أطفال اليمن هم وقود الحرب وأبطالها الحقيقيون فبكل منطقة تجد قلوبا لم تضمد جراحها بعد حتى وإن حررت الأراضى تبقى الأجساد الصغيرة النحيلة حاملة بصمات الانتهاكات فى حق الإنسانية لتكون شاهدة عيان للتاريخ على ما تفعله الحروب بالبشر، إنه الطفل عمار جاسم الذى ذهب للعب مع أصحابه ليلة عيد الفطر فعاد بدون ساق وتحول أصحابه إلى شهداء ومصابين، لقد خرج تاركا أحلامه بلبس العيد ليرتديها حين يعود لمنزله بعد اللهو مع رفاقه الذين تجمعوا منتظرين العيد بقلوب ملأها الفرح وعيون سكنتها الابتسامة، فى شارع ليس ببعيد عن منطقة سكنه طلب من والده تحضير هدية العيد فأجابه والده "أيوه يا عمار لما ترجع هتلاقيهم"، بصوت خافت وابتسامة لم تستطع الحرب نزع براءتها، روى لنا عمار جزءا من قصته الحزينة، على قدر ما استطاع فهو لم يتم عامه السابع،" أنا طلعت ألعب جمب البيت وكان معى كتير أصحاب وولاد الجيران منهم أحمد وغسان وحسين ومحمد قال أنا جاى بعد شويه، عملنا بايدينا دايرة ولفينا لفتين وإحنا باصين فوق للسما وبعدين جه محمد ومعه كورة قال ابوه جابها له عشان العيد وانا كمان قلتله أنا هديتى هتيجى دلوقت من ابويا هو مواعدنى ".
سكت وملامح الخجل تسكن وجهه فهو لم يتحدث للاعلام من قبل وبعد برهة من الوقت وأقنعه والده باستكمال الحديث فقال:" بعد شويه جه الصاروخ قتل من أصحابى 8 وقعت علينا حاجة تقيلة وما شفتش حاجة بعدها ولما صحيت كنت فى المستشفى وسألت عن أصحابى وقالولى ماتوا، انا عارف ان الحوثة موتوهم "، عندما سألنا عمار عن امنيته قالك" أنتقم من الحوثة عشان مش هلعب تانى" .
استكمل والده الحديث قائلا:" فى آخر يوم فى رمضان ليلة عيد الفطر قبل المغرب طلب منى عمار يخرج زى ما هو متعود يجمعوا بعض فى ساحة كده قريبة يفرحوا بالعيد ، كنت مواعده بعدها أجيب له اللبس بتاع العيد، ما درينا إلا الشوارع مقلوبة والناس بتجرى الحق يا حاج ابنك والعيال وقع عليهم صاروخ الحوثة، ما سدقتش جريت للمكان لقيت الأهالى مغطيين جثث 8 من الأطفال وابنى و3 معه جرحى بين الحى والموت منهم واحد فقد عينه، جريت على المستشفى ودم ابنى سايل، قالولى لازم الساق اليمنى متهشمة ولازم البتر ، وأصيب بشظايا فى الساق التانية، كانت المشكلة لما صحى ومش عارفين انا وأمه نقوله أيه على رجله، سأل فقلتله الحوثه عوروك بس أنا هركبلك واحدة تانية زيها وهتلعب متخافش.
استكمل الأب روايته قائلا:"عيط كتير وزعل وبدأنا معه بالعلاج النفسى..وبعدين ما كانش معنا مبلغ ينفع اشترى له الساق الصناعى لحد ما روحنا مركز الملك سلمان للأطراف الصناعية ووفروا لنا الساق وساعدونى أرجع الحياة لابنى من تانى، لكن نفسيته مدمرة ولحد دلوقت يصحى من النوم يصيح الصاروخ يابابا الصاروخ"، وختم الأب حديثه بجملة" الحوثة منهم لله".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة