"من شواهد فضيلة البر ودلائل الكرم و الإنفاق المروءة التى هى حلية النفوس وزينة الهمم، وهى مجاراة النفس على أفضل أحوالها، روى عن النبى، صلى الله عليه و سلم، أنه قال (من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته)، وسئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة فقال، العقل يأمرك بالأنفع، و المروءة تأمرك بالأرفع، ولا ينقاد للمروءة مع ثقل تكلفها إلا من سهلت عليه المشاق رغبة فى المحمدة، وهانت عليه الملاذ حذرا من المذمة" هكذا تحدث رفاعة الطهطاوى.
نتابع مع رائد التنوير فى مصر الحديثة الشيخ رفاعة الطهطاوى (1801- 1873) أفكاره المضيئة التى طرحها فى كتب وغيرت طريقة التفكير فى مصر الحديثة التى بدأت مع محمد على باشا، ونتوقف عند كتابه "مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية".
وفى الكتاب قدم رفاعة الطهطاوى أفكاره الأساسية فى إصلاح المجتمع وتنويره، بحيث يمكن اعتباره كتابا فى التثقيف السياسى، هدفه شحذ الهمة الوطنية وإذكاء الروح المصرية من جديد.
ورأى رفاعة أن قضية التمدن أو تحديث المجتمع المصرى وتطويره تتم من خلال إصلاح بعضٍ من عاداته، حيث إن التمدن يتحقق من خلال تهذيب الأخلاق وبثِّ الفضائل بين أفراد المجتمع، وكذلك توفير وتطوير ما أسماه ﺑ "المنافع العمومية" الممثَّلة فى الخدمات العامة التى تقدمها الدولة، والصناعة والزراعة والتجارة، بحيث تفيد كافة المصريين دون تمييز، كما نبه أن عملية التمدن يجب أن يشترك فيها الجميع، كل حسب طاقته، كذلك يشير إلى مسئولية البعض عن دفع عجلة التمدن كالأمراء والمثقفين، أو من يسموا بالنخبة، من خلال دعمهم لمشروعات التعليم والثقافة ماديا ومعنويا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة