إقامة المجمعات الصناعية العملاقة مثل مجمعات الأسمنت فى بنى سويف ومجمع إنتاج الرخام بالعين السخنة ومدن إنتاج الجلود والأثاث، تسير، جنبا إلى جنب مع التوجه الحكومى لإقامة وحدات المصانع الصغيرة وفق توزيع جغرافى عادل، وهو ما يعنى أننا نسير فى الاتجاه الصحيح، فلا تقدم بدون ثورة صناعية حقيقية تجعل المنتج المحلى هو الأول على رأس قائمة الاستهلاك، ولا تنمية بدون المصانع التى تفتح البيوت وتوفر فرص عمل جديدة للشباب وتجعل المنتجات المصرية تغزو أسواق المنطقة والعالم بدل أن نكون سوقا مستباحة أمام أردأ المنتجات المستوردة بعشوائية.
أكثر من خمسة آلاف مصنع تتضمنها التجمعات الصناعية الجديدة فى 12 محافظة بحلول 2020، لضمان تحقيق التنمية الصناعية بجميع المناطق الجغرافية ووقف عمليات النزوح من الأقاليم للمراكز الرئيسية، بحثا عن فرصة عمل، وأولى دفعات المصانع، تسليم 500 مصنع مجهز بالتراخيص فى 3 تجمعات صناعية بمحافظات بور سعيد والمنوفية ومدينة بدر بالقاهرة.
العمل على إحياء المنتج المصرى كبديل حتمى للمستورد، وربط التصنيع بالزراعة واحتياجات المواطنين، والتوجه لتطوير الصناعة، يسد ثغرة استيراد الصناعات متناهية الصغر من الصين وتركيا وتايوان وغيرها، كما يدعم استراتيجية إحياء الصناعة المصرية، فلماذا نستورد علب الكبريت مثلا أو المسامير وإبر الخياطة والأقلام الجاف ودبابيس طرح السيدات وخلة الأسنان ومساطر تلاميذ التعليم الأساسى، وغيرها من مئات السلع الصغيرة التى يجب وضعها فى قوائم، وإعطاء الأولوية فى الإقراض للمصانع المصرية الخاصة التى تنتجها.
كما أن تسهيل إنشاء المصانع الصغيرة والمتوسطة لسد فجوة الاستيراد كفيل بتوفير آلاف فرص العمل، وعودة الاعتبار للمنتج المصرى الذى يتعرض للإغراق فى بلده دون ضابط ولا رابط، ولن يحدث ذلك بدون تطوير الصناعة المصرية وتوطين التكنولوجيا الجديدة فى جميع المجالات، ومنح الشباب الدعم الكافى ليبدؤوا مشاريعهم ويحققوا أحلامهم.
أيضا، إقامة المجمعات الصناعية وفق توزيع جغرافى عادل، مع التركيز فى البداية على الصناعات كثيفة العمالة، يسهم فى تخفيض معدلات البطالة، ويرفع مستوى الدخل لكثير من الأسر المصرية ويمنح الشباب الأمل فى بدء حياة جديدة، تحميهم من الأمراض الفكرية والمجتمعية وخاصة التطرف والمخدرات، كما تفتح باب المستقبل أمام أجيال جديدة نرجو لها أن تنشأ على الإنتاج والإبداع لا على المهن العشوائية والفهلوة.
فلا يمكن التخطيط للمستقبل من دون أساس صناعى وزراعى قوى يسد الاحتياجات المحلية، ويستطيع المنافسة على الأقل على مستوى أفريقيا والمنطقة العربية، خاصة أننا موقعون على حزمة من اتفاقيات التجارة الحرة مع دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، تمنحنا الفرصة لفتح أسواق كبيرة أمام منتجاتنا، وكذا تفتح أسواقنا بدون جمارك لمنتجات الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات، وعلينا أن نفكر كثيرا فى جدوى التوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة، بدون أن يكون لدينا اقتصاد صناعى وزراعى قوى ونوعى يمكنه الصمود أمام منتجات الدول الأخرى وسلعها التنافسية.
وبدلا من التفكير كثيرا فى كيفية حماية أسواقنا بإغلاقها أمام منتجات الدول الأخرى أو تقييد عمليات استيراد السلع، علينا التفكير فى وضع أساس صناعى قوى وشامل يكفى احتياجات السوق المحلى الضخم، ويمكن أن يغزو الأسواق الأخرى بجودته العالية وأسعاره التنافسية، فقد انتهى إلى حد كبير مبدأ إغلاق الأسواق، وحل محله عمليات الإنتاج الشاملة التى تسيطر على الأسواق بالجودة والأسعار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة