"وآه يا براح عمال بيضيق".. عبارة سمعتها فى إحدى أغنيات محمد منير لم أدرك حقيقتها ولم أستشعر حقيقة مشاعرها إلا عندما وطأت قدماى أرض ذلك المكان، تلك المنطقة المقابلة لدار القضاء العالى بوسط البلد والتى أحيطت بأسوار حديدية عالية لتخصيصها لأعمال حفر مشروع مد خطوط مترو الانفاق والقيام بمشروعات قومية أخرى.
الحياة خلف الكردون
أبو أحمد بائع لعب أطفال فى منطقة الكردون قال لـ"اليوم السابع" إن التوتر والقلق يسيطران على أغلب وجوه المارة منه، فهم متجهون من وإلى أعمالهم فى مكان ضيق تحول من شارع طول بعرض إلى متر ونص بسبب التعديلات فى الشارع، لذا يسيطر على هذا المكان التوتر والعصبية التى تتولد بسبب الازدحام أثناء المرور.
ويضيف: حال جديد طرأ على هذا الشارع الواسع الذى كنت تتجول فيه مستمتعًا فيه بالبراح حتى فى أكثر ساعات اليوم ازدحامًا، ولكن تلك المرة تذهب لتجد الحال تبدل تمامًا، فبمجرد أن تعبر الطريق متجهاً لتلك المنطقة تجد الكردون يستقبلك بالأحضان معلناً عن"زقاق" لا يتعدى عرضه المتر الواحد وهى المسافة بين الكردون وبين المحال المتراصة على جانب الطريق".
تفكر فى القدوم على هذا الأمر أكثر من مرة.. هل اقتحم ذلك المكان الضيق؟؟ ولم لا فالمشهد من الخارج يوحى بحياة طبيعية ولكنك لا تعرف تفاصيلها من الداخل، ترفع قدميك على استحياء لتبدأ جولة حرة مع شعب"ما وراء الكردون".
المارة
بينما قال الحاج سيد وهو بائع فى المنطقة أجبرته ظروف حفر المترو على الانتقال من الشارع الواسع إلى منطقة صغيرة، حيث قال لـ"اليوم السابع" إن حفر المترو أمرا ايجابيا وعلينا تحمل ما ينتج عنه حتى لو كان على حسابنا قليلا لأنه فى النهاية مشروع سوف يخدم قطاعا كبيرا من المواطنين.
وأضاف سيد أن الدقائق تمضى سريعة بالداخل، يمر بها صفوف وتكدسات أقدام ووجوه تأتى من كل حدب وصوب يسيرون بنفس السرعة كما أن الكردون وضع قانون إلزامى لكل من يمر به وهو ضرورة عدم التحدث أو التباطؤ عند السير فى ذلك المكان، تأقلم ملحوظ مع الوضع مع كل ما يمر عليك ى ذلك المكان.
تتدبر الوشوش وتنتبه أذناك لأحاديث المارة لتجد "يونيفورم" من التكشيرة التى تعبر عن السخط على هذا الوضع وتلتقط أذناك ملايين الصيحات وعبارات التبرم التى تنهال عليك لأنك أخللت بقانون"زقاق الكردون" ولم تسرع الخطوات كما يفعلون.
بعض المارة
وكأن المارة فى هذا المكان يخرجون من بيوتهم كل صباح مرددين دعاء الخروج من المنزل مع بعض عبارات مقتبسة من الأغنية الشهيرة طهقان زهقان مضايق ويطبقون ما فى الأغنية من كلمات بحذافيرها حتى الخروج إلى النور بعد عبور الكردون، ليبدأ حياة طبيعية دون عبوس أو تبرم، ربما ترجع حالتهم الغريبة إلى ضيق المكان او لأنهم وجوه وجنسيات مختلفة تجمعت فى ذلك المكان إلا أن ما أتأكد منه أنه إذا كنت لا تريد ضغطاً عصبياً أو أردت التنزه دون ان يستعجلك احدهم بعبارات التبرم فلا تفكر فى الذهاب لزيارة "شعب ما وراء الكردون".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة