فى ذكرى رحيله.. نزار قبانى يرثى زوجته وابنه وأبيه وجمال عبد الناصر

الأحد، 30 أبريل 2017 03:12 م
فى ذكرى رحيله..  نزار قبانى يرثى زوجته وابنه وأبيه وجمال عبد الناصر نزار قبانى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى رحيل الشاعر الكبير نزار قبانى الذى توفى فى لندن 30 أبريل 1998، والشاعر العربى الكبير مشهور بقصائد الحب، لكن الموت أيضا كان له نصيب كبير فى شعره ومن ذلك:

 

رثاء عبد المنعم رياض

لو يُقَتلون مثلما قتلت

لو يعرفون أن يموتوا.. مثلما فعلت

لو مدمنو الكلام فى بلادنا

قد بذلوا نصف الذى بذلت

لو أنهم من خلف طاولاتهم

قد خرجوا.. كما خرجت أنت..

واحترقوا فى لهب المجد، كما احترقت

لم يسقط المسيح مذبوحاً على تراب الناصرة

ولا استُبيحت تغلبٌ

وانكسرَ المناذرةُ..

و قرأوا - يا سيدى القائد - ما كتبت

لكنَّ من عرفتهم

ظلوا على الحال الذى عرفت..

يدخنون، يسكرون، يقتلون الوقت

ويطعمون الشعب أوراق البلاغات كما علمت

وبعضهم.. يغوص فى وحوله..

وبعضهم..

يغصُّ فى بتروله..

وبعضهم..

قد أغلق الباب على حريمه..

ومنتهى نضاله..

جارية فى التخت..

يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرت..

الخطوة الأولى إلى تحريرنا

أنتَ بها بدأت..

يا أيها الغارق فى دمائه

جميعهم قد كذبوا.. وأنت قد صدقت..

جميعهم قد هُزموا

ووحدكَ انتَصَرت    

 

بلقيس الراوى

 

شكرا لكم..

شكرا لكم..

فحبيبتى قتلت.. وصار بوسعكم

ان تشربو كأسا على قبر الشهيدة

وقصيدتى اغتيلت..

وهل من امةٍ فى الأرض..

-إلا نحن- نغتال القصيدة؟

 

بلقـيس..

كانت أجمل الملكات فى تاريخ بابل

بلقيس.. كانت أطول النخلات فى أرض العراق

كانت إذا تمشي..

ترافقها طواويس..

وتتبعها أيائل..

 

بلقيس.. يا وجعي..

ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل

هل يا ترى..

من بعد شَعْرِكِ سوف ترتفع السنابل؟

 

يا نينوى الخضراء..

يا غجريتى الشقراء..

يا أمواج دجلة..

تلبسُ فى الربيع بساقها

أحلى الخلاخل..

 

قتلوكِ يا بلقيسُ..

أيةُ أمة عربية..

تلكَ التي

تغتال أصوات البلابل؟

 

أين السموأل؟

والمهلهل؟

والغطاريف الأوائل؟

فقبائلٌ أكلتْ قبائل..

وثعالب قتلت ثعالب..

وعناكب قتلت عناكب..

 

قسماً بعينيك اللتين اليهما..

تأوى ملايين الكواكب..

سأقول، يا قمري، عن العرب العجائب

فهل البطولة كذبة ٌ عربية ٌ؟

أم مثلنا التاريخ كاذبْ؟.

 

بلقيس

لا تتغيبى عنى

فإن الشمـــس بعدكِ

لا تضيءُ على السَـــــــــواحلْ..

 

سأقول فى التحقيق:

إن اللصَّ يرتدى ثوب المقاتل

وأقول فى التحقيق:

إن القائد الموهوب أصبح كالمقاول..

 

وأقول:

إن حكاية الإشعاع، أسخف نكتة قيلت..

فنحن قبيلة بين القبائل

هذا هو التاريخ.. يا بلقيس..

كيف يُفرق الإنسان..

ما بين الحدائق والمزابل

 

بلقيس..

أيتها الشهيدة.. والقصيدة..

والمطهرة النقية..

سبأ تفتش عن مليكتها

فردى للجماهير التحية..

 

يا أعظم الملكات..

يا امرأة تجسد كل أمجاد العصور السومرية

بلقيس..

يا عصفورتى الأحلى..

ويا أيقونتى الأغلى

ويا دمعا تناثر فوق خد المجدلية

 

أتراى ظلمتكِ إذ نقلتكِ

ذات يوم ٍ.. من ضفاف الأعظميَّة

بيروت.. تقتُلُ كلَّ يوم ٍ واحداً منا..

وتبحث كلَّ يوم ٍ عن ضحية

 

والموتُ.. فى فنجان قهوتنا..

وفى مفتاح شقتنا..

وفى أزهار شُرفتنا..

وفى ورق الجرائد..

والحروف الأبجدية.

 

 توفيق

مكسرة كجفون أبيك هى الكلمات..

ومقصوصة ، كجناح أبيك، هى المفردات

فكيف يغنى المغني؟

وقد ملأ الدمع كل الدواه..

وماذا سأكتب يا بني؟

وموتك ألغى جميع اللغات..

لأى سماء نمد يدينا؟

ولا أحدا فى شوارع لندن يبكى علينا..

يهاجمنا الموت من كل صوب..

ويقطعنا مثل صفصافتين

فأذكر، حين أراك، عليا

وتذكر حين ترانى ، الحسين

أشيلك، يا ولدى ، فوق ظهري

كمئذنة كسرت قطعتين..

وشعرك حقل من القمح تحت المطر..

ورأسك فى راحتى وردة دمشقية .. وبقايا قمر

أواجه موتك وحدي..

وأجمع كل ثيابك وحدي

وألثم قمصانك العاطرات..

ورسمك فوق جواز السفر

وأصرخ مثل المجانين وحدي

وكل الوجوه أمامى نحاس

وكل العيون أمامى حجر

فكيف أقاوم سيف الزمان؟

وسيفى انكسر..

سأخبركم عن أميرى الجميل

سأخبركم عن أميرى الجميل

عن المكان مثل المرايا نقاء، ومثل السنابل طولا..

ومثل النخيل..

وكان صديق الخراف الصغيرة، كان صديق العصافير

كان صديق الهديل..

سأخبركم عن بنفسج عينيه..

هل تعرفون زجاج الكنائس؟

هل تعرفون دموع الثريات حين تسيل..

وهل تعرفون نوافير روما؟

وحزن المراكب قبل الرحيل

سأخبركم عنه..

كان كيوسف حسنا.. وكنت أخاف عليه من الذئب

كنت أخاف على شعره الذهبى الطويل

... وأمس أتوا يحملون قميص حبيبي

وقد صبغته دماء الأصيل

فما حيلتى يا قصيدة عمري؟

إذا كنت أنت جميلا..

وحظى جميلا..

لماذا الجرائد تغتالني؟

 

أبى

أماتَ أَبوك؟

ضَلالٌ! أنا لا يموتُ أبي.

ففى البيت منه

روائحُ ربٍّ.. وذكرى نَبي

هُنَا رُكْنُهُ.. تلكَ أشياؤهُ

تَفَتَّقُ عن ألف غُصْنٍ صبي

جريدتُه. تَبْغُهُ. مُتَّكَاهُ

كأنَّ أبى – بَعْدُ – لم يّذْهَبِ

وصحنُ الرمادِ.. وفنجانُهُ

على حالهِ.. بعدُ لم يُشْرَبِ

ونَظَّارتاهُ.. أيسلو الزُجاجُ

عُيُوناً أشفَّ من المغرب؟

بقاياهُ، فى الحُجُرات الفِساحِ

بقايا النُسُور على الملعبِ

أجولُ الزوايا عليه، فحيثُ

أمرُّ .. أمرُّ على مُعْشِبِ

أشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ

أُصلِّى على صدرهِ المُتْعَبِ

أبي.. لم يَزلْ بيننا، والحديثُ

حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ

يسامرنا.. فالدوالى الحُبالى

تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ..

أبى خَبَراً كانَ من جَنَّةٍ

 

ومعنى من الأرْحَبِ الأرْحَبِ..

وعَيْنَا أبي.. ملجأٌ للنجومِ

فهل يذكرُ الشَرْقُ عَيْنَى أبي؟

بذاكرة الصيف من والدي

كرومٌ، وذاكرةِ الكوكبِ..

 

أبى يا أبى .. إنَّ تاريخَ طيبٍ

وراءكَ يمشي، فلا تَعْتَبِ..

على اسْمِكَ نمضي، فمن طّيِّبٍ

شهى المجاني، إلى أطيبِ

 

حَمَلْتُكَ فى صَحْو عَيْنَيَّ.. حتى

تَهيَّأ للناس أنِّى أبي..

أشيلُكَ حتى بنَبْرة صوتي

فكيف ذَهَبْتَ.. ولا زلتَ بي؟

*

 

جمال عبد الناصر

 

1

قتلناكَ.. يا آخرَ الأنبياءْ

قتلناكَ..

ليسَ جديداً علينا

اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ

فكم من رسولٍ قتلنا..

وكم من إمامٍ..

ذبحناهُ وهوَ يصلّى صلاةَ العشاءْ

فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ

وأيامُنا كلُّها كربلاءْ..

 

2

نزلتَ علينا كتاباً جميلاً

ولكننا لا نجيدُ القراءهْ..

وسافرتَ فينا لأرضِ البراءهْ

ولكننا.. ما قبلنا الرحيلا..

تركناكَ فى شمسِ سيناءَ وحدكْ..

تكلّمُ ربكَ فى الطورِ وحدكْ

وتعرى..

وتشقى..

وتعطشُ وحدكْ..

ونحنُ هنا نجلسُ القرفصاءْ

نبيعُ الشعاراتِ للأغبياءْ

ونحشو الجماهيرَ تبناً وقشاً

 

ونتركهم يعلكونَ الهواءْ

 

3

قتلناكَ..

يا جبلَ الكبرياءْ

وآخرَ قنديلِ زيتٍ..

يضيءُ لنا فى ليالى الشتاءْ

وآخرَ سيفٍ من القادسيهْ

قتلناكَ نحنُ بكلتا يدينا

وقُلنا المنيَّهْ

 

لماذا قبلتَ المجيءَ إلينا؟

فمثلُكَ كانَ كثيراً علينا..

سقيناكَ سُمَّ العروبةِ حتى شبعتْ..

رميناكَ فى نارِ عمَّانَ حتى احترقتْ

أريناكَ غدرَ العروبةِ حتى كفرتْ

لماذا ظهرتَ بأرضِ النفاقْ..

لماذا ظهرتْ؟

فنحنُ شعوبٌ من الجاهليهْ

ونحنُ التقلّبُ..

نحنُ التذبذبُ..

 

والباطنيّهْ..

نُبايعُ أربابنا فى الصباح..

ونأكلُهم حينَ تأتى العشيّهْ..

4

قتلناكَ..

يا حُبّنا وهوانا

وكنتَ الصديقَ، وكنتَ الصدوقَ،

وكنتَ أبانا..

وحينَ غسلنا يدينا.. اكتشفنا

بأنّا قتلنا مُنانا..

وأنَّ دماءكَ فوقَ الوسادةِ..

 

كانتْ دِمانا

نفضتَ غبارَ الدراويشِ عنّا..

أعدتَ إلينا صِبانا

وسافرتَ فينا إلى المستحيل

وعلمتنا الزهوَ والعنفوانا..

ولكننا

حينَ طالَ المسيرُ علينا

وطالتْ أظافرُنا ولحانا

قتلنا الحصانا..

 

فتبّتْ يدانا..

فتبّتْ يدانا..

أتينا إليكَ بعاهاتنا..

وأحقادِنا.. وانحرافاتنا..

إلى أن ذبحناكَ ذبحاً

بسيفِ أسانا

فليتكَ فى أرضِنا ما ظهرتَ..

وليتكَ كنتَ نبى سِوانا…

 

 

 

5

أبا خالدٍ.. يا قصيدةَ شعرٍ تقالُ

فيخضرُّ منها المدادْ..

إلى أينَ؟

يا فارسَ الحُلمِ تمضي..

وما الشوطُ، حينَ يموتُ الجوادْ؟

إلى أينَ؟

كلُّ الأساطيرِ ماتتْ..

بموتكَ.. وانتحرتْ شهرزادْ

وراءَ الجنازةِ.. سارتْ قريشٌ

 

فهذا هشامٌ..

وهذا زيادْ..

وهذا يريقُ الدموعَ عليكْ

وخنجرهُ، تحتَ ثوبِ الحدادْ

وهذا يجاهدُ فى نومهِ..

وفى الصحوِ..

يبكى عليهِ الجهادْ..

وهذا يحاولُ بعدكَ مُلكاً..

وبعدكَ.. كلُّ الملوكِ رمادْ..

وفودُ الخوارجِ.. جاءتْ جميعاً

 

لتنظمَ فيكَ ملاحمَ عشق

فمن كفَّروكَ..

ومَنْ خوَّنوكَ..

ومَن صلبوكَ ببابِ دمشقْ

أُنادى عليكَ.. أبا خالدٍ

وأعرفُ أنّى أنادى بوادْ

وأعرفُ أنكَ لن تستجيبَ

وأنَّ الخوارقَ ليستْ تُعاد










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة