أشاد الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية السابق ونائب رئيس البنك الدولى الأسبق بعلاقة الصداقة التى تربط بين مصر والصين، ووصفها بأنها أكثر من ممتازة، مشيرا إلى أن موقف الصين كان دوما مؤازرا لموقف مصر فى الصراعات الموجودة على الساحة الدولية، وهو الأمر الذى يعكس الأسس القوية التى تقوم عليها العلاقات بين البلدين.
وقال سراج الدين، على هامش مشاركته فى منتدى عقد ببكين تحت عنوان "دور الصين الجديد فى العلاقات الدولية: آفاق مبادرة حزام واحد وطريق واحد" - إن الصينيين يذكرون أن مصر فى عام 1953 كانت من أول الدول التى اعترفت بجمهورية الصين الشعبية بالرغم من أن الأمريكيين كانوا وقتها يقومون بحملة ضغط عالمية ضد الاعتراف بالصين ، وكانوا يريدون من دول العالم أن تعترف فقط بأن الصين تمثلها تايوان.
وأضاف أن مصر كانت أول دولة كسرت هذا الحصار وكبار السن فى الصين يذكرون هذا التاريخ ويذكرون لنا هذا الموقف دائما بمحبة شديدة.
وأوضح أن مصر هى جزء من المبادرة الصينية لإحياء طريق الحرير التجارى القديم، مشيرا إلى أن هذا الطريق سيكون فى المستقبل كما كان فى الماضى ينقسم إلى جزئين، جزء برى وجزء بحرى، حيث يمر الطريق البحرى بمصر التى تحرص هى والصين على العمل معا على بنائه.
ونوه سراج الدين بما حققته الصين من إنجازات ضخمة على مدى العقود الماضية، مؤكدا أنه لا أحد يستطيع أن ينكر وضع الصين الدولى الحالى والنجاح الباهر الذى أنجزته.
وقال "سراج الدين" إن أول زيارة له إلى الصين كانت عام 1978، وتلى هذا زيارات عدة على مدى أربعين سنة، حيث شهد بعينيه وبانبهار شديد جدا كيف تطور هذا البلد العظيم، مشيرا إلى أن هذا الإنجاز الكبير، وهذا التطور المذهل للصين يستحق منا فى مصر وقفة ويستحق منا التفكير فى أسباب نجاح التجربة الصينية.
وتحدث إسماعيل سراج الدين عن المنتدى فقال إنه مدعو من قبل الصين ضمن مجموعة من الشخصيات الدولية البارزة للتفكير معا فى الدور الصينى الحالى والمستقبلى على الساحة الدولية.
واستطرد قائلا إن أمريكا الآن تأخذ موقفا انعزاليا وأوروبا تبدو وكأنها فى رحلة بحث عن الذات، وروسيا لديها صراعاتها مع الغرب سواء فى أوكرانيا أو فى أماكن أخرى بالعالم، وبالتالى أصبح دور الصين السياسى واضحا على الساحة بصورة كبيرة وملحوظة.
وقال إنه تم خلال مناقشات المنتدى تناول التحول الاقتصادى الحالى للصين، ثانى أكبر قوة اقتصادية فى العالم، وأنه يرى أن هذا التحول الذى يأتى من خلال تحويل الاقتصاد الصينى من اقتصاد يعتمد على الصناعات والتصدير إلى اقتصاد تقوده الخدمات والابتكار والاستهلاك، هو جزء من التطور الطبيعى للاقتصاد الصينى.
وتحدث سراج الدين عن الإنجاز الضخم الذى حققته الصين على مدى الأعوام السابقة برفعها 500 مليون مواطن فوق مستوى الفقر والارتفاع بمستوى معيشتهم لينضموا تدريجيا إلى الطبقة الوسطى، وليزيد دخل المواطنين القابل للإنفاق، مما يعزز من الاستهلاك وبالتالى يزيد من الحاجة إلى الصناعات التى تقوم بتلبية احتياجات السوق المحلى، وهو الأمر الذى يدفع بعجلة النمو الاقتصادى.
كما أثنى على التقدم العلمى الكبير فى الصين التى تمكنت من اللحاق بأمريكا والدول المتقدمة الأخرى فى ميادين مختلفة من العلم والتكنولوجيا.. وقال على سبيل المثال إن أكبر إثنين سوبر كمبيوتر فى العالم حاليا تمتلكهما الصين، مشيرا إلى أن الأول استخدم فى صناعته رقاقات الحاسوب الأمريكية وعندما قررت أمريكا أن تمنع تصدير تلك الرقاقات عن الصين لم تستسلم الأخيرة وصنعت السوبر كمبيوتر الثانى "وهو أكبر من الأول " بالاعتماد على التقنيات الصينية والرقاقات الصينية.
وقال إن الصين تطور نفسها تكنولوجيا بسرعة واليوم هى تحقق المعجزات بفضل هذا، حيث لم تعد الصين هى صانع البضائع العادية الرخيصة، بل إنها تتفوق على نفسها فى صناعة التكنولوجيا حتى إنه وفى آخر تقييم لأفضل وأقوى الحواسيب العملاقة فى العالم تفوق السوبر كمبيوتر الصينى الصنع على الجميع.
وأشار إلى أن جزءا من الحوار بالمنتدى كان عن التقدم الصينى التكنولوجى ودور الصين الدولى ومسئولياتها وفكرة طريق الحرير كوسيلة جديدة لتوثيق الترابط بين المجتمعات بالدول التى يمر بها هذ الطريق لتحقيق المزيد من التجارة والمزيد من التعاون وأيضا المزيد من التفاهم الثقافى.
وردا على سؤال حول كيف تستطيع الدولة المصرية الارتقاء بثقافة الشعب .. قال سراج الدين إن التعليم هو قاطرة التنمية والعمود الفقرى لأى دولة، مشيرا إلى أن المسئولين عن التعليم فى مصر يبذلون جهدا كبيرا للتعامل مع كم المشاكل الموجودة فى هذا الملف.
وأضاف أنه يأتى بعد التعليم دور الإعلام المتوازن ثم الانفتاح على الشباب، خاصة أن الشباب يعتمد الآن على كل وسائل الاتصال الحديثة وهذا يفتح لهم آفاقا واسعة على كثير من الأشياء، ولكن ينقص هذا بعض العمق والذى يأتى من التنشئة التعليمية السليمة وإتاحة الفرص أمام الشباب فى الجامعة والتغذية الجيدة التى تأتى من وسائل الإعلام، مشددا على أهمية الدور الذى يلعبه الإعلام فى الصراع ضد التطرف والإرهاب، مؤكدا أن التركيز على الوسطية الإسلامية وعلى الانفتاح والتعددية هو جزء لا يتجزأ من الحرب ضد ظاهرتى الإرهاب والتطرف.
وحول دور مكتبة الإسكندرية فى نشر الثقافة والوعى وإعادة الروح للحضارة المصرية، قال سراج الدين إنه لا توجد مؤسسة فى مصر لها اتصال بالشعب أكثر من مكتبة الإسكندرية، والمكتبة تتلقى 2.7 مليون نقرة فى اليوم الواحد، ونصفهم، يعنى 1.4 مليون تقريبا، من داخل مصر وهذا يوضح أن هناك تواصلا جماهيريا مستمرا، وهذا التواصل موجود بالرغم من أن موقع المكتبة ليس بالموقع الخبرى فهذا العدد اليومى الضخم من زوار الموقع لا يبغى إلا الثقافة والمعرفة، كما أن المكتبة لديها تواجد فى جامعات مصر من خلال غرف خاصة يطلق عليها اسم "سفارات المعرفة" موجودة فى كل مكان فى البلاد فى كفر الشيخ وطنطا وسوهاج، من أسوان لمرسى مطروح ومن الوادى الجديد للعريش، وهناك مركز فى وسط القاهرة فى بيت السنارى فى السيدة زينب، كما تنظم المكتبة حوالى 350 حدثا ثقافيا هناك ومن 800 إلى 900 فعالية فى الإسكندرية معربا عن أمنيته أن يكون هناك المزيد والمزيد من مراكز الإشعاع الثقافى فى جميع أنحاء مصر.
وتحدث سراج الدين عن تركه لمنصبه كرئيس للمكتبه فى شهر مايو الماضى فقال إن المكتبة ضربت مثلا أكثر من رائع فى كيفية استلام وتسلم القيادة، مؤكدا أنه متفائل جدا أنه تحت قيادة الدكتور مصطفى الفقى فإن المكتبة لن تؤكد فقط على النجاحات الماضية وإنما ستنتقل أيضا إلى نجاحات جديدة.
كما تحدث عن جدول أعماله فقال إن لديه الكثير من الأنشطة على المستوى الدولى، فهو رئيس مجلس إدارة المركز الذى نظم المنتدى الذى عقد ببكين، كما إنه عضو فى لجان ومجالس دولية كثيرة، فقال إنه فى الفترة الماضية انتهينا بالتعاون مع كوفى عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة من استراتيجية البنك الإفريقى للعشرة أعوام المقبلة، وتم الانتهاء كذلك من تقييم الأكاديميات العلمية على الجينات.
وتناولت جلسات المنتدى الذى اختتم أعماله نهاية الأسبوع الماضى خمسة موضوعات، هى مستقبل العلاقات الدولية: الصين فى عصر العولمة، ودور الصين فى النظام الاقتصادى العالمى، والصين كمساهم فى الأمن العالمى، والصين فى عصر التواصل وفهم مبادرة الحزام والطريق، والصين كمساهم فى الحوكمة العالمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة