تعرف على رسالة الفنان الجزائرى سيد أقومى فى اليوم العربى للمسرح 2019

السبت، 05 يناير 2019 11:40 ص
تعرف على رسالة الفنان الجزائرى سيد أقومى فى اليوم العربى للمسرح 2019 سيد احمد اقومي
كتب جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اختارت الهيئة العربية للمسرح الفنان الجزائرى سيد أحمد أقومى ليلقى رسالة اليوم العربى للمسرح يوم 10 يناير، والذى سيتوافق مع افتتاح الدورة الـ11 لمهرجان المسرح العربى فى مصر وهذه نص الرسالة التى كتبها:

جئت إلى المسرح لأنه كان حلمى، المسرح هو فن الوهم الذى يؤازر الحقيقة ويقف فى وجه الأكاذيب، وجئت إلى المسرح حين أدركت أن الخيال يستطيع أن يغير الواقع، حين كان التاريخ دجلاً، أردت أن أعتلى الخشبة لأقول الحقيقة. لم يكن المسرح بالنسبة لى قناعة فكرية فقط، بل كان إيماناً يلامس الروح، كنت أحمل جمرة المسرح بغبطةِ و فرحِ من يحمل أغلى كوهينور(KOHINOOR)  ماسة فى العالم، المسرح عندى درب سرى مدهش قادنى إلى ماهيتى، إلى كينونتى الحقيقية؛ لم أكن أمثل، كلا أبداً، كنت أعيش، أعيش أسئلتى، عزلتى، حيرتى، دهشتى، تمردى، ثورتى، عذاباتى، فرحى، انسانيتى؛ كنت أنهمر على الخشبة بكل كيانى وكان المسرح هو الخلاص.

جئت الى المسرح حين كان الليل يخاف من النهار .. دخلته فى الزمن المناسب .. عشته مع فنانين استثنائيين.. دخلت تفاصيل حلمى الذى بدأ فى سن السادسة، كان حلمى الوحيد أن أكون ممثلا مسرحيا لا غير.

كان المرحوم "محمد بوديا" ينظر إلى باندهاش ويقول: كيف لشاب فنان ومثقف مثلك ألا يدخل معترك السياسة ؟ ! كنت اضحك وأجيبه:”لقد كذبت على أبى حين وعدته – من أجل أن يتركنى فى الحضرة المقدسة للمسرح – أن أكون سفيراً أومحامياً أوطبيباً لكننى أبداً لم أعده أن أكون سياسيا وقد كنت على الخشبة سفيراً للحلم الإنسانى و محامياً لكل القضايا العادلة وطبيباً يحاول أن يجد دواءً للحماقة البشرية.

سأعود إلى بدايات هذا الحلم، إلى بدايات المسرح فى الجزائر بعد زيارات الفرق المسرحية العربية المتكررة للجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، اكتشفت النخبة الوطنية أن هذا الفن خطير وفعال، يمكنه أن يغير و يخلق لدى الجمهور وعياً سياسياً. لذا تأسست الفرق المسرحية والجمعيات، و كان هدف هذا التأسيس هو تكريس وعى وطنى من أجل تحرير الجزائر؛ من هذه الفرق الفرقة الفنية لجبهة التحريرالوطنى التى تأسست بتونس و التى كان يشرف عليها أستاذى المرحوم مصطفى كاتب.

ولقد استمر هذا النهج بعد الاستقلال وهو خدمة القضايا الوطنية و كل قضايا الشعوب التى تسعى الى التحرر من كل أنواع الهيمنة؛ فى هذا السياق، أرى انه على الفنان المسرحى الحقيقى، كى لا يكون أداة دعائية , الاحتفاظ بشعلة الإبداع لديه والابتعاد عن التسطيح .

إن المسرحى المسكون بالتمرد هو دائم الانخراط فى القضايا الإنسانية. إنه اللامنتمى بامتياز، والمنتمى بامتياز أيضا للحق و الخير و الجمال؛ ذلك أن المسرح ليس بياناتٍ سياسيةً أو شعاراتٍ فارغةً أو خطبَ جوفاء.

إذا أصبح المسرحى فى خدمة هذا النوع من المواضيع، فما عليه، إلا مغادرة بناية المسرح و حملَ الأبواق و الاتجاه إلى مقرات الأحزاب و التجمعات السياسية، و ليعلن موته هناك.

إننا نتقاسم مع السياسيين أحيانا نفس الفضاءات و نتوجه لنفس الجمهور، ومثلهم نطمح للتأثير على المتلقي، لكن الفرق شاسع بيننا.

قد يقول البعض إن شكسبير نفسه كان يهتم بالسياسة، هذا صحيح، لكنه لم يكن سياسيا، لقد كان فنانا مبدعا عملاقا، وتأتى إشاراته السياسية فى ثنايا مسرحياته بذكاء ودهاء كبيرين، ولم تكن مسرحياته غارقة فى السياسة والأيدولوجيا.

يريد منا السياسيون أن نكون همزة وصل ولقد قالها لنا ذات يوم الرئيس الراحل هوارى بومدين أريدكم أن تكونوا همزة وصل بين القمة والقاعدة.

عفوا أيها الحضور الكريم، المسرحى الحقيقى لا يمكن أبدا أن يكون جسراً أو بوقاً أو همزة وصل، إنه صوت الحقيقة وضمير الأمة،عليه أن يحمل بأمانة الرسالة”ليكون رسولا و ليس عبدا مأجورا”الرسالة التى وجد من أجلها المسرح، ألا وهى خدمة قضايا الإنسان، وعليه أن يجعل أى فضاء يتحرك فيه حدثاً مسرحيا يشجع على التفكير والمساءلة و النقد.

يتحدث الكثير من المثقفين و الإعلاميين و السياسيين ضد العنف اللفظى والبدنى الممارس على بعض الفئات و الأفراد، لكنهم يتناسون او يتجاهلون العنف الذى مورس و يمارس منذ زمن طويل على الفنان المسرحي، و الذي- للأسف الشديد – لم يصنف بعد كمبدع للقيم الجمالية، و إنما استُهجِنَ فنُّه بتصنيفه كمهرج – مضحك – عجاجبى.

هذا التصنيف ظل مكرساً فى اللاوعى الجمعى إلى يومنا هذا، و لهذا ظل الفنان المسرحى فى أدنى المراتب الاجتماعية.

لقد تنازلت عن لقبى و اخترت اسما مستعاراً”سيد احمد أقومي”من أجل المسرح و المسرح فقط، فالمسرح كينونتي، وهويتى التى أعتز بها حيثما أكون. وحتى حين أكون فى المنفى، فإن لى فى كل بناية مسرحٍ وطناً، و فى كل خشبة أقف عليها حبل سرى يجمعنى بأخى الإنسان.

وإذا كان المسرح الإغريقى قد بنى فلسفته على مبدأ الصراع بين البشر والآلهة، فعلينا نحن كمسرحيين عرب فى هذا الزمن الشائك أن نوظف فننا السامى لخدمة مجتمعاتنا، وذلك بإرشاد المتلقى إلى منابع الفهم و الحكمة ومن أجل التغيير، التغيير الذى لا يكون بالوقوف ضد أشباه الآلهة فوق هذه الأرض فقط، ولكن من أجل ذلك التغيير الذى يصنع منا متمردين حتى النخاع، تمرد الفهم المقدس الذى يعرف الكثير عن الأعالى و الأعماق، وليس مجرد ثوريين سطحيين.

تلك هى رسالة المسرح.. وهذا هو المسرح الذى أريد.. شكراً للهيئة العربية للمسرح على هذا التكريم الذى أسعدنى كثيراً، إنه تكريم للمسرح الجزائرى العريق، وهو أيضاً تكريم للشهيدين الكبيرين علولة و مجوبى ..شكراً لأنكم جعلتمونى استحضر فى هذه اللحظة أصدقائى وزملائى الذين رحلوا، وصنعوا من مسيرتهم مناراتٍ نهتدى بها كلما حاصرتنا الظلمات والعواصف.

شكراً للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى لدعمه المستمر للمسرح، ذلك لأنه يدرك أن المسرح يبنى ما يعجز عنه السياسيون.

و”سيبقى المسرح ما بقيت الحياة.

والفنان الجزائرى سيدى أحمد أقومى لمن لا يعرفه هو ممثل مسرحى وسينمائى وتليفزيونى ومدير سابق للمسرح الجهوى بقسنطينة ومدير سابق للمسرح الجهوى لعنابة ومدير أول دار للثقافة بالجزائر بتيزى اوزو ومدير سابق لمركز الثقافة والإعلام بالجزائر ومدير سابق للمسرح الوطنى الجزائرى إلى غاية مارس 1993 وعمل كممثل مسرحى فى الأعمال التالية : مسرحية الفوهن لمولود المعمرى ومسرحية ابن المرارة لسليمان بنعيسى ومسرحية رسول دون إله لسليمان بنعيسى وغيرها وفى السينما والتلفزيون قدم  مغترب على المدينة لجمال بنصالح وذات مرة بالواد لجمال بنصالح وقائلو الحقيقة لكريم طرايدية وشارك فى فيلم السكرية لحسن الإمام.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة