كرم جبر

فى الحسين حتى الفجر!

الإثنين، 12 يونيو 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مساء الخميس الماضى دعانى وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، لإلقاء محاضرة فى السرادق الرمضانى أمام مسجد الحسين، حول «التعليم والهوية الوطنية»، وأهم من الندوة الاستمتاع بسهرة رمضانية فى رحاب سيدنا الحسين، ولم يكن هناك موضع لقدم من شدة الازدحام، حيث حرص الآلاف على قضاء ليلة الجمعة فى أجواء دينية رائعة، يندر أن تجد مثلها فى أى مكان فى العالم، نساء وأطفال وشباب وكبار، لم يتركوا شبرًا وملأوا الأرض والمقاهى والحوارى الضيقة حول المسجد، وظل الزدحام على أشده إلى  ما بعد صلاة الفجر.
 
والله زمان يا مصر بدأت تعودين، وتستعيدين الأيام الحلوة، وتنفضين غبار القلق والتوتر والانهيار، ويسهر المصريون كما كانوا حتى الصباح، دون خوف من اللصوص وقطّاع الطرق، فالأمن بالنسبة للناس حياة أو موت، ومرت أيام سوداء سادت فيها البلطجة، وانعدم الإحساس بالأمان، وانتشرت الجرائم بكل صورها وأشكالها، والدول الأخرى التى مرت بنفس الحالة مازالت تتعثر وتتخبط، ولكن مصر تعافت ووقفت على قدميها واستردت قوتها، لأنها دولة كبيرة، والكبير إذا وقع لديه القدرة على أن ينهض بسرعة، متكئًا على جذوره الراسخة فى أعماق التاريخ.
 
أما موضوع الندوة «التعليم والهوية الوطنية»، فهو المشكلة الأساسية التى تعانى منها مصر، فكل شىء يبدأ وينتهى عند غرس قيمة حب الوطن فى نفوس النشء، ليعلموا منذ نعومة أظافرهم أن العلم ليس مجرد قطعة قماش، لكنه رمز لانتصارات الأمة ومجدها ومعاركها على مر التاريخ، وأن نشيد الصباح وهتاف «تحيا جمهورية مصر العربية» قَسَم يومى للحفاظ على هذا الوطن وأرضه وسمائه وترابه، وقبل أن نعلّم التلاميذ القراءة والكتابة، يحب أن يتعلموا كيف يحبون بلدهم.
 
ماذا يختلف الجيل القديم عن الجيل الحالى؟.. تدهور القيم الوطنية الأصيلة التى كانت تميّز مصر، وأهمها قيمة الاحترام، وبتدهورها تجرّأ التلاميذ على المدرسين، ويسىء المدرسون معاملة التلاميذ، والله يلعن «مدرسة المشاغبين» التى كانت بداية الانهيار، وجعلت «مرسى الزناتى» و«أبويا اتحرق» هما القيمة البديلة التى تضحكنا، ويقلدها التلاميذ فى الفصول دون وعى بأننا نهدم أصول الأدب ونستبدل بها قلة الأدب، وزاد الطين بلة أن مصير المدرس أصبح فى يد الطالب، وفى الدروس الخصوصية.
 
لن ينصلح حال مصر إلا إذا انصلح حال التعليم، ومهما بنينا مدنًا وغزونا الصحراء وشيدنا طرقًا، فلا فائدة منها إذا لم يكن المواطن حريصًا على الحفاظ عليها، وليس هدمها وتخريبها، ولن يحدث ذلك إلا إذا رسخ التعليم قيمة حب الوطن، فمن يحب وطنه يكون حريصًا عليه، لا يسرقه، ولا ينهب ثرواته، ولا يستثمر أزماته، وهذا هو الفارق بيننا وبين الدول المتقدمة، وبين الشعوب التى أصّل فيها التعليم معرفة حقوقها وواجباتها، وبين الشعوب التى تعتمد العشوائية فى كل شىء.
 
لن ينصلح حال مصر إلا إذا قاد التعليم ثورة الإصلاح، وأنتج لنا جيلًا لم تمسخه العولمة، فأصبح كارهًا لبلده، متمنيًا الهجرة منه إلى  عالم من الخيال يعيش تفاصيله على مواقع التواصل الاجتماعى، ولن تسترد مصر شبابها إلا إذا فتحت أمامهم أبواب المستقبل، بنظام تعليمى يؤهلهم للعمل وليس البطالة، ويوظف طاقاتهم وقدراتهم فى المصانع والمزارع، وليس فى المقاهى والشيشة والبرشام.. نظام تعليمى يؤهلهم للأمل والحياة، وليس اليأس والإحباط.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة