العزاء لمصر كلها وليس للإخوة المسيحيين فقط، فالطعنة الغادرة كانت للوطن كله، فى عمل بربرى همجى خسيس لم تعرف البشرية مثله، إلا فى أسوأ مراحل التردى والوحشية، حتى عصابات الغدر والخيانة لا تقدم على قتل نساء وأطفال عزل، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ولا يحملون فى أيديهم سلاحا، وبعد أن نكّل بهم الجبناء فروا فى الصحراء، خوفا من أن تبطش بهم قوات الأمن، فهم لا ينتصرون إلا فى مواجهة نساء وأطفال وعزل من السلاح، ومنزوعون من شرف المواجهة، ولا يعرفون إلا التسلل لقتل الأبرياء غدرا وخسة.
العزاء لمصر كلها، وكان ضروريا أن يأتى الثأر سريعا، قبل أن تبرد دماء شهداء الوطن الأبرار، حتى يخلد الناس إلى نومهم ببعض الراحة، فقد أراد الإرهابيون أن يستبدلوا فرحة استقبال رمضان، بأحزان وقتلى ودماء، وأن يحولوا الشهر الكريم من البهجة والعبادة، إلى الدموع والبكاء والرثاء، وراعهم فرحة الإخوة المسيحيين وتهنئتهم لشركائهم فى الوطن، فأرادوا أن يحولوا المشهد الجميل إلى سرادق عزاء، فكان ضروريا أن يكون الثأر سريعا وفى نفس اليوم.
أعادت إلينا الغارات الجوية على قواعد الإرهابيين فى ليبيا الثقة والطمأنينة، وأكدت قدرة القوات المسلحة على حماية الأمن القومى المصرى فى الداخل والخارج، وفى صدارة أولوياته أرواح وممتلكات المصريين، والتصدى لكل المخاطر التى تهددهم، وأن ذراع الدولة الطويلة تستطيع أن تصل جحور الإرهاب فى أى مكان، لتهدمها فوق رؤوسهم، وترد لهم الكيل كيلين وعشرة، وكانت قلوب الناس ترفرف فرحا، وهى ترى نسور الجو عبر الشاشات، وهم يقومون بعمل بطولى رائع، بتدمير قواعد عصابات الإرهاب ودكها بالأرض، وما أروع الشعور بقوة الردع، والتغلب على مشاعر الحزن.
كان ضروريا أن يأتى الرد سريعا، حتى يعلم هؤلاء الخونة أن جريمتهم لن تمر دون عقاب، وأن فى مصر دولة قوية وجيش عظيم، يمتلك رجالا وأسلحة وتكنولوجيا حديثة، جعلته فى صدارة جيوش المنطقة، ويستطيع أن يصل إليهم فى قواعدهم التى يختبئون بها فى أى مكان، وأن مصر ليست دولة هشة كالدول التى استباحوها، ودمروا جيوشها واستعبدوا شعوبها، فهذا وطن لحمه مر لا يركع ولا يخضع ولا يستسلم، وتزيده المحن جلدا وقوة وعزيمة، ويخرج من الأزمات أقوى إرادة وأكثر صمودا، وطن لا يعرف الخوف من عصابات إرهابية، مر عليه مثلها كثيرا على مدى التاريخ، فاندحرت وزالت ولم يبق منها سوى العار.
كنا نتمنى أن يأتى رمضان فى هدوء وسكينة، مركزين جهودنا على مجابهة أزمات الغلاء وارتفاع الأسعار، وجهود الدولة لتوفير متطلبات الشهر الكريم بأسعار يقدر عليها الناس، والمساجد تتهيأ لصلاة التراويح، والشوارع تكسوها الأنوار والزينات، والفضائيات تستعرض قوتها فى عرض المسلسلات، فجاءت الطعنة الغادرة لتغير الحسابات، وتنبهنا أن الخطر مازال تحت جلودنا، متربصا بحياتنا وأرواحنا ومنتهزا أى فرصة للانقضاض، وأن من حق هذا الوطن العظيم علينا جميعا، أن نؤمن حاضره ومستقبله، من أجل أولادنا وأحفادنا، ومن أجل الحياة ضد أعداء الحياة، والاستمرار فى حربنا المقدسة ضد الإرهاب إلى نهايتها، حتى يتحرر كل شبر من ترابنا الوطنى من الفئران المختبئين فى الجحور.
الحرب ضد الإرهاب طويلة وصعبة ومعقدة، لأن العدو الغادر جزء من شعبنا، يعيشون معنا ويختبئون بيننا، وفجأة يظهرون ويرتدون أقنعتهم الحقيقية، ويرتكبون جرائمهم، أما العدو الخارجى فتعرفه وتحاربه فى ميادين قتال محددة، وللحروب قواعد وقوانين لا تعرفها عصابات الغدر والإرهاب، فالجيوش لا تقدم إلا فى حالات نادرة على قتل النساء والأطفال العزل من السلاح، أما هذه العصابات البربرية، فلا تقتل إلا النساء والأطفال والعزل من السلاح، ومن أشد تعقيدات الحرب ضد الإرهاب، أن الإرهابيين يلقون دعما محليا فى بعض الأوقات، إما بمساعدتهم أو بعدم الإبلاغ عنهم، خوفا من سطوتهم، وهذا يتطلب من الشعوب أن تتسلح بسياسة النفس الطويل.
لم تكن مفاجأة أن يكون الأقباط هم المستهدفين فى الشهور الأخيرة، فقد كشف قادة تلك العصابات الإرهابية عن اتجاههم لاستهداف الأقباط، حتى يحدثوا شرخا فى النسيج الوطنى، ولإشاعة أن الدولة المصرية لا تستطيع حماية مواطنيها الأقباط، وترويج ذلك فى الخارج، لاستعادة أوهام جماعة الإخوان الإرهابية، التى كانت تروج لتقسيم الوطن المصرى، ليفوزوا بقطعة منه، يقيمون عليها دولة خلافتهم المنكوبة، فجمعوا عتاة الإرهابيين فى العالم وحشدوهم فى سيناء انتظارا لليوم الموعود، ولما أصابهم اليأس والإحباط، وأوشكوا على الانتحار فى سيناء، من قوة الضربات المؤثرة للجيش والشرطة، تسلل بعضهم إلى داخل البلاد، للقيام بمثل تلك الأعمال اليائسة.
الدروس المستفادة كثيرة، وأهمها أن المصريين جميعا وقفوا على قلب رجل واحد، لاستنكار الجريمة الهمجية، وتدافع المسلم مع المسيحى للتبرع بدمه وإنقاذ الضحايا، فى رسالة قوية وحاسمة تقول للإرهابيين: «خاب مسعاكم»، فجرائمكم لن تزيدنا إلا تمسكا وتلاحما وعزيمة وإصرارا، ولن ينشق الصف ولن نتبادل الاتهامات، وسنواجهكم وأيدينا متماسكة وقلوبنا متحدة، فبالأمس استهدفتم جنودنا وضباطنا فى سيناء، واليوم تهددون جزءا غاليا من شعبنا، وأنتم فى الحقيقة تستهدفون مصر كلها، وماضيها وحاضرها ومستقبلها، وتاريخها وحضارتها وهويتها الثقافية، وتميزها الأخلاقى والإبداعى والفنى، تستهدفون وطنا نابضا بالحياة والإشراق، لتنشروا فيه لون الدم ورائحة الموت.
نقول للإرهابيين بملء الفم: «خاب سعيكم»، تملأنا الأحزان ويعترينا الغضب، وكنا نتمنى أن نمضى شهرا كريما كله بهجة وصلاة وسعادة، ولكن رغم الجرح ومر الشعور، عاشت مصر، ولكم الفناء.
عدد الردود 0
بواسطة:
د.قدرى
لن يتوقف الارهاب حتى يتم فصل الدين عن القانون والدولة
تعانى الدول الاسلامية من تداخل كبير بين آراء دينية وتفاصيل حياة الناس وهى مسألة تحول دون تقدم هذة الدول واخيرا تدخلهم فى حروب يقتل بعضهم بعضا ... وبالرغم من ايمان الناس بالطب الحديث مثلا فهناك من يستخدم الطب الحديث وهو يؤمن اكثر بانواع من طب الخرافات ....الاديان لا علاقة لها بالعلم او الطب او السياسة او الاجتماع او تنظيم حياة الناس...خذ مثلا مسالة حضانة طفل انفصل ابوية تدخل الفقة فيها مابين الاب ثم الام ثم الجد ثم...ثم...ثم...وهذة ليست مسالة دينية والراى العقلى فيها ان يطلع القاضى على امكانيات كل طرف وقدرتة على تربية الطفل ويدفع بالطفل لاقدرهم على رعاية الطفل فان راى القاضى انهم كلهم لا يؤتمنوا على تربية الطفل فانة يامر بالدفع بالطفل الى احدى مؤسسات الرعاية بالدولة لان الدولة يجب ان تطمئن ان ابناءها لن ينشأوا فى اجواء فاسدة او اجرامية...اما ان يتمسك الاب مثلا " ابنى وانا حر فية " فهذة رؤية فقهية غير صحيحة وتدخل المجتمع فى بؤس وصراعات وتنتج لنا مجرمين فقط....محاولات التوفيق بين الرأى العلمى والفقهى فشلت فى اوروبا وفى دولنا ولن تنتج لنا الا مزيد من البؤس والشقاء ....والحل هو انة فى دولة مدنية حديثة فان موضوع حضانة الطفل ليست مسألة دينية ولا علاقة للدين بها وهكذا فى كل الشئون الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وخلافة....محاولات الترقيع والحلول الوسط لن تجدى...لن تجدى ارسال