هكذا تحدث رفاعة الطهطاوى.. تخليص الإبريز فى تلخيص باريز "كتاب غير مصر"

السبت، 18 يناير 2020 11:00 م
هكذا تحدث رفاعة الطهطاوى.. تخليص الإبريز فى تلخيص باريز "كتاب غير مصر" غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما نتحدث عن مصر الحديثة فإننا حتما سنلقى الضوء على عصر محمد على باشا، وخير من يمثل هذا العصر هو رفاعة رافع الطهطاوى أبو التنوير كما يطلق عليه، ونبدأ من كتابه المهم "تخليص الإبريز فى تلخيص باريز".
 
الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافى المصرى والعربى الحديث، فهو بلا شك واحد من أهم الكتب العربية التى وضعت خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد كتبه الطهطاوى بعدما رشحه الشيخ حسن العطّار إلى محمد على باشا حاكم مصر آنذاك بأن يكون "إمام" البعثة الدراسية المصرية المتوجهة إلى باريس فى فرنسا، ليرعى الطلبة هناك، ويسجل أفعالهم.
 
تخليص الإبريز
 
وقد نصح المدير الفرنسى لهذه الرحلة رفاعة بأن يتعلم اللغة الفرنسية، وأن يترجم مدوناته فى كتاب، وبالفعل أخذ الطهطاوى بنصيحته، وألف هذا الكتاب الذى قضى فى تأليفه تدوينًا وترجمةً خمس سنوات، فأخرج عملًا بديعًا، يوضح ما كانت عليه أحوال العلوم التاريخية والجغرافية والسياسية والاجتماعية فى كل من مصر وفرنسا فى هذه الفترة.
 
وفيما يسمى "المقصد" ذكر رفاعة رافع الطهطاوى خطته للكتاب فقال إنه سيتحدث فى البداية عن مدة السفر (من مصر إلى باريس) وما رأيناه من الغرائب فى الطريق، أو مدة الإقامة فى هذه المدينة العامرة بسائر العلوم الحكمية، والفنون والعدل العجيب، والإنصاف الغريب، الذى يحق أن يكون من باب أولى فى ديار الإسلام، وبلاد شريعة النبى (ﷺ).
 
وهذا المقصد يتضمن عدة مقالات، تشتمل على عدة فصول، المقالة الأولى: فيما كان من الخروج من مصر إلى دخول مدينة (مرسيليا) التى هى فرضة من فرضات الفرنسيس، وفيها عدة فصول.
المقالة الثانية، فيما كان من دخول (مرسيليا) إلى دخول مدينة (باريس) وفيها فصلان.
المقالة الثالثة: فى دخول (باريس)، وذكر جميع ما شاهدناه، وما بلغنا خبره من أحوال (باريس) وهذه المقالة هى الغرض الأصلى من وضعنا هذه الرحلة، فلذلك أطنبنا فيها غاية الإطناب، وإن كان جميع هذا لا يفى بحق هذه المدينة، بل هو تقريبى، بالنظر لما اشتملت عليه، وإن استغرب هذا من لم يشاهد غرائب السياحة، قال بعضهم:
من لم ير الروم، ولا أهلها ما عرف الدنيا ولا الناسا
فمن باب أولى بلاد "أفرنجستان"
 
رفاعة الطهطاوى
 
المقالة الرابعة: فى ذكر نبذ من العلوم والفنون المذكورة فى الباب الثانى من المقدمة.
وذكر فيه بعض الصنائع المطلوبة، لتعرف أهميتها، ولزومها فى أى دولة من الدول، وهذه الفنون إما واهية فى مصر، أو مفقودة بالكلية.
وهى قسمان: قسم عام للتلامذة، وهو: الحساب، والهندسة، والجغرافيا، والتاريخ، والرسم، وقسم خاص متوزع عليهم، وهو عدة علوم:
العلم الأول: علم تدبير الأمور الملكية، ويتشعب عنه عدة فروع: الحقوق الثلاثة التى يعتبرها الإفرنج، وتسمى بالنواميس، وهى الحقوق الطبيعية، والحقوق البشرية، والحقوق الوضعية، وعلم أحوال البلدان مصالحها وما يليق بها، وعلم الاقتصاد فى المصاريف وعلم تدبير المعاملات والمحاسبات، والخازندارية وحفظ بيت المال.
العلم الثانى: علم تدبير العسكرية.
العلم الثالث: علم القبطانية، والأمور البحرية.
العلم الرابع: فن معرفة المشى فى مصالح الدول، ويعنى علم السفارة، ومنه (الإيلجبة)، وهى رسالة البلدان. وفروعه: معرفة الألسن، والحقوق، والاصطلاحات
العلم الخامس: فن المياه وهو صناعة القناطر، والجسور، والأرصفة، والفساقى، ونحو ذلك.
العلم السادس: الميكانيكا،  وهى آلات الهندسة، وجر الأثقال.
العلم السابع: الهندسة الحربية.
العلم الثامن: فن الرمى بالمدافع وترتيبها، وهى فن (الطوبجية).
العلم التاسع: فن سبك المعادن، لصناعة المدافع والأسلحة وغيرها.
العلم العاشر: علم الكيميا، وصناعة الورق، والمراد بالكيميا معرفة تحليل الأجزاء وتركيبها، ويدخل تحتها أمور كثيرة؛ كصناعة البارود والسكر وليس المراد بالكيميا حجر الفلاسفة، كما يظنه بعض الناس، فإن هذا لا تعرفه الإفرنج، ولا تعتقده أصلاً.
العلم الحادى عشر: فن الطب، وفروعه: فن التشريح، والجراحة، وتدبير الصحة، وفن معرفة مزاج المريض، وفن البيطرة؛ أى معالجة الخيل وغيرها.
العلم الثانى عشر: علم الفلاحة، وفروعها: معرفة أنواع الزروع وتدبير الخلا بالبناء اللائق به، وغيرها، ومعرفة ما يخصه من آلات الحراثة المدبر للمصاريف.
العلم الثالث عشر: علم تاريخ الطبيعيات، وفروعه: الحيوانات، ومرتبة النباتات، ومرتبة المعادن.
العلم الرابع عشر: صناعة النقاشة، وفروعها، فن الطباعة، وفن حفر الأحجار ونقشها، ونحوها.
العلم الخامس عشر: فن الترجمة، يعنى ترجمة الكتب، وهو من الفنون الصعبة، خصوصًا ترجمة الكتب العلمية، فإنه يحتاج إلى معرفة اصطلاحات أصول العلم المراد ترجمتها، فهو عبارة عن معرفة اللسان المترجم عنه وإليه، والفن المترجم فيه.
فإذا نظرت بين الحقيقة رأيت سائر هذه العلوم المعروفة معرفة تامة لهؤلاء الإفرنج ناقصة أو مجهولة بالكلية عندنا، ومن جهل شيئًا فهو مفتقر لمن أتقن ذلك الشىء، وكلما تكبر الإنسان عن تعلمه شيئًا مات بحسرته، فالحمد لله الذى (أنقذنا) من ظلمات جهل هذه الأشياء الموجودة عند غيرنا، وأظن أن من له ذوق سليم، وطبع مستقيم يقول كما أقول، وسأذكر بعضها بالاختصار فى آخر الكتاب إن شاء الله تعالى، وهو المستعان.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة