وسط 200 قطعة فنية تنوعت بين لوحات زيتية وخزف ومنحوتات تعرضها مكتبة الإسكندرية، يبرز تمثال لعميد الأدب العربى طه حسين، لم يجذب الانتباه إليه لهوية صاحبه وحسب بل ولقدر ما يحمله من رموز ودلالات.
التمثال من أهم أعمال النحات المصرى الراحل عبد الهادى الوشاحى (1936-2013)، وهو يبرز بوضوح داخل معرض (مختارات من المقتنيات الفنية لمكتبة الإسكندرية) المقام بمناسبة مرور 15 عاما على افتتاح المكتبة رسميا.
يصور العمل طه حسين جالسا على مقعد ويجتذب إليه الأعين بأناقته الشديدة وقامته العالية على نحو يرمز للشموخ والرفعة.
وتضاهى القامة شديدة العلو ذراعان تمتدان على نحو يرمز لعطاء الفكر والقلم.
ويتسلل الضوء من فجوات فى رأس التمثال إلى منطقة العينين، فيشع منهما نورا يظهر حرص الفنان على إبراز "البصيرة" رغم "كف البصر".
وقال جمال حسنى مدير إدارة المعارض والمقتنيات بالمكتبة "التمثال من أحدث المقتنيات التى أهديت للمكتبة بمناسبة 15 عاما على افتتاحها وهو تقدير كبير من أسرة الوشاحى لدور المكتبة لأنه عمل مهم وينطوى على تحليل رائع للشخصية ومن المناسب تماما وضعه بمكتبة الإسكندرية."
وأهدت أسرة الفنان الراحل، متمثلة فى ابنه سيف الوشاحى، التمثال الذى استغرق إعداده قرابة خمس سنوات إلى المكتبة.
كان التمثال قد خرج إلى النور أول مرة عام 2014 فى معرض استعادى، وهو المعرض الذى يضم كل أعمال الفنان أو معظمها بعد رحيله، بعد أن ظل حبيسا قرابة عقدين لتعذر التوصل إلى اتفاق مع جهة مسئولة لصبه فى مادة البرونز الأكثر قدرة على التحمل.
وقالت أميرة فهمى، والدة سيف الوشاحى "التمثال من أهم أعمال عبد الهادى الوشاحى إن لم يكن أهمها على الإطلاق سواء من حيث القيمة أو الحجم، فهو تمثال صرحى يفترض وضعه فى ميدان."
وأضافت "التمثال معروض حاليا من خلال مادة البوليستر الوسيطة ونال من قبل موافقة ثلاثة وزراء لصبه فى مادة البرونز ووضعه داخل جامعة القاهرة باعتبارها بيت طه حسين أو خارجها فى مواجهة تمثال نهضة مصر لكن لم يحدث أى تحرك حتى الآن."
وتابعت قائلة "قررنا إهداء التمثال لمكتبة الإسكندرية باعتبارها منارة ثقافية وحضارية ليس فى مصر فحسب لكن بالعالم العربى أجمع وهى كذلك جسر ما بين جنوب البحر المتوسط وشماله لذلك سينال التمثال حظه من العرض."
ومن أبرز القطع التى لفتت الانتباه أيضا بمعرض مقتنيات مكتبة الإسكندرية كتابا الإلياذة والأوديسة المقدمان من دار نشر لاديان فرانسيز والتى تمد جسر تعاون مع المكتبة منذ سنوات طويلة.
وقال جان بول أوريليا مدير نشر دار لاديان فرانسيز لرويترز "جئت إلى مكتبة الإسكندرية من قبل أعوام 2010 و2012 و2016 وأدرك مدى أهميتها كمؤسسة ثقافية بحوض البحر المتوسط."
وأضاف "هذا العام أحضرت معى نسخة من ملحمتى الإلياذة والأوديسة للشاعر هوميروس وأعتقد أنهما تمثلان أهمية خاصة للإسكندرية لما يربط المدينة من علاقات وثيقة بالحضارتين الإغريقية والرومانية."
وتابع قائلا "تهتم دار لاديان فرانسيز بالأعمال التراثية القديمة، وفى تعاونها مع مكتبة الإسكندرية حفاظ على هذا التراث الذى عرفنا من خلاله أيضا مكتبة الإسكندرية القديمة."
والملحمتان أيضا من أحدث إهداءات دار نشر لاديان فرانسيز التى قدمت لمكتبة الإسكندرية حتى الآن 74 إصدارا من الأعمال الأصلية النادرة.
وقال حسنى مدير إدارة المعارض والمقتنيات بالمكتبة "الإلياذة والأوديسة تم تنقيحهما فى مكتبة الإسكندرية القديمة ومن الطبيعى أن تكونا اليوم فى مكتبة الإسكندرية الحديثة."
وأضاف "هما كتابان فى أربعة أجزاء كل كتاب فى جزأين. وبخلاف القيمة الثقافية فحتى على مستوى القيمة المالية للكتابين بالنسبة لهواة جمع الكتب هى قيمة كبيرة إذ تباع النسخة الواحدة بحوالى 2000 يورو."
وإلى جانب القطع الفنية التى قدمت فى معرض مقتنيات مكتبة الإسكندرية يقول حسنى إن هناك مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية التى تلقتها المكتبة مؤخرا ولم يتسن عرضها لكنه واثق من أنها ستشكل إضافة قوية للمكتبة وستعزز دورها فى مجال الثقافة البصرية.
وقال "لدينا 40 عملا للفنانة الراحلة إنجى أفلاطون أهداها لنا ابن أختها وكذلك 90 صورة فوتوغرافية نادرة لمصر قبل عام 1952 صورها فنان أمريكى ولد بمصر قبل 96 عاما."
وتابع قائلا "هذا كله إضافة إلى أعمال تشكل مخرجات مشاريع فنية بمجال الفنون البصرية سواء ورش عمل لفنانين مصريين أو ورش عمل مشتركة بين فنانين محليين وأجانب وإهداءات خاصة تشكل ثروة فنية للمكتبة."
وتملك مكتبة الإسكندرية أكثر من 4000 قطعة فنية فى فنون النحت والرسم والتصوير والخزف بعضها لكبار الفنانين أمثال سيف وانلى وآدم حسنين ونبيل درويش ومصطفى عبد المعطى وعزيزة فهمى.
ويستمر معرض (مختارات من المقتنيات الفنية لمكتبة الإسكندرية) الذى افتتح يوم الخميس الماضى حتى السادس من مايو المقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة