"مسارات التسامح فى الإسلام والمسيحية".. كيف رأى التراث العلاقة بين الدينين؟

الثلاثاء، 09 يوليو 2019 06:00 ص
"مسارات التسامح فى الإسلام والمسيحية"..  كيف رأى التراث العلاقة بين الدينين؟ غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر، حديثا، عن مركز المسبار للدراسات والبحوث فى الإمارات كتاب "مسارات التسامح فى الإسلام والمسيحية" والكتاب يقديم سيرة تاريخية وفكرية حول التسامح، متخذًا من العلاقات المسيحية - الإسلامية مثالاً لدراسة التطورات التاريخية والأطر الدينية والنظرية المرتبطة فى هذا المجال الحيوى. 
 
مسارات
 
وقدم المدخل التاريخى فى الكتاب قراءة نقدية إيجابية للمصادر المتحيّزة، التى ركزت على فهم سياق التأريخ للأديان، فرأت دراسة "المسيحيَّة فى المصادر الإسلامية" أنّ نمط التدوين يحمل وجهاً لـــ"تاريخ المعاملة أكثر منه تاريخ ديانة"، فرُصدت هذه المصادر التى قدمت التصور التاريخى للعلاقة، بدءاً من القرآن الكريم، مروراً بكتب الخراج والأحكام السلطانية وصولاً إلى معاجم الرجال والتراجم، وتختلف طرق التدوين هنا عمّا نجده فى كُتب الأموال والحسبة، وكُتب الرُّدود المشتركة حول الأمور العقائدية؛ التى تنافست على تعيين الحقائق الدينية. 
 
بينما تناولت كتب الأدب العامة والدَّيارات، فنون العمارة وأخبار الديار، وشعراء المسيحيين، وفيها يظهر التسامح فى المجالين الأدبى والعمرانى، يلى ذلك المصادر التى أرّخت للأطباء والعلماء المسيحيين بنفسٍ إيجابي، حاولت الدراسة دون تصريح أن تشجع على منهجية جديدة فى التأريخ، تقدِّم قراءة جديدة للتعايش، تعيد تدوين التاريخ المشترك بين الديانتين.
 
وتنحاز دراسة "خطابات وسياسات متسامحة فى تاريخ الإسلام" للاعتزال والفلسفة والتصوّف فى المجال الإسلامى، وتعتبر أنّ الخطاب المتسامح فى الدين الإسلامى ينبع من هذه الثلاثية، بينما تسعى دراسة أخرى للإشارة إلى أنّ المدونة التاريخية حملت استثناءات تدل على أن جذور التعايش بين أبناء الأديان التوحيدية قديمة على مستوى الاجتماع، وهذا ما يدفعنا إلى التعامل بحذر مع الروايات والأفكار التى تتحدث عن إقصاء الآخر الدينى أو العرقى، الأمر الذى يتيح لنا التفكير بإمكانات تاريخية متاحة لإحياء قيم التسامح كتجارب سابقة، على الرغم من اغتراب المصطلح عن الوعى العربى عموماً.
 
إن أحد النماذج المعبرة عن رحابة الحضارة الإسلامية نجد تمثلاته فى بناء الكنائس فى العصرين الأموى والعباسى. وتأكيداً لأهمية الكنيسة فى النسيج الاجتماعى والحضارى الإسلامى فى زمن الأمويين احترم خلفاء بنى أمية العهود والاتفاقات التى كانت بين المسلمين ومسيحيى البلاد المفتوحة، والتى تحفظ حرمة الكنائس ووجودها، ولم يجرؤ أغلبهم على تغيير بعض الأوضاع الموروثة بالرغم من السلطة التى كانت لهم.
 
وتبدو تجربة الحضارة الإسلامية فى الأندلس تجربة تاريخية فريدة فى مجال العيش والتلاقى بين الأديان، مع تأكيد الاستثناءات فيها. لذا، أوّلى الكتاب أهمية لجانبها الإيجابى الذى تطور إلى مستوى المناظرات العقائدية، التى تعزز التعارف بين المسلمين والمسيحيين، والمتأسسة على معرفة كل منهما بالآخر من حيث: اللغة والثقافة والدين، فقد كانت هذه المناظرات فى معظم الأحيان تتم بين القساوسة وفقهاء المسلمين. يرشدنا هذا النوع من الدراسات إلى أن التاريخ لا تؤسسه الصراعات والحروب فحسب، بل يقوم على التاريخ الاجتماعى والثقافى الذى يتطلب منا بذل المزيد من الجهود فى سبيل إخراجه من بطون المصادر.
 
فى سبيل دعم المشتركات الدينية بين المسيحية والإسلام، تطرق الكتاب إلى السيد المسيح فى دراستين، الأولى: «ميلاد المسيح فى الأناجيل وسورة مريم: دراسة مقارنة»، والتى هى شاهد على التقارب الذى يؤثر فى فهم النص الديني، فقدمت رواية الأناجيل القانونيّة، وتقاربها مع النصوص القرآنيّة الكريمة، وضمّت أيقونات الميلاد التى برز بعضها فى منمنمات إسلاميّة، تحاكى الرواية القرآنية لميلاد «الناصري». أما الدراسة الثانية، تطرقت إلى تمثلات السيد المسيح فى التصوف الإسلامي، باعتباره مثالاً للتربية الروحية التى ينادى بها المتصوفة، ومقاماً للإرشاد الذى يتمناه الحواريون والمريدون، وعنواناً للمحبة التى تشفى النفوس الشقية وتهذبها، فتتبعت الدراسة صورة المسيح فى التراث الصوفى الإسلامى بدءاً من «الفتوحات المكية» لابن عربي، ومن «منطق الطير» للشاعر المتصوف فريد الدين العطار، و«مثنوي» جلال الدين الرومي.
 
ودرس الكتاب المساحات المشتركة والتبادلات الدينية، بين الأقباط والمسيحيين فى مصر، على مستوى الرمز والأعياد والتقاليد، وبرهن على حجم التماهى بينهما، مما يحفزنا على تكثيف البحث العلمى فى الأنثروبولوجيا الدينية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة