ما زال الجدل قائما حتى الآن، رغم أننا نصوم اليوم الثلاثين من شهر رمضان، إلا أن كثيرين من الناس ما زالوا يناقشون الأمر ويبدون اعتراضهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ولا يعلمون كيفية رؤية الهلال.
كانت رؤية هلال شوال قد تعذرت أمس الاثنين رغم تأكيد الحسابات الفلكية ميلاده قبل ساعات من غروب الشمس، ما أثار جدلا حول كيفية استطلاع وتحديد الأشهر العربية، وهو ما نستعرضه هنا بالتفصيل، متناولين كيفية رؤية الهلال فى مصر وكيف يتم تحديد بدايات الأشهر العربية.
استطلاع هلال شهر شوال
أوضحت دار الإفتاء المصرية كيفية رؤية الهلال فى مصر، قائلة إن الرؤية تتعلق بها قضيتان: إحداهما عِلْمِيَّة والأخرى عَمَلِيَّة. أما القضية العِلْمِيَّة فهى ما تقرر شرعًا من أن القطعى مُقدَّم على الظنى، أى أن الحساب القطعى لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1966، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعنى أن الحساب ينفى ولا يثبت، وأنه يُعَدُّ تهمةً للرائى الذى يدّعى خلافه؛ وأنه إذا نفى الحساب القطعى طلوع الهلال فلا عبرة بقول من يَدَّعِيه، وإذا لم ينفِ ذلك فالاعتماد حينئذٍ على الرؤية البصرية فى إثبات طلوعه من عدمه.
ومن القطعى أيضًا أنَّ شهر رمضان لا يكون أبدًا ثمانية وعشرين يومًا، ولا يكون كذلك واحدًا وثلاثين يومًا؛ بل هو كبقية الشهور القمرية، إما ثلاثون يومًا وإما تسعة وعشرون يومًا؛ فعلى المكلَّف فى مثل هذه الحالات أن يضع فى اعتباره أمرين: الأول ألَّا يزيد شهر صومه على ثلاثين يومًا ولا يَقِل عن تسعة وعشرين يومًا، والثانى ألَّا يتعارض ذلك مع الحساب الفلكى القطعى.
أمَّا إذا رُؤِى مثلًا هلالُ شوال فى مصر ولم يُرَ فى البلد الأخرى، أو بالعكس، مع كون الرؤيتين داخلتين فى نطاق الإمكان الفلكى، ومع صحة عدد أيام الشهر، فإن الصائم يتبع حينئذٍ هلال البلد الذى هو فيه؛ صيامًا أو إفطارًا؛ إذ لامحظور حينئذٍ من زيادةٍ على الشهر أو نقصٍ فيه أو مخالفةٍ للحساب القطعى. وبناءً على ذلك يجب على كُلِّ أهل بلدٍ متابعةُ إمامهم فى رؤية الهلال من عدمها؛ وذلك بشرط إمكان الرؤية بالحساب الفلكى.
أمَّا منهج دار الإفتاء المصرية فيتمثَّل فى عدة خطوات، هى أنَّ الرؤية تكون لجميع الشهور، ولا تقتصر على الشهور التى تتعلّق بها العبادات الشرعية الإسلامية؛ وهى شهر رمضان وشوال وذى الحجة، حتى تنضبط رؤية هلال رمضان وهلال ذى القعدة، وذلك من أجل الوصول إلى أصوب تحديد لأوائل الشهور الثلاثة ذات الأهمية فى عبادة المسلمين.
كما أن الرؤية تكون عن طريق اللجان الشرعية العلمية التى تضم شرعيين ومختصين بالفلك، وعددها 7 لجان مبثوثة فى طول مصر وعرضها، فى أماكن مختارة من هيئة المساحة المصريَّة ومعهد الأرصاد بخبرائه وعلمائه، تتوفر فيها شروط الجفاف وعدم وجود الأتربة ومعوّقات الرصد. وتلتزم دار الإفتاء فى ذلك بقرارات مؤتمر جدة التى لا تخرج عن منهج دار الإفتاء، من الاعتماد على الرؤية البصرية من ناحية، والاستئناس بالحسابات الفلكية الدقيقة من ناحية أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة