- أكثر من 15 ألف شخص حاصلون على شهادات إنقإذ
- الذكاء والشجاعة وسرعة البديهية أهم مواصفات المنقذ
- قلة توافر الـ"جت سكى" بالشواطئ مشكلة يجب علاجها
على مظلة مرتفعة يقف مراقبًا لكل ما يحدث فى الشاطئ لا يمل ولا يكل من إطلاق الصافرات محذرا العائمين فى المياه من الاقتراب من مناطق الخطر، مهمته الأساسية تبدأ عندما يشعر أن شبح الغرق يدنو من أحد المصطافين، هذا باختصار دور المنقذ على الشواطئ وداخل حمامات السباحة.
أزمة عمل المنقذين على الشواطئ وفى حمامات السباحة الرئيسية تكمن فى أن غلطته لا يمكن إصلاحها فروح انسان ستضيع هباءً أمام هذا الخطأ، لذا فإن التركيز الشديد وسرعة البديهة والتمرس أمر لا مفر منه وإلا وقع ما لا يُحمد عقباه.
فى الوقت الراهن، تكتظ شواطئ مصر وحمامات السباحة فى ألفنادق والأندية بالزائرين فى ظل تزامن أجازة عيد الأضحى مع أجازات العام الدارسى مما يدفع الأسر للاستغلال تلك ألفرص من أجل قضاء أوقات ممتعة لكن على الجانب الآخر تكون عصيبة بالنسبة لفئة المنقذين المطالبين بالحفاظ على حياة كل من هم فى نطاق المكلفين بمراقبتهم.
خلال فصل الصيف الجارى، فإن هناك العديد من حالات الغرق وقعت ما بين حمامات سباحة فى قرى سياحية وفنادق وشواطئ منها ما أثار ضجة واسعة على سبيل المثال لا الحصر أمر محافظ الإسكندرية مؤخرًا بإغلاق شاطئ النخيل بعد حصد عشرات الأرواح على مدار السنوات الماضية.
كما أن هناك حالات غرقت حدثت بفصل الصيف الجارى، يُمكن ذكرها لتوضيح مدى خطورة وأهمية عمل المنقذ فى آن وأحد فقد وصل أعداد الشباب والأطفال الغارقين فى مياه خليج السويس وحمامات السباحة بالقرى والمنتجعات بالعين السخنة والأدبية فى محافظة السويس خلال 60 يوما وتحديدًا شهرى مايو ويوليو إلى 22 شخصا فى حوادث غرق مختلفة.
حكاية منقذ شاب
ما سبق وغيره يكشف عن أهمية النظر إلى دور المنقذين بشكل مختلف خاصة أن الوضع ليس ترفيهيًا أو كمالة عدد أو ديكور إنما مسألة حياة أو موت، وهذا تقريبًا ما يتمناه "محمد .م" خريج كلية التربية الرياضية يعمل كمنقذ فى فترة الصيف بالسنوات الأخيرة بجانب عمل الأساسى فى التجارة، وذلك بعد اجتيازه اختبارات اتحاد الغوص والإنقإذ وحصوله على شهادة معتمدة.
يحمد المنقذ الشاب الله أنه لم تحدث أى حالة غرق خلال فترة توليه مسئولية الشاطئ إلا أنه فى الوقت ذاته يرى عمله مجهدًا وخطيرًا للغاية فالغفلة تعنى إزهاق روح انسان وسيحاسب عليه أمام الله قبل القانون، لذا فإنه يعاند كل الظروف التى تقابله من الجلوس تحت أشعة الشمس من شروقها حتى المغيب سواء من عدم انصات زوار الشاطئ للتعليمات، إضافة إلى قلة الأدوات المتوافرة له لأداء مهمته على أفضل وقت.
ويروى المنقذ الشاب أن الكثيرون لا ينتبهون لأحوال المنقذين ولا يبالون ما يعانون من أزمات على رأسها قلة الرواتب فهو على سبيل المثال يتقاضى 1500 جنيها فقط، إضافة إلى عدم التأمين على عدد كبير منهم، خاصة أن كثير من المنشآت السياحية تفضل التعاقدات قصيرة الأمد أو خلال فترات الصيف وأحيانًا بالأيام فى الأعياد إذا تصادف قدومها فى فترة الصيف، مطالبًا بمحأولة تقنين أوضاع المنقذين بشكل أفضل خلال ألفترة القادمة.
مإذا يدور فى الكواليس؟
ما رواه المنقذ الشاب يفتح باب التساؤلات حول أوضاع العاملين فى هذا المجال، ومإذا يحتاجونه من أجل تعديل أوضاعهم خصوصا أنهم يؤدون مهام صعبة وخطيرة؟، وهنا يتحدث هانى محمد، رئيس مجلس إدارة إحدى الأكاديميات الرياضية وصاحب الخبرة الطويلة فى مجال الإنقإذ الممتدة لأكثر من 30 عامًا، قائلاً :"يوجد جهتان مسئولتان عن تخريج المنقذين وهما اتحاد السباحة واتحاد الغوص والإنقإذ، فالأول يتعلق بتعليم أساسية السباحة والثانى متخصص فى تعليم كيفية الآنقإذ وطرقه وتقديم الشهادات التى تؤكد تعلم الشخص لتلك الأساسيات".
ويضيف رئيس مجلس إدارة إحدى الأكاديميات الرياضية :"أيضًا الاتحاد المصرى للغوص يقدم دورات فى الاسعافات الأولية ويجب على المتقدمين للحصول على شهادة الإنقإذ إتقأنها قبل اجتياز الاختبارات"، مضيفًا :"المشكلة الكبرى أن هناك بعض الشواطىء وألفنادق والمنتجعات السياحية تقوم بتشغيل أشخاص ربما لا يكونوا مؤهلين لهذا العمل لكنهم يقومون بذلك الإجراء لعدم الوقوع تحت طائلة القانون".
وتابع هانى حديثه قائلاً :"رواتب المنقذين متفأوت على حسب المكان بمعنى أن الشواطىء تختلف عن المنتجعات السياحية عن الأندية إلا أنها فى المتوسط، يكون الـ 8 ساعات يوميًا على الشواطئ تصل إلى 1500 جنيه، إنما فى المنتجعات السياحية إذا كان ألفرد معين فإنها تصل إلى 2500 جنيه ومعظمهم من طلاب كلية التربية الرياضية أو خريجيها"، مشيرًا إلى أن التعاقدات مع المنقذين نوعين الأول "كاجول" أى فترة مؤقتة أو تعيين وتكون شروطه على حسب المنشأة التى يعمل لديها".
وحول الجهة المسئولة عن مراقبة أوضاع المنقذين العاملين بالمنشآت المختلفة، يقول هانى :"المشكلة أن المنشآت المختلفة تأتيها إخباريات بمجيء حملات من الاتحاد المصرى للغوص أو المحافظة أو نقابة المهن الرياضية، فتجدهم يجمعون الموظفين المعينين لديها أى من لديهم أوراق ومؤمن عليهم لإظهارهم أمام اللجان وبعد رحيلها يعود كل شيء كما كان"، مضيفًا :"عدم الاهتمام بتقنين أوضاع المنقذين قد ينتج عنها مشاكل قانونية أخرى فإن المنقذ إذا كان حاصل على شهادة إنقإذ معتمدة من الاتحاد فإنه يكون مسئول مسئولية قانونية كاملة عما وقع فى النطاق المكلف بمراقبته".
ولفت صاحب الخبرة الطويلة فى عمليات الإنقإذ إلى أنه فى الماضى كانت هناك مشكلة تتمثل فى قيام البعض بتزوير شهادات الإنقإذ مقابل مبلغ مإلى يترأوح ما بين 500 إلى ألف جنيه وبالتإلى فإن الناتج كان أشخاص غير مؤهلين لهذا العمل تمامًا، مستدركًا بأن تلك الظاهرة اختفت مع تواجد الاتحاد الحإلى الذى يسعى جاهدًا للتأكد من توافر المواصفات المطلوبة فى المتقدمين للحصول على شهادات الإنقإذ.
ما المواصفات المطلوبة فى المنقذ؟
الحديث السابق يعتبر بمثابة نظرة عامة على أوضاع المنقذين فى مصر من النواحى المادية والقانونية والاجتماعية لكن مإذا عن المواصفات ألفنية المطلوبة فى المنقذ الواجب توفرها فيه، وهنا يتحدث إسماعيل الكردى، مدرب ومنقذ محترف لديه خبرة طويلة فى هذا المجال، قائلاً :"لابد أن يتوافر فى المنقذ صفات مثل التركيز والذكاء الشديد والشجاعة"، موضحًا أن التركيز من أجل لمح الشخص الذى يغرق سريعاً والشجاعة مطلوبة لعدم الخوف من المواقف الصعبة، أما الذكاء فمطلوب للتعامل مع الأمور المفاجئة أثناء عملية الإنقإذ.
وعن التفاصيل ألفنية لعمليات الإنقإذ يقول الكردى :"المنقذ المحترف يكون لديه سرعة بديهة وعندما يرى شخص يغرق يعطى انذار ويقوم بالتصفير للفت الآنتباه إذا كان هناك منقذين آخرين متواجدين على الشاطئ أو حمام السباحة، ثم ينزل بأقصى سرعة ممكنة مستخدمًا الأدوات المتاحة له سواء جيت سكى "موتوسيكل البحر" أو حزام أمان وهو عبارة حبل طويل وكذلك يحمل شنطة الكتف ثم يبدأ فى العوم"، مضيفًا :"فى رأيى غطسة الطعن أفضل شيء، أو السباحة على الجنب أو الباك برست، وبعد تحديد الطريقة المناسبة للسباحة يجب على المنقذ الهدوء من أجل سحب الشخص الذى يغرق، ولابد التنبه للظروف المعاكسة مثل تواجد صخور أو غيره بمعنى النظر لرؤية الوضع المحيط بك حتى لا تتفاجىء بأى عوامل معاكسة تواجهك".
وأشار المنقذ المحترف إلى أنه إذا لم يكن الشخص الذى يقوم بعملية الإنقإذ محترف ربما يتسبب ضغط المياه فى إصابته بحالة إغماء مما يعنى غرقه!، لذا لا ينبغى بأى حالة من الأحوال وقوف شخص غير متمكن على الشواطئ خصوصا كبيرة المساحة.
وتعليقًا على تحمل المنقذ المسئولية القانونية كاملة فى حال حدوث غرق، يقول الكردى إنه هناك منقذين على درجة عالية من الكفاءة ويعملون بكل ضمير وإخلاص لكن إذا كانت المساحة شاسعة ولم يكن متواجد سواه، مإذا يمكنه أن يفعل؟!، مضيفًا أنه فى الوقت نفسه يوجد منقذين يهملون فى عملهم وبالتإلى ينتج عنه حالات غرف، لذا فإنه يفترض حسابهم على أخطائهم.
ولفت المنقذ المحترف إلى وجود بعض السلوكيات الخاطئة من زوار الشواطئ أو حتى داخل حمامات السباحة بالأندية والقرى السياحية وتتمثل فى عدم استماعهم للتعليمات والتوجه إلى المناطق الخطرة مما يؤدى إلى عواقب وخيمة.
مطالب برلمانية
وبالنسبة لجزئية تعديل أوضاع المنقذين، يقول سمير البطيخى وكيل لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، والنائب عن محافظة الإسكندرية، إن حالات الغرق فى بعض الأحيان تنتج عن عدم التزام البعض بالتعليمات بمعنى أن القادمين للشواطئ يفرحون بالمياه ولا يلتزمون بالقواعد، وينزلون إلى مناطق خطرة لا يجب سباحتهم فى نطاقها.
وتابع وكيل لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب حديثه، قائلاً :"أيضًا لابد من تواجد منقذين خبرة على الشواطئ أو حتى حمامات السباحة بالأماكن المختلفة، إلا أن المشكلة هنا هى تعاقد تلك المنشآت معهم بشكل مؤقت وخلال فترة الصيف فقط"، مضيفًا :"ويجب توفير المعدات اللازمة للمنقذين من جت سكى وخلافه حتى يكون قادرين على أداء عملهم بأفضل صورة ممكنة".
النائب سمير البطيخى
وشدد النائب عن محافظة الإسكندرية على ضرورة الرقابة على الشواطئ من قبل الإدارات المعنية بالمحافظات الساحلية المختلفة وعدم الاستهانة بجزئية المنقذين لأنهم قادرين على الحد من كوارث تقع وتتسبب فى وفاة أطفال وشباب، مؤكدًا على أهمية تنظيم المحافظات الشاطئية لدورات تدريبية باستمرار للعاملين فى مجال الإنقإذ من أجل التأكد من تأهيلهم على أعلى مستوى ممكن.
نريد منظومة انقإذ متكاملة
الأحاديث السابقة تطرح أسئلة عن الحل الأمثل لمشاكل المنقذين فى مصر، وما يجب التخطيط له خلال ألفترة القادمة، وهنا يقول سامح الشإذلى، رئيس الاتحاد المصرى للغوص والإنقإذ، :"لابد أن تحدث عن القصة بشكل متكامل من البداية للنهاية حتى نطالب بالحل الصحيح".
وأوضح الشإذلى أنه إذا تم التحديث عن الإنقإذ على الشواطئ فهذا يعنى توافر أمور هامة مثل وجود أرصفة للحد من الأمواج لكن هذا لا يكون متوافر دوما فى مصر، لافتًا إلى أنه أهمية وجود أدوات مع المنقذين مثل جت سكى، وتكمن أهميتها فى قدرتها على مساعدة المنقذ للتوجه للأماكن البعيدة.
ولفت رئيس اتحاد الغوص والإنقإذ إلى أنه يتمنى وجود هيئة أو مظلة قانونية للمنقذين أو إعطاء صلاحيات للاتحاد للقيام بدورها مع وجود سند قانونى، لافتًا إلى أن الاتحاد يعطى شهادات للقادرين على اجتياز الاختبارات سواء الإنقإذ أو الاسعافات الأولية للتعامل مع الحالات بعد إنقإذها.
وأشار الشإذلى إلى أن الحكاية أكبر من اختبارات وشهادات، فهناك بطولات عالمية تقام للمنقذين يتخللها سباحة بطرق معينة وكذلك قيادة جت سكى وأيضًا سباقات الجرى على الرمال، موضحًا أن هذا لا يطبق فى مصر بشكل الاحترافى الأمثل الموضوع قواعده من قبل الاتحاد الدولى للغوص والإنقإذ.
وشدد رئيس اتحاد الغوص والإنقإذ على نقطة فى غاية الأهمية تتمثل فى غياب المظلة الرسمية للمنقذين فبعضهم يتم تسجيله كعامل نظافة فلا يوجد مسمى قانونى لهم يحفظ حقوقهم، موضحًا أن جولات الاتحاد مؤخرًا كشفت عن قيام قرى سياحية بوضع أشخاص غير مؤهلين وذلك بالساحل الشمإلى، مستدركًا بأن هناك قرى أخرى متعاقدة مع شركات إنقإذ وهذا أمر جيد.
سامح الشاذلى رئيس اتحاد الغوص والإنقاذ
وعن أوضاع المنقذين، يقول الشإذلى :"فى العموم فإن عمل شاب من شروق الشمس للغروب بدون أكل أو شراب فإن هذا شيء غير انسانى بالمرة رغم أنه من المفترض ألا يتجأوز عدد ساعات العمل 8 ويتخللهم ساعة راحة"، مضيفًا :"لكن الواقع يقول إن القرى السياحية لن تفعل هذا ولا تتعاقد مع أعداد كبير من المنقذين لتوفير النفقات".
واختتم رئيس اتحاد الإنقإذ حديثه قائلاً :"منحنا الشهادات لم لا يقل عن 15 ألف شخص لكن الوضع يجب تغييره من خلال عمل إطار قانونى أو منظومة متكاملة، يُلزم فيها الشواطئ والقرى السياحية بالحصول على دورات تدريبية لدى الاتحاد وأيضًا الالتزام بتعليماته فيما يخص عدد المنقذين الواجب توافرهم وفقا للمساحة التى يتم مراقبتها"، لافتًا إلى أن الاتحاد لن يتقاضى أجرا مقابل تلك الخدمات لأنه يريد تأدية دوره على أفضل وجه لكن بدون الدعم الكاف لن يحدث شيء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة