بعد ترقب قليل، وانتظار لم يطل، أعلن اسم الدكتورة إيناس عبدالدايم لحمل حقيبة وزارة الثقافة، خلفا للكاتب الكبير حلمى النمنم، وفى الحقيقة، فإن هذا الاختيار يدل على عمق فى الرؤية، وإحاطة بأهم ملفات مستقبل مصر، فإيناس عبدالدايم من الشخصيات التى يتعذر أن تجد لها خصوما، وحتى لو وجدت لها خصما، ففى الغالب سيعترف هذا الخصم بما تتمتع به من مؤهلات كفيلة بأن تجعلها على رأس المرشحين لحمل هذه الحقيبة، ليس من الآن فحسب، ولكن منذ سنوات طويلة.
كان الخبر مبهجا بحق، وليس أكثر بهجة فى أيامنا هذه من أن يتولى الإنسان المناسب مكانا مناسبا، فعبدالدايم من أهم قيادات وزارة الثقافة منذ توليها مسؤولية دار الأوبرا، ولا خلاف على أهميتها وتفردها فى مجالها الفنى كواحدة من أهم عازفات الفلوت فى العالم، والأهم بالطبع فى مصر، ولا خلاف أيضا على تمرسها فى الإدارة بنعومة وحسم فى آن، وفى الحقيقة فإننى كنت سأصاب بالحزن لو ذهب هذا الشرف لغيرها، شرف أن تكون عبدالدايم أول وزيرة للثقافة فى مصر، فهذه مكانة استحقتها، لا لما ستبذله، وإنما لما بذلته بالفعل.
يتضاعف الأمل فى مستقبل الثقافة فى مصر، لأن «عبدالدايم» الآتية من رحم وزارة الثقافة تعرف مهامها جيدا، كما تعرف تحدياتها أيضا، فهى القادرة على الإنجاز، والقادرة على فهم دولاب العمل، وأتذكر ذات يوم كنت أحدثها فى التليفون، وإذا بها تصرخ لأن أحد الوزراء عطل لها إقامة حفلة فنية كبيرة لا لشىء إلا لوسوسته الزائدة، ورغبته فى أن تعرض كل حفلة على لجنة مالية وإدارية ثم مراجعة من الشؤون القانونية، برغم أن القانون يحدد طبيعة الاختصاص، واللوائح ترسم المسار الطبيعى لمثل هذه الحفلات، بالإضافة إلى أن هذه الحفلة لم تكن بجديدة على دار الأوبرا، وتم عمل حفلات مماثلة لها عشرات المرات، لكن للأسف كان هذا الوزير بيروقراطيا أكثر من اللازم، ينتمى إلى هذا النوع «اللى حافظ ومش فاهم»، بينما هى ابنة لمدرسة «الإنجاز» التى لا تعترف بالعراقيل المفتعلة والعواقب المصنوعة، وما أحوجنا إلى تلك الشخصية التى نرجو من الله أن تظل بهذا البهاء، وبهذه الروح الراغبة فى النجاح، ولا أنسى هنا أن أتوجه بالشكر للكاتب الكبير حلمى النمنم، الذى حافظ على استقرار الوزارة طوال فترة توليه، برغم أنه تولى الوزارة فى وقت حرج للغاية، متمنيا له كل التوفيق فى حياته بعد الوزارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة