أكرم القصاص

«مارسيليا» وفرنسا.. دراما الواقع وصراع الهجرة والتهميش

الجمعة، 07 ديسمبر 2018 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العالم يتغير حتى فى أوروبا التى ظلت تبدو بعيدة عن تحولات العصر، الديمقراطيات المستقرة بالطبع قادرة على حل مشكلاتها السياسية بشكل أكثر تفاعلية، لكنها ليست بعيدة عن تحولات العولمة، وثورات الاتصال التى تلمس كل ركن من العالم مثلما يلمس ذيل التنين مدنًا ودولًا فى عالم الأساطير. فى فرنسا تتواصل الاحتجاجات بالرغم من تراجع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، عن زيادة ضرائب الوقود، وتنضم فئات أخرى من الطبقة الوسطى إلى الاحتجاجات لتعلن عن وجودها ومطالبها.
 
الاحتجاجات تكشف عن ثغرات فى المجتمع الأوروبى وأركان مظلمة وفئات تتعرض للتهميش، وتعانى من نقص الخدمات أو بمعنى أصح تعانى من ظلم اجتماعى فى توزيع العوائد، المجتمع ليس هو الذى يظهر دائمًا مجتمعًا للرفاهية، وبالطبع فإن الفرنسيين من أصول غير فرنسية يشكون بشكل مزدوج من الإهمال وأيضًا من العداء اليمينى الذى يعبر عن كراهية للأجانب. وكان استفتاء بريكست فى بريطانيا تعبيرًا عن هذه الكراهية أو الرفض، حيث يعلن اليمين أن المهاجرين يأخذون من حقوق المواطنين. وهو نفس ما يتبناه اليمين الفرنسى والألمانى. ممن يعلقون جزءًا من أزماتهم على شماعات الهجرة وترك الأبواب مفتوحة للاجئين.
 
وكل هذه القضايا مطروحة بشكل واسع فى الإعلام وحتى فى الدراما، ومن تابع مسلسل مارسيليا Marseille الذى عرض منه موسمين، وهو من إنتاج نيتفلكس ويقوم ببطولته الفنان العالمى جيرارد ديبارديو يمكن أن يجد ظلًا لجدل مطروح.
 
المسلسل يطرح الكثير من المناقشات وطريقة التفكير وحجم وشكل الصراع الاجتماعى الدائر فى أوروبا، خاصة فى فرنسا، المسلسل يدمر فى مارسيليا المدينة الفرنسية، ويتناول الصراع السياسى على السلطة، ويسلط الضوء على مايجرى فى الأحياء الفقيرة، وعداء اليمين للمهاجرين. وكيف يواجه المهاجرون فى أحيائهم الفقر وينضمون إلى عصابات الجريمة أو يستغلهم اليمين الفرنسى للتأكيد على أنهم مصدر تهديد.
 
يتناول مسلسل مارسيليا الواقع السياسى والاجتماعى فى مارسيليا، حيث ظل روبير تارو أو جيرارد ديبارديو موقع عمدة لمدة العشرين سنة، ويعلن أنه لن يترشح ويقدم نائبه لوكا باريس. وفى نفس الوقت يسعى إلى تمرير تصويت لإنشاء كازينو فى وسط أرض ميناء مارسيليا، ويراهن تارو على أن المشروع سوف يعود بفوائد اقتصادية على المدينة، لكن تارو يفاجأ بأن لوكا ربيبه يخونه مع مستثمرين غامضين ويصوت ضد المشروع. وينضم إلى فريق من أصحاب المصالح.
 
وتبدأ صراعات على السلطة المسلسل يكشف عن خيوط وتفاصيل الصراع الاقتصادى والسياسى، وفى الخلفية تبدو الأحياء الفقيرة مهمشة وبعيدة عن اهتمام السياسيين بكل فئاتهم، بينما يتركز الاهتمام على أصحاب المال وسكان الأحياء الراقية. وفى نفس الوقت يعكس مسلسل مارسيليا مايجرى تجاه المسلمين، سواء اتجاه بعضهم للتطرف، أو كونهم يمثلون قطاعات مهمة فى المجتمع، وهناك مالك مسلم من أصل لبنانى لفريق مارسيليا للكرة. ويتمسك بالنادى بالرغم من أنه يخسر، بينما يرغب الابن من الجيل الجديد فى بيع النادى حتى يوقف الخسائر. المسلسل يعكس الكثير من الصراعات والتفاصيل والمواقف، ويعالج القضايا المطروحة فى المجتمع الفرنسى والأوروبى من خلال مارسيليا.
 
وربما تكون هناك عناصر درامية فى العمل، لكن طبيعى أن تعكس الدراما جزءًا من الواقع، وهو ما يبدو من متابعة أحداث باريس، واحتجاجات السترات الصفراء، التى تجاوزت فرنسا إلى دول أوروبية أخرى. وتحتاج إلى مرونة لتفهمها، خاصة أنها تتجاوز الدراما إلى واقع أكثر درامية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة