فى مشهد مبهر، يمتزج به عبق تاريخ الحضارة المصرية الذى يمتد لآلاف السنين، تشهد إمارة موناكو حدثا مهما تواصل فيه معارض الآثار المصرية، العمل لتحقيق رسالتها حول العالم، والذى يتمثل فى تحسين الصورة الذهنية لمصر وحضارتها فى الخارج.
الأمير ألبرت الثانى، أمير موناكو، شارك فى افتتاح معرض الآثار المصرية الذى ينظمه "جريمالدى فورم" تحت عنوان "الكنوز الذهبية المصرية"، والذى يستمر حتى التاسع من سبتمبر المقبل.
حضر افتتاح الحدث العالمى، وزيرة السياحة رانيا المشاط و الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، والسفير إيهاب بدوى، سفير مصر بفرنسا.
وتشارك وزارة السياحة فى الحدث العالمى لمعرض "الكنوز الذهبية" بجناح على هامش المعرض للترويج للمقصد المصرى لمدة 65 يوما، كما يظهر شعار الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحى "Egypt where it all begins (مصر بداية الحكاية) فى الملصقات واللافتات (banners) الخاصة بالمعرض.
وقالت سيلفى بيانكيرى، المدير العام لجريمالدى فورم، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، إنه قبل 10 سنوات، أعدوا معرض "ملكات مصر"، حيث وافقت السلطات المصرية بسفر عدد من القطع الآثرية فى موناكو لعرضها وحقق حينها المعرض نجاحا كبيرا، ونظرا لهذا النجاح والاهتمام الكبير من جمهور الآثار المصرية، قرروا إقامة معرض آخر.
وأشارت إلى أن "جريمالدى" هو اسم عائلة الأمير، بجانب أن هذا المنتدى يحظى بدعم الحكومة ولديه ميزانية محددة لكى يستطيع إعداد مثل هذه المعارض، ويقام المعرض لمدة شهرين فقط، وتقدر سعر تذكرة المعرض بـ8 يورو، موضحة أنهم لا يحققون أية أرباح من مثل هذه المعارض، لأن معرض بهذا الحجم يتكلف كثير من الأموال ما بين 2.5 إلى 2.7 مليون يورو.
ولفتت إلى أنه من المهم جدا لموناكو أن تظهر قدرتها على تنظيم معارض دولية مرتفعة المستوى للغاية، مثل معرض المقتنيات الأثرية المصرية، علاوة على الاستفادة المصرية من عرض أثارها وما تعززه من دعاية كبيرة للحضارة المصرية، وحث الناس على اكتشاف مصر وجعلهم يعودون للزيارة مصر مرة أخرى، فمن المهم لأمير وحكومة موناكو إظهار أن الإمارة لديها دور مهم فى مثل هذه المعارض الكبرى، وأن موناكو ليست فقط مثل الصورة المعروفة عنها من إقامة حفلات وتواجد للكازيونهات، ولكنها تهتم أيضا بالمعارض الثقافية، من أثار وحفلات الأوبرا والباليه، مضيفة أن مصر بالتأكيد شريك جيد.
وتابعت بيانكيرى قائلة: "يعود افتتاح معرض "جريمالدى فورم" إلى ما قبل 19 عاما، شهد خلالها تنظيم عددا كبيرا من المعارض الكبرى ليثبتوا أنهم موجودين على خريطة كبريات المؤسسات الثقافية فى العالم، وبفضل نجاح هذا المعرض يمكننا أن نصدر خبرتنا".
وعن سبب اختيار هذه القطع الآثرية تحديدا، أوضحت أنه عندما تمت مناقشة موضوع جديد، فكروا فى تجربة شىء جديد لهم أيضا، وهو المجوهرات، وكيف أنها على مدار 25 قرنا من الزمن، شهدت تطورا، فكان يجب إبراز هذا التطور التاريخى المهم، وهى لا تمثل فكرة جديدة فحسب، وذلك أمرا لم يتم إثارته بهذا الشكل من قبل، موضحة أن هذا مشروع يجنى مكاسب لكلا الطرفين، مصر وموناكو.
وعن عدد الزائرين المتوقعين للمعرض، قالت بيانكرى إنهم يتوقعون على الأقل أن يكون نفس عدد الزائرين فى معرض "ملكات مصر" الذى أقيم قبل 10 سنوات، حوالى 75 ألف زائر، وربما يزيد كما نأمل، لأن هذا المعرض استثناء، لذلك نعتقد بشدة أنه سيحقق نجاحا هائلا.
من ناحية أخرى، لفت ويليام شيتران من منتدى جريمالدى، إلى أن اللون الأزرق الداكن كان مستخدما بكثرة فى المجوهرات المصرية القديمة سواء كأحجار أو قطع لازورد، لأن الأزرق الداكن يعكس أيضا الذهب جيدا، ففكر أنه سيكون اللون المناسب مع كثير من المجوهرات المعروضة، لذلك سعى حثيثا أن يعطى للزائرين انطباعا بأنهم يتسللوا إلى مقبرة فرعونية، من خلال طريقة العرض، وتقنياتها، وهذا مشهد مختلف وقسم مختلف بالمعرض، كما لو كنت عالم آثار وتحاول العثور على القطع المناسبة، على حد وصفه.
وأوضح شيتران، أنه زار مصر خصيصا لكى يشعر بأجواء الجانب الآثرى، سواء من خلال زيارته للمتحف المصرى، فعاد بالعديد من الأفكار من هذه الزيارة.
كبار علماء الآثار، أيدوا فكرة المعارض الخارجية، لدورها فى الحفاظ على الحضارة المصرية، حيث قال عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس، إن أى معارض للآثار الخارجية لها أهمية كبرى، فهذه المعارض هى سفير مصر بالخارج، ودائما أقول إن أى وزير للآثار يستطيع إخراج معارض أثرية مصرية فى الخارج فهو رجل وطنى، ولا يفكر إلا فى مصلحة مصر، ويرفع شعار تحيا مصر.
وأوضح حواس، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن معارض الآثار الخارجية هى الدجاجة التى تبيض ذهبًا للآثار ولمصر، من حيث الدعاية السياحية الكبيرة التى تتحقق عند خروج أى معرض إلى الخارج، بالإضافة إلى الدعاية الإعلامية من خلال الصحف والإذاعة والتليفزيون فى الخارج حول المعرض وتاريخ مصر، وكل ذلك بالمجان، إلى جانب العائد المادى من هذه المعارض والتى تساهم فى ترميم وصيانة الآثار المصرية
وأشار إلى أن تعبئة وتغليف وترميم القطع قبل سفرها تتم من خلال شركات عالمية على أعلى مستوى، بالإضافة إلى أعمال الترميم التى تتم عند عودتها مرة أخرى، كما يخرج مع المعرض عدد من المتخصصين ويمنع منعا باتا لمس القطع الأثرية إلا من خلال الأثريين المصريين، وبالطبع بخلاف الأعمال التأمينية التى تصاحب المعرض طول فترة إقامته.
وأوضح الدكتور مختار الكسبانى، أن المعارض الأثرية التى تنظمها وزارة الآثار فى الخارج تساعد على الترويج والتسويق للحضارة المصرية القديمة، وتعطى صورة ممتازة عن مصر وحضارتها وتاريخها فى الخارج.
وأشار الدكتور مختار الكسبانى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إلى أن المعارض الخارجية للآثار المصرية يصحبها خبراء من الأثريين طوال مدة إقامتها، والوزارة ليست حديثة فى تنظيم المعارض الخارجية، حيث إنه على مدار 20 عامًا أخرجنا أكثر من 1000 معرض، ولم ينتج عنها أى سلبيات، بالعكس تجنى تلك المعارض ثمار الترويج والتسويق وتحسين الصورة الذهنية عن مصر فى الخارج.
وشدد على تأييده تنظيم العديد من المعارض الأثرية الخارجية، فمصر تحتاج مزيدا من تلك المعارض خلال الفترة المقبلة، وأن خروج أى قطعة بالخارج تتم الموافقة عليها من قبل اللجنة الدائمة، وإذا اعترضت اللجنة على أى قطعة لأنها متفردة، فلا يتم خروجها ضمن مقتنيات أى معرض، لافتا إلى أن الدكتور خالد العنانى وزير الآثار حريص على تحسين الصورة الذهنية لمصر فى الخارج، وأيضا حريص على الحفاظ على كل قطعة تخص الحضارة المصرية.
من جانبه، قال الدكتور محمد حمزة، الخبير الأثرى عميد كلية الآثار السابق، إن ما ينقص مصر هو الترويج والتسويق لجذب السياحة، وهو ما تحققه المعارض الخارجية للآثار المصرية، والتى تعود أيضا بمردود مادى مناسب، كما تساعد على تفاعل دورة الحياة الاقتصادية فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة