نشأت فى أسرة من الطبقة الوسطى، وعلى الرغم ما لعالم الأغنياء من جاذبية فإن ما يثير اهتمامى حقا هو عالم الفقراء؟ لماذا؟ هذا هو المدخل إلى كتاب "الفقر والتعليم".. ماذا يفعل الفقر بمخ أطفالنا؟ وماذا تفعل المدرسة لتصلح ما أفسده الفقر؟ تأليف إيريك جنسن ترجمة صفاء الأعسر، والصادر عن المركز القومى للترجمة.
ويقول المؤلف إيريك جنسن فى مقدمة كتابه: "لقد استحوذ علىّ تساؤل مبدئى لازمنى على مر السنين، فأنا ببساطة لم أستطع أن أتفهم لماذا لا يستطيع الفقراء أن ينقذوا أنفسهم خارج دائرة الفقر؟ كنت أعتقد أن هؤلاء الفقراء لو أنهم بذلوا جهدا أكبر، أو كانت لديهم قيم أفضل، لتمكنوا من تحقيق النجاح، هكذا ببساطة".
ويتابع إيريك جنسن الآن تبينت أن هذا الاتجاه شديد السطحية والتحيز بل التعصب، وكان على أن أكتشف ذلك بنفسى، لقد تفتحت عيناى، وتغير شىء ما بداخلى، ويرجع الفضل فى ذلك إلى خبرات اكتسبتها وتعلمتها بالبحث والسفر، اليوم أصبحت أعرف أكثر عما يدور فى الأسرة المحرومة التى تعانى الفقر.
يقول إيريك جنسن، لم يدفعنى هذا التطور والتغير فى تفكيرى لكتابة هذا الكتاب وإنما ما دفعنى فعلا سؤال بسيط: إذا كانت خبرات الحياة تدفع بأطفال الفقراء إلى الأسوأ، فلماذا لا تغيرهم خبرات الحياة أيضا إلى الأفضل؟ لقد رأيت وسمعت كثيرا عن أطفال من أسر محرومة بائسة يحققون النجاح فى المدرسة.
بينما تقول المترجمة صفاء الأعسر، الفقر والتعلیم.. إشكالیة تتجاوز حدود الزمان والمكان، علاقة مركبة ذات طاقة ذاتیة تغذى نفسھا بنفسھا، الفقر والتعلیم وجھان لعملة واحدة، والتعلیم الجید ھو السبیل المشروع الوحید للخروج من دائرة الفقر.
وتتابع صفاء الأعسر، الفقر والتعلیم إشكالیة تلتقى عندھا مجالات المعرفة المختلفة، الصحة، والقانون، والاقتصاد، والأمن، والدين.. إلخ، إذا كان لكل من ھذه التخصصات نصیب في الإشكالیة فإن نصیب علم النفس بصفة عامة وعلم النفس العصبى بصفة خاصة نصیب أكثر اتساعا وأكثر عمقا؛ ولذلك فسوف تركز ھذه المقدمة على النظر لإشكالیة الفقر والتعلیم من منظور علم النفس العصبى المعرفى، ونلخصھا فى العنوان الفرعى للكتاب فى تساؤل: وماذا يفعل الفقر بمخ أطفالنا؟ ماذا تفعل المدرسة لتصلح ما أفسده الفقر؟
وترى صفاء الأعسر، ينطلق الاھتمام بترجمة ھذا الكتاب من حقائق إحصائیة وعلمیة تمیعت مع كثرة تداولھا؛ منھا: نسبة الأمیة الصريحة فى المجتمع، نسبة الأمیة المقنعة بین النشء والشباب، نسبة الفقر فى المجتمع، مظاھر الانحراف، نسبة التسرب، نسبة البطالة.
تجتمع كل خیوط ھذه المشكلات فى عقدة واحدة؛ وھى الأمیة والفقر. فالفقر يفسد مخ أطفالنا والتعلیم يصلح ما أفسده الفقر، ھذا الكتاب يحمل رسالة يدعمھا العلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة