دينا شرف الدين

مكارم الأخلاق (١٣).. "الحب "

الجمعة، 15 فبراير 2019 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
و كما هو المعتاد دائماً ، نستهل مقال اليوم  عن فضيلة الحب بقول النبي الكريم المحب محمداً صلي الله عليه و سلم 
                               " إنما بعثت لأتمم  مكارم الأخلاق "
 
ربما يندهش البعض لكون( الحب)  أحد أهم مكارم الأخلاق ، فمعني الحب قد يكون لدي الكثيرين قاصراً  علي الحب الرومانسي بين الرجل و المرأة   أو ربما  لانهم لم يتعمقوا كثيراً  بالمعني الحقيقي الأوسع و الأشمل للحب .
 
فالحب هو المحسن الطبيعي لسلوك الانسان تجاه الأشياء طواعية دون إجبار  أو إلزام  ، و قد قيل أن الحب يشفي من الأمراض و يطيل العمر و يكسب الشخص مناعة و قوة لا يقو أي شئ آخر علي منحها إياه .
فإن ساد الحب بما يحمله من طيب القول و السلوك بين الناس و بعضها  صح المجتمع و استقام  و شفي من أمراضه و أدران نفسه .
 
و علي الرغم من أن الحب هو أحد مكارم الأخلاق و لكنه ذو سطوة و تأثير  شديد علي باقي القيم و الفضائل الأخلاقية
فالحب الصادق له القدرة علي تحويل الأشخاص تماماً و تغيير سلوكياتهم و أخلاقياتهم  عن طريق إكسابهم بعض الأخلاقيات التي لم تكن موجودة لديهم من قبل كالعطاء و الوفاء و التسامح ، أو تفعيله لقيم أخلاقية موجودة بالفعل لدي الشخص لكنها غير مفعلة و ربما لا يعلم هو نفسه بوجودها داخله .
 
و الحب له من الأشكال و العلاقات ما لا حصر له ، إذ أنه لا يقتصر علي علاقات البشر ببعضهم البعض فحسب  و إنما يتسع ليشمل العلاقات بين كافة المخلوقات التي تمشي علي الأرض و تطير بالسماء و تغوص بأعماق البحار ، 
و الأعمق من ذلك أيضاً تبادل هذه العلاقة النبيلة بين بني البشر و غيرهم من مخلوقات الله الأخري كالحيوانات و الطيور  .
 
 
و عن  "المحبة" قال الله تعالى: 
".. وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني"        طه: 39، 
وهي تدل على محبة الله لنبيه موسى عليه أفضل الصلاة والسلام، 
وقال عز وجل
 "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم"                                              آل عمران: 31. 
وهذه الآية الكريمة من الآيات الكثيرة التي توضح محبة الله عز وجل لمن اتبع رسله وثبت على الإيمان والجهاد في سبيله
 
و قد كشفت دراسة مصرية صادرة عن مركز الأقصر للحوار والتنمية أن مشاعر الحب في مصر القديمة كانت معلنة وظاهرة، 
 
و أوضحت تلك الدراسة أن الآلهة  ( إيزيس وحتحور )  ، كانتا من أبرز آلهة الحب والبهجة والسعادة لدى القدماء المصريين، الذين قدروا أيضا المعبودة "أفروديت" آلهة الحب والجمال لدى الرومان واليونانيين، إبان حكمهم لمصر 
 
كما أوضحت دراسة ثالثة صادرة عن مركز إيزيس لبحوث المرأة ،  أن الفراعنة اتخذوا من فصل الربيع موسما للحب ،  وأن المصري القديم احتفى بمحبوبته وعشيقته وزوجته وكان يعبر عن عواطفه تجاهها في احتفالية يطلق عليها "الوليمة".
 
 
فلو تحاب الناس وتعاملوا بالمحبة لاستغنوا بها عن العدل فقد قيل: 
العدل خليفة المحبة يستعمل حيث لا توجد المحبة، إذ أنها  أفضل من المهابة، لأن المهابة تنفر والمحبة تؤلف، فطاعة المحبة أفضل من طاعة الرهبة، 
 
ولعلنا نتذكر هذا القول: 
"كل قوم إذا تحابوا تواصلوا وإذا تواصلوا تعاونوا وإذا تعاونوا عملوا وإذا عملوا عمروا، وإذا عمروا عمروا وبورك لهم" 
                                 من كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني ، 
 
أي أن المحبة بين الناس هي الضامن الذي لا مساس به للإرتقاء بالبشر و التسارع في الخيرات و التعاون علي كل ما هو طيب 
فأيهما أحسن و أفضل ، أن تكون علاقة الأب بأبنائه علاقة رهبة أم علاقة حب ، و كذلك علاقة المرؤوس برئيسه في العمل ، و التلميذ بمدرسه ؟
بالطبع علاقة الحب و الود أكثر إيحابية و إنجاز و إقبال و محاولات ارتقاء و تحسن غير منقطعة لكسب الثقة التي يقابلها تشجيع مستمر  دون تخويف أو ترهيب قد يفقد الإنسان حماسه و انطلاقه و يسلبه طاقته الإيجابية التي تتغذي بشكل أساسي علي الشعور بالحب .
 
 
و خير ختام لمقال اليوم عن فضيلة الحب ، كلمات النبي الكريم صلوات الله و سلامه عليه  إذ قال ::
 
"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا  ولا تؤمنوا حتي تحابوا ، أفلا ادلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتهم، "أفشوا السلام" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" و"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".                                 رواه مسلم 
 
 
"عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 
"آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار"       رواه البخاري
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أحب الله عبدا عسله" فقيل: وما عسله؟ قال "يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله حتى يرضى عنه جيرانه" أو قال من حوله، رواه أحمد، 
ومعنى الحديث بصفة عامة أن من أحبه الله تعالى طيب ذكره والثناء عليه من الناس مثلما يطيب العسل الطعام الذي يوضع فيه
 
 
               و إلي لقاء مع فضيلة أخلاقية جديدة من مكارم الأخلاق
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة