في زحمة الاحداث المتلاحقة التي تعيشها امتنا العربية.. تتراكم غيوم ملبدة بالسواد في سماء الوطن العربي ، تكاد تحجب عن المواطن العربي حقيقة ما يجرى في وطنه العربي، وتجعله يخشى على حلمه الضياع في ان يحقق لأمته واقعا أعز وأكرم وسط هجمه إعلامية شرسه تحاول تشكيل العقل العربي ليتخذ مواقف تتفق ومخططات الصهاينه في استمرار استباحة بعض الدول العربية.
والقيادة دور تاريخي، ومسؤولية عظيمة تأخد بيد الشعوب الى طريق التقدم، ومسيرة التطور، وترفع من شأنها لتلحق بركب الأمم وتساهم معها في بناء حاضرة الانسان وصياغة مستقبلة وحماية أمن وطنه واستقراره.
ولقد شاءت العناية الالهية ان تسند دور القيادة في دولة الإمارات لرجل عشق الصحراء وصفاءها، وأحب فيها ضوء الشمس الساطع فاكسبه ذلك وضوح رؤية ومضاء العزم، وحمل الشيخ/ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة رحمه الله، على كاهله مسئولية توحيد الإمارات في دولة واحدة راسخة البنيان تمد يدها بكل الخير للأشقاء والأصدقاء والجيران من أجل أن يعمم السلام منطقة الخليج، وبعزمه وإيمانه وفقه الله في قيام دولة الامارات العربية المتحدة التي أصبح لها مكانة مرموقة بين دول العالم وكلمة مسموعة عند الشقيق والصديق تتمتع بالاحترام والتقدير لأنه رحمه الله كان يحمل راية الحوار من أجل السلام وتحقيق الاستقرار والامان للجميع لتستطيع الدول وضع آليات تبادل المصالح والمنافع مما يزيد في تقوية العلاقات فيما بينهم.
ولقد حدد رحمه الله ثلاثة أهداف تطوي بها المنطقة مرحلة الماضي ببؤسه ومعاناته لتنطلق الى افاق المستقبل الرحبة وهي:
• تطوير المنطقة بالبنية التحتية وإقامة المصانع وبناء المدارس والجامعات.
• تحقيق الرفاهية للمواطن من مسكن كريم ومجتمع يتوفر لديه الاكفتاء الذاتي.
• بناء الانسان القادر على تحمل المسؤولية وبناء قوات مسلحة للدفاع عن الوطن حماية لأرضه ومنجزاته وتطوير أجهزة الأمن والشرطه.
وانطلاقا من تلك الفلسفة كانت مواقفه الانسانيه المتتالية تأكيدا لرؤية مبدئية اساسية هي أن الانسان هو أعظم استثمار لأية دولة تتطلع الى الازدهار والتقدم فأسس لبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة ذات سيادة محددة المعالم تمد اليد للجميع من أجل التعاون البناء على اسس من الاحترام المتبادل، دون ادنى مساس بالسيادة الوطنية، وبذل كافة الطاقات في دعم العالم العربي وتأكيد وحدته، ايمانا بأن قوة العرب في وحدتهم .. ومناصرة حقوق الانسان في أي مكان في العالم، وتأييد حرية الشعوب. ولقد استطاع، انطلاقا من تلك الفلسفة، أن يقيم علاقات متوازنه مع جميع الدول الشقيقة والصديقة، في عالم يحكمه الصراع وتتجاذبه العقائد المتناقضة، وبذلك حفظ البلاد من مخاطر الاحتواء والصراعات الدولية، ليصل بها دائما الى بر الامان والسلام والاستقرار والازدهار. وان ايمانه برسالة الاسلام وملائمتها لكل زمان ومكان تأخذ حيزا كبيرة من فكره وجهده، فهو يعمل جاهدا من ان تأخذ الشريعة الاسلامية مكانتها بوصفها منهجا إلهيا وقانونا وسلوكا عاما ينظم العلاقات الإجتماعية على أساس من الرحمة والعدل. انه ينطلق من عقيدة راسخة بان قانون السماء هو سيد القوانين جميعا، وكلمة الله هي دائما الكلمة العليا. علمنا كيف يكون القرار الشجاع في حرب اكتوبر سنة 1973، عندما قال قولته التاريخية والتي تردد صداها في جميع أنحاء العالم (ليس البترول العربي أغلى من الدم العربي) بعدما اتخذ قراره الشجاع بقطع امدادات البترول عن الولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبا التي تساند دولة العدوان.
وعلمنا كيف يطالب بأعلى صوته بإعادة الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، ومرة اخرى ظل زايد رحمه الله الصوت الامين المعّبر عن مشاعر مئات الملايين في الوطن العربي، بإيمانه بالله الذي لا يعرف التخاذل والاستسلام وبأباء عربي اصيل، بكل قوة الايمان وعظمته بالمصير المشترك للأمة العربية، وقد كان دائما يبادر في مشاركة اشقائه القادة العرب للسعي في حل النزاعات فيما بينهم ليتفرغوا في بناء أوطانهم والاهتمام بتحقيق آمال شعوبهم في التطور والتقدم، ليتحقق العيش الكريم لهم وتوظيف الثروات التي أنعم الله عليهم في الارتقاء بنهضة مواطنيهم في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والتربوية، وكان سباقا رحمه الله في مد يد العون والدعم لكل اشقائه دون تمييز.
رحمك الله يازايد، فقد كنت الضمير العربي الحي الذي حمل آمال أمته في الوحدة وحماية الوطن العربي من كل تهديد، واليوم يصدق عليه قول الشاعر:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
علي محمد الشرفاء الحمادي مدير ديوان الرئاسة السابق
ابوظبي – الامارات العربية المتحدة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة