى السلبى للنص إلى حالة التفاعل الإيجابى معه، ومن غض الطرف عن مشكلاته إلى التفكر فيها، لأن إيمان القلب دون تصديق العقل يبقى إيماناً هشاً وناقصاً؛ فالإنسان مزيج متكافئ من قلب ومن عقل، والحياة السوية تتأتى عندما لا يبغى أحدهما على الآخر.
 
هذا الكتاب موجه إلى طالبى المعرفة البحتة المنزهة عن الغرض، وإلى المؤمنين من أهل العقل لا إلى أهل الحرف والنقل، تعرض فيه لكل ما وجده إشكالياً وغامضاً فى النص الإنجيلي، ومن موقع باحث موضوعى يتعاطف فى الوقت نفسه مع حالة الإيمان.
 
ومن القضايا التى ناقشها الكتاب وجود المرأة فى حياة السيد المسيح:
 
يقول فراس سواح فى كتابه "ألغاز الإنجيل" يكاد قارئ كتاب العهد الجديد لا يلحظ دورا للنساء فى حياة يسوع التبشيرية، فحواراته كانت دوما مع الرسل الاثنى عشر الذين اختارهم لمرافقته فى حله وترحاله، وتعاليمه كانت موجهة إليهم، ولكن مؤلفى الأناجيل، تركوا لنا إشارات عابرة هنا وهناك تكشف عن دورهن المهم فى الدعوة الجديدة، وتفانينهن فى تقديم الدعم المادى والمعنوى للمعلم الذى تركن من أجله بيوتهن وسرن وراءه على طريق الآلام من الجليل إلى قياته من بين الأوات".
 
ويتابع فراس سواح "إن هذه الإشارات الغامضة التى تلفت نظرنا إلى الحضور القوى للنساء فى ذلك المحيط الذكورى كما قدمه لنا الإنجيليون، تطلعنا على حقيقة فى غاية الأهمية وهى أن عدد النساء فى بطانة يسوع المقربة ربما كان أكثر من عدد الرجال".
 
المسيح
 
ويضيف "فراس السواح": يكشف لنا تعريف لوقا "حنة / ليونا بأنها زوجة زكيل هيرودوس أنتيباس ملك الجليل، حقيقة فى غاية الأهمية وهى أن العديد من هؤلاء التلميذات كن من شرائح اجتماعية ميسورة، وكن من موقعهن المتميز هذا قادرات على دعم طبيعة حياة الترحال التى اختارها يسوع له ولجماعته".
 
ويقول فراس سواح "بعد هذه الإشارة الوحيدة والمقتضبة التى أوردها لوقا إلى وجود نساء كثيرات منذ البداية فى بطانة يسوع، تصمت الأناجيل الأربعة عن هؤلاء النسوة وصولا إلى أحداث محاكمة يسوع وصلبه ودفنه.
 
فبعد القبض على يسوع وسوقه إلى المحاكمة، انفض عنه الرسل الاثنا عشر وبقية التلاميذ واختبؤوا خوفا من الاعتقال، ولم يصحبه إلى المحاكمة إلا النساء اللواتى رافقنه بعد ذبك إلى موضع الصلب.
 
نقرأ فى إنجيل متى الذى لا يعترف بوجود النساء حتى هذا الوقت المتأخر ما يلى: "وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسى، وأم ابنى زبدى".
 
 فإذا جئنا إلى لوقا وجدناه يذكر من أسماء النساء الكثيرات اللواتى حضرن الصلب ثلاثة هن "مريم المجدلية، ويونا/ حنة، ومريم أم يعقوب" أى أنخ حافظ على قائمته التى قدمها لنا فى بداية إنجيله مع استبدال سوسنة بمريم أم يعقوب.
 
أما يوجنا، وعلى عادته فى التفرد عن بقية الإنجيليين فيقدم قائمة لا تشترك مع بقية قوائم الإنجيلين إلا ياسم المجدلية "وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه، وأخت أمه زوجة كلوبا، ومريم المجدلية.
 
ويرى "فراس سواح" أن السيدة مريم والدة المسيح، لم تمنحها الأناجيل حقا "ولم يرد اسمها إلا عرضا فى معرض التعريف بيسوع باعتباره ابن امرأة تدعى مريم" وعند يوحنا ورد ذكرها مرة واحدة فى مطلع حياة يسوع التبشيرية وذلك فى عرس قانا عندما اجترح يسوع معجزة تحويل الماء إلى خمر، ولكن دون الإشارة إلى اسمها" وفى اليوم الثالث كان عرس فى قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك".
 
يقول "فراس سواح" بعض هؤلاء النسوة اللواتى حضرن واقعة الصلب كن أول الشهود على قيامة يسوع من بين الأموات، وهى الحديث الرئيسى فى العقيدة المسيحية، ففى إنجيل متى يتراءى يسوع للمرة الأولى بعد قيامته أمام مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن. وفى إنجيل يوحنا يتراءى للمجدلية وحدها، وكذلك الأمر فى إنجيل مرقس.
 
يقول فراس سواح "فى جميع قوائم الأسماء التى يقدمها هؤلاء الإنجيليين الأربعة، نجد بينها على اختلافها قاسما مشتركا هو مريم المجدلية. وهذا إن دل على شيء فعلى أهميتها البالغة ومكانتها الهاصة لدى يسوع".
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة