لكل بلد طابعها الخاص فى الأكلات الشعبية التى تلائم طبيعة أهلها، "المخروطة والمسردة والمفروكة والكسكسى"، من أشهر الأكلات الفلاحى بمحافظة الشرقية ذات الطابع الريفى، فهى تتميز بقلة التكلفة ومذاقها الحلو وقيمتها الغذائية، والتى يلجأ إليها الأهالى للهروب من برودة الشتاء القاسية، فكانت لتلك الأكلات فى القديم قدرتها على تجميع العائلات والأطفال للاشتراك فى طبخها وتناولها ساخنة، إلا أنها فى الوقت الحاضر أصبحت تواجه الاندثار.
وداخل حى النحال أحد الأحياء الشعبية بالزقازيق، شارك اليوم السابع " أم محمود " الملقبة بملكة المخروطة، وهى واحدة من بين القلائل الذين مازالوا يعملون صناعة هذه الأكلات خاصة فى فصل الشتاء يومها فى مطبخها الذى تعد منه أكلاتها للبيع للتعرف على أسرار هذه الأكلات.
"تعلمتها من الجدة"، هكذا أكدت الطباخة الماهرة، موضحة أن هذه الأكلات من المورثات الشعبية الريفية، التى كانت تجمع العائلات لتناولها وتقدم فى المناسبات والأعياد، مؤكدة أنها عندما كانت طفلة كانت جدتها تجمع العائلة لعمل هذه الوجبات مثلها كل عائلات القرى فى ذات الوقت، واصفة هذا اليوم بـ" العيد "، نظرا لتجمع أفراد العائلة والاشتراك فى التسوية وأكلها ساخنة، لافتة إلى أن العائلات فى الأرياف من الجيران كانوا يتهادون فيما بينهم هذه الأطباق، مشيرة إلى أنه عندما كانت تعد الأسرة "الكسكسى" فكانت لهم أغنية ترددها فتيات العائلة "ياما اعملنا الكسكسى، خلى المعالق يرقصوا".
وكشفت "أم محمود " بعض أسرار الصنعة لهذه الوجبات، قائلة المخروطة وهى "عجين من الدقيق، الماء، والملح" وتفرد الفطائر وتقطع شرائح مثل الإسباجتى توضع فى حلة البخار نضع فى الجزء السفلى ماء يغلى وفى الجزء العلوى قطعة شاش ونضع شرائح العجين ونغلق عليها حتى تنضج بالبخار، لافتة من أسرارها التى تحافظ على قوام الشرائح ولا "تعجن عند الأكل" والذى يفسد مذاقها، وهى وضع المخروطة فى طبق ورش بعض المياه بالباردة عليها ثم إعادتها فى حلة البخار مرة أخرى لاستكمال التسوية لما يقرب من 10 دقائق وبذلك تصبح ناضجة تمام ومحتفظة بطعمها وتدهن بالسمن البلدى والمكسرات وعليها اللبن أو العسل وهى محتفظة بقومها.
أما "المسرودة" تؤكد أن طريقتها من المخروطة يتم تسويتها على البخار، لكنها تختلف أن الفطائر يتم تركها لعدة ساعات حتى تجف تمام، وتقطع شرائح مكعبة وليست رفيعة مثل المخروطة، وبعد التسوية تدهن بالسمن والسكر، و"المفروكة " فهى تختلف عنهم لأنها تعجن بالدقيق الذرة وتخبز مثل القرص على الفرن ساخنة، وبعد نضجها تفرك ساخنة وتقدم بالبن والمسكرات والزبيب.
وبينما " الكسكسى" والذى هو من أشهر الأكلات التى تحافظ على تواجدها بين الأطباق الشعبية، والتى تبدع العائلات فى تقديمه سواء محلى بالسكر، أو حادق "بشوربة البط" أو اللحوم، وتؤكد "أم محمود"، فهو يسوى على البخار، ولكن من أسراره وهو الفرك جيد فى الغربال، حتى يعطى اللون الأصفر، اذا ظهر لونه أبيض بعد التسوية فهو لم يتم فركه جيدة مما يفقده مذاقه.
وتؤكد قائلة: استغليت مهارتى فى تصنيع هذه الوجبات على مدار 20 سنة، لتحسين دخلى، فبدأت فى عمل الكسكسى وعرضه للبيع فى أحد المصالح الحكومية، فلاقى استحسان كل من يتناولها، لتكمل مشوارها فى هذا الطريق، حيث أعدت غرفة فى المنزل كمطبخ لتجهيز الوجبات وتسليمها كدليفرى، لافتة إلى أن وجباتها وصلت لعدد من الدول العربية والأجنبية الذين يطلبونها بالاسم، مشيرة إلى أن يومها يبدأ مع صلاة الفجر، الذى تجهز فى العجائن وتبدأ التسوية والتجهيز لتسليمها للزبائن فى المواعيد المتفق عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة