"أيقونة عصر الاستشهاد ومتحف كنوز الفن القبطى".. بهذه العبارة الموحية يمكن تلخيص تاريخ كنيسة الملاك ميخائيل بدمنهور فى البحيرة، والتى تعد أحد معالم المدينة العريقة ذات الأصل الفرعونى وأقدم الكنائس فى مصر على الإطلاق.
فتلك الكنيسة التى يمتد تاريخها إلى القرن الثانى عشر الميلادى شاهدة بامتياز على عصر الاستشهاد ومقاومة الاضطهاد الرومانى للمسيحيين بالإضافة إلى دورها الوطنى والفنى الذى يعكس التراث القبطى القديم.
كما كانت بحق محط أنظار بطاركة الأقباط على مر العصور بداية من البابا كيرلس السادس مرورا بالبابا شنودة الثالث حتى البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية الذى نشأ وتربى داخل أروقتها الشامخة.
"اليوم السابع"، حاولت الاقتراب من هذا المشهد الروحانى للتعرف على أكثر على كنيسة الملاك ميخائيل بدمنهور بالتزامن مع الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة.
البداية مع القمص ثاؤفيلوس نسيم راعى كنيسة الملاك الذى أكد أن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل المعروفة باسم كنيسة الملاك هى من أقدم الكنائس الأثرية فى مصر، حيث ترجع تاريخها إلى القرن الثانى عشر الميلادى بالتحديد عام 1047 وفقا للمراجع التاريخية ومنها خطط المقريزى.
وأضاف أن هذه الكنيسة لها وضع خاص بين كافة الكنائس فى البحيرة، لمكانتها التاريخية والروحانية، حيث شهدت عصر الاستشهاد خاصة استشهاد القديسة رفقة وأولادها الخمسة "أغاثو وبطرس ويوحنا وآمون وآمونة " بعد أن تم تعذيبهم على ايدى الرومان.
ولفت القمص ثاؤفيلوس نسيم راعى كنيسة الملاك إلى أنه بعد زوال الاضطهاد، بنى المسيحيون كنيسة باسم رئيس الملائكة ميخائيل على ربوة عالية بمنطقة القلعة بدمنهور التى ترتفع عن سطح الأرض بحوالى 27 مترا ولذلك كانت بمثابة قلعة حصينة لمواجهة الاضطهاد المسيحى على أيدى الرومان.
وأوضح ثاؤفيلوس أن كنيسة الملاك تم ترميمها أكثر من مرة منذ عام 1895 فى عهد البابا كيرلس الخامس إلى عهد البابا يوساب الثانى عام 1952 وفى عام 1978 قام البابا شنودة الثالث بتدشين مذابح الكنيسة فى وجود الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والمدن الخمس الغربية.
فيما أكد القمص ميخائيل جرجس الكاهن بالكنيسة، أن من أهم مميزات كنيسة الملاك أنها كانت مقر مطرانية البحيرة بقيادة الأنبا باخوميوس قبل بناء الكاتدرائية الكبرى بمنطقة أرض ادمون بدمنهور وقد زارها وصلى بها البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث .
وأضاف أن كنيسة الملاك كانت المنبت الروحى للبابا تواضروس الثانى بطريرك الكرازة المرقسية الذى كانت كل خدمته وأنشطته الرعوية بالكنيسة منذ أن كان طالبا فى كلية الصيدلة جامعة الاسكندرية باسمه العلمانى وجيه صبحى حتى دخوله عالم الرهبنة.
من جانبه، أكد الدكتور بشارة عبد الملك عضو المجلس الملى ومدير العلاقات العامة بمطرانية البحيرة، أن كنيسة الملاك لا تكمن أهميتها فى جانبها الروحانى بل لقيمتها الوطنية أيضا، حيث كانت أحد منابر ثورة 19 التى جسدت الوحدة الوطنية بشعارها الأشهر "يحيا الهلال مع الصليب"، وخرج منها مئات الأقباط للمشاركة فى فعاليات الثورة وتأييد الزعيم سعد زغلول، مضيفا أن كنيسة الملاك لم تكتف بدورها الوطنى والروحى فقط بل عبرت بجدارة عن تراث الفن القبطى.
وضمت العديد من الكنوز الأثرية خاصة الأيقونات الفنية وتشمل 42 أيقونة قبطية متنوعة يرجع تاريخها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وفقا للبحث الهام الذى كتبه الدكتور صبحى شنودة وكيل قسم الآثار بمعهد الدراسات القبطية.
وأوضح وفيق جرجس المدير الإدارى لكنيسة الملاك، أن أهم ما يميز كنيسة رئيس الملائكة على المستوى الفنى احتوائها على حامل الأيقونات الأثرى الذى يرجع تاريخه إلى القرن 19 الميلادى والذى لا يوجد غيرة سوى فى الكنيسة المرقسية بالإسكندرية وفى دير المحرق بالصعيد.
وأشار إلى أن حامل الأيقونات صنع من الخشب المطلى بزيت الكتان على هيئة الرخام الأبيض، بالإضافة إلى الصليب الذى يعلو منتصف الحجاب ويحتوى على 30 أيقونة من الفن اليونانى ترجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر وتمثل عصر الاستشهاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة