المولى عز وجل قال فى محكم تنزيله، القرآن الكريم، فى سورة العنكبوت: «فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ».. وقوله تعالى فى سورة القمر: «لقد تركناها آية فهل من مدكر».. وقوله تعالى أيضا فى سورة الشعراء: «إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَان أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ».
إذن سفينة نوح، وبشكل قاطع وجازم، ما زالت باقية، لتكون آية وعبرة وذكرى لكل مذكر، وشاهدة على الحدث الأبرز والأهم فى التاريخ البشرى، والذى يراه علماء وباحثون فى علوم الأديان، والتاريخ أيضا، أن الطوفان حد فاصل ما بين نهاية بشرية بطريقة كارثية قبل الطوفان، وبداية بشرية بعد الطوفان، ومن هنا يأتى التشبيه بين سيدنا آدم عليه السلام، وسيدنا نوح عليه السلام.
ونظرا لأهمية حدث الطوفان، وجلال شأنه، فإن الله سبحانه وتعالى، أبقى على السفينة، لتكون عبرة للبشر جيلا بعد جيل، وكل المفسرون وفطاحل اللغة، من قتادة بن دعامة، والسيوطى وابن المنذر، وغيرهما، كثر، أكدوا أن السفينة باقية، واستقرت على الجودى، تأسيسا على ما ورد فى سورة هود، إذ قال المولى عز وجل: «وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء أقلعى وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين».. والجودى اسم جبل، رست عليه سفينة نوح عليه السلام.
ولذلك فإن البعثات الأثرية، خاصة من العرب والمسلمين، ركزت فى البحث والتنقيب عن السفينة فى جبل الجودى، وتم العثور على بقايا أخشاب، اعتقدوا أنها لسفينة نوح عليه السّلام فى قمّة هذا الجبل، وأكد هؤلاء الأثريون، أنّ أجزاء السفينة مكثت على قمة جبل الجودى حتى زمن بنى العباس، وكانت مزارا من قبل.
وللعلم، فإن هناك اختلافا على تحديد دقيق لموقع جبل الجودى، وتعددت الاجتهادات والآراء حول موقعه، فيقول الأصفهانى: إنَّ جبل الجودى هو جبل فى الجزيرة العربية، وهو أحد الجبلين الواقعين فى منطقة قبيلة طىء، وهى قبيلة كبيرة منتشرة فى عدد من البلاد العربية.. بينما هناك رأى مغاير، يؤكد أن جبل الجودى ضمن سلسلة جبلية تُسمّى الكاردين، وتقع شمال شرق جزيرة ابن عمر الواقعة فى شرق دجلة، وعلى مقربة من الموصل.. بينما ذكرت التوراة أنَّ موضع استقرار سفينة نوح هو جبال آرارات، وهو جبل ماسيس الذى يقع فى أرمنستان.. بينما هناك رأى يقول إن جبل الجودى يقع فى شرناق بتركيا.
كما أن هناك عدة مسميات أطلقت على جبل الجودى، فالجبل معروف لدى العرب باسمه الوارد فى القرآن الكريم، «الجودى».. بينما يطلق الإيرانيون على الجبل اسم «جبل نوح».. والأتراك يطلقون عليه اسم جبل «كرداغ» وتعنى الجبل المنحدر.. بينما الأكراد يطلقون عليه اسم «كاردو».. واليونانيون يطلقون عليه اسم جوردى.
وعلى النقيض من اكتشافات العرب لبقايا أخشاب فوق جبل الجودى، فإنه فى عام 1959 اكتشف المغامران الأمريكيان رون وايت وديفيد فاسولد آثار يُحتمل أنها لسفينة نوح فى شرق تركيا، ولقد نشرت صحيفة Life magazene فى سبتمبر 1960 تحقيقاً عن خبر اكتشاف سفينة نوح مدعوما بالصور.
وزار وايت موقع السفينة عام 1977 وأكد أن موقع السفينة يرتفع حوالى 6.300 قدم فوق سطح البحر، وعلى ما يقرب من 200 ميل عن البحر، ويلقى هذا الاكتشاف اهتماما بالغا من السلطات التركية فقط، وتعتبره كنزا وتراثا وطنيا عظيما، يجب استثماره سياحيا، رغم أن هذا الاكتشاف لم يلق اهتماما من أى كيان علمى أثرى فى العالم..!!
واستمر الولع خلال السنوات الأخيرة، بالبحث عن سفينة نوح، وانصب اهتمام مؤسسات علمية دولية ذات سمعة كبيرة فى البحث والتنقيب، بجانب علماء بارزين فى البحث والتنقيب عن الآثار، وجيولوجيين وجغرافيين، وغيرهم من العلماء لمعرفة مكان السفينة..!!
إذن السفينة لم يتم العثور عليها بشكل جازم، حتى الآن، لتكون آية وعبرة كما وردت فى القرآن، ومازال البحث جاريا، والسؤال اللغز، أين موقع السفينة، ولماذا لم تذكره الحضارة المصرية من قريب أو بعيد..؟!!
وللحديث بقية إن شاء الله.. إن كان فى العمر بقية..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة