حققت زيارة الرئيس الأمريكى ترامب إلى الرياض والقمم الثلاث التى شهدتها، مكاسب متعددة للأطراف المشاركة فيها، على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، فمن ناحية أبرم الجانب الأمريكى عقوداً استثمارية وصفقات أسلحة بمبالغ مالية ضخمة مع المملكة، تعد الأكبر فى تاريخ الولايات المتحدة، كما أكدت واشنطن على المسؤولية المشتركة لدول المنطقة معها فى محاربة الإرهاب والتطرف، ودعم استقرار الإقليم.
ومن ناحية أخرى أعادت هذه الزيارة التوازن للعلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية، وتبنى موقف مُوحد ضد المد الإيرانى الذى يهدد استقرار وأمن المنطقة. كما وقعت السعودية اتفاقيات مع شركات أمريكية ستسهم فى دعم رؤية «المملكة 2030»، وزيادة قدراتها العسكرية فى تأمين حدودها ومواجهة مخاطر الإرهاب» أمام الحوثيين فى اليمن المعروف عنهم أنهم نقضوا أكثر من 90 اتفاقا، وأطلقوا 70 صاروخا باليستيا ضد السعودية، وانتهكوا ترتيبات إطلاق النار أكثر من مرة، وبالتالى كان حقا وضع حدود لهذا التطاول والهجوم.
هذا وفقا إلى التحليلات المتابعة للقمة المتعددة الأبعاد، أما تطور الأحداث بعد ذلك فقطر قد خرجت عن النص كما كان متوقعا وخرجت علينا بتصريحات مستفزة وكاشفة لخلافات وتوتر فى العلاقات، وهذا سوء أداء فى هذا الزمان لن يفيدها كثيرا، وعليها الالتزام بالمنهج الجديد وضرورة أن يكون لها مراجعات داخلية لتصرفاتها وتصريحاتها وإلا ستدفع ثمن استمرار هوايتها فى أن تغرد خارج السرب.
من جهة أخرى طالب ترامب الرئيس الأمريكى بصراحة «اطردوا الإرهابيين من أراضيكم»، كانت كلمات مبطنة تؤشر لأنظمة تحتضن الإرهاب وتدعم رجال داعش، إيران وحزب الله وحماس والإخوان فهؤلاء جميعا تم تعريفهم بالاسم، وأصبحت الحرب مفتوحة عليهم وعلى من يدعمهم.. إذا قطر وتركيا ومن يتماشى على خطواتهما فى معزل عن هذا المحور الحديث الجميع أصبح فى سلة واحدة وعليكم إعادة الحسابات.
المبادرة الأمريكية ستؤدى إلى تغيرات جذرية فى السياسة الأمريكية والرهان على التعنت والرفض لن يفيد أحد، فقطر مازالت تحارب الإجماع والاختلافات والخلافات فى بعض الملفات المهمة فى الإقليم تتحرك من خلف الستار وما أكثرها ولن تفلح بعد اليوم محاولات رأب الصدع الذى تمدد منذ زمن طويل، والإمارات والبحرين ليسا من المفضلين أو المقربين لقطر، فالخلافات أكثر من التفاهمات وقطر لم يعجبها إعادة التقارب المصرى السعودى مؤخرا، فهو يؤثر على طموحها وأهدافها، أما إيران فغالبا ستحاول التصعيد من خلال أذرع مختلفة «الحوثيون وحزب الله وحشد شعبى».. إلخ لتفجير الوضع فى المنطقة لتجبر الأطراف للجلوس معها على الطاولة ومشاركتها الفعلية بدل أن تكون ضيفة فقط.
إذا مصر تستفيد أن استطاعت التنسيق مع دول الخليج والسعودية على رأسهم، أما هذا الأسلوب من النقد والهدم والسخرية من قبل بعض المحللين على القمة العالمية التى تمت استضافتها فى الرياض لن يغير أو يبدل ولن يفيد فى شىء فقط سيترك رواسب على العلاقات الاستراتجية مع المملكة، ونصبح فقط من الخاسرين للفرص والمحترفين فى ضياع المصالح المصرية والدولية للفترة المقبلة، فنحن نملك من الخبرة والأوراق التى تعطى التميز فى الأدوار والأداء يضيف ويفيد المحور الجديد الذى طرحة ترامب رئيس قارة كاملة، وأكبر دولة تهيمن فى مجال السياسة والاقتصاد والسلاح على العالم، ورئيس أكبر دولة حين تقرر مؤسساته مصالحها تحدد نقاط التقارب وتقرر التهدئة، فعلى السعودية ومصر استثمار ذلك لمصالحهما الداخلية، فالمهم كيف تستفيد الدول العربية باستعادة أمنها واستقرارها فى ظل هذا المحور الجديد بالمشاركة أو الإضافة أو المنفعة الاقتصاديا، هناك أمر واقع فرض على الأرض وعلينا اقتناص الأدوار والفرص بعد هذه المشاركة فى القمة.
حقا سقطت أقنعة كثيرة وظهر من يحاول شق الصف ومن يعمل بذكاء للمنفعة والمصالح ومن لا يحمل سوى فن المراهقة السياسية، ومن وضع النقاط فوق الحروف فى ضرورة تحديد الممول والمدرب والراعى للإرهاب والإخوان.
مرة أخرى إسرائيل مستفيدة فى كل الأحوال وعلاقتها معروفة ومسجلة مع قطر وقنواتها الإعلامية، وإن كانت المرحلة قادمة على حرب أو تهدئة تظل هى الفائز الأول هى وأمريكا.
إذا علينا إبعاد التوترات مع الدول الخليجية الصديقة وتحديد الأعداء والبحث عن استعادة الأدوار وإغلاق المساحات التى تشكل نواة للخلافات او الأزمات المقبلة.. إدارة المرحلة المقبلة بذكاء يضمن لك النجاح وإعادة التموضع على الساحة الدولية والعكس صحيح؟!
لقد وجب سرعة البحث لتقديم السلاح الآخر المتميز فى وجه الإرهاب بعد هذه القمة، وهذا ما يمكن أن تقدمه مصر على الساحة الدولية بطرح مشروع لمركز القوة الناعمة العربية.
مصر تميزت تاريخيا وتميزت فى الصمود أمام الربيع العربى وعليها الخروج الآن بتوصيات لهذه المرحلة الحرجة بالحفاظ على هوية الدول وتشكيل مركز قوة ناعمة من عدد من الدول وليس فقط مركز لمحاربة الإرهاب، لأن القوة الناعمة من الفن والثقافة والإعلام هو أفضل مدافع عن الاعتدال الدينى والعيش المشترك وهى التى تفجر الطاقات للشباب والحائط المنيع الذى يحصن العقول من دخول المشوهين لصورة السماحة فى الأديان والإسلام المعتدل، وتحقيق هذة التوصيات هو القادر على الحماية المستدامة للبشرية والحفاظ على الإنسانية لصورة هذه المجتمعات العربية والإسلامية.
هذة القوة الناعمة تقتحم العقول بجاذبية وبإقناع دون إكراه أو نزاعات حروب أو دماء، فهى قوة ناعمة تغير ولا تتغير، وتصدر مشهدا يفيد فى الاقتصاد والسياحة والاستثمار فى البشر وليس فقط الحجر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة