قرأت لك.. كتاب جديد عن شعر وحياة أمل دنقل.. الجنوبى كما يراه أهل الجزائر

الأحد، 08 أكتوبر 2017 07:00 ص
قرأت لك.. كتاب جديد عن شعر وحياة أمل دنقل.. الجنوبى كما يراه أهل الجزائر غلاف الكتاب
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أمل دنقل شاعر وفنان تشكيلى مبدع وحيوى متقد ومستغرق فى الفن حتى الثمالة وهو فى حركية الإبداع و الإيقاع والموسيقى، فى حمحمة الخيول وتموج البحار ورقرقة الينابيع وشفافية الهواء وكثافة الروح الزرقاء ، ورشة فنية بأكملها ، ومؤسس الحروفية العربية والمحاصر بالذهب المعتق حتى نخاع عظامه  والمحاط بأقواس قزح الألوان المختلفة والأصوات المتعددة ، بالرقص والدراويش والدوران واللولبية والمولوية والتلاشى فى الأبعاد وفضاءات التشكيل المستمر والمتواصل حتى الحلم والإشراق وغيبوبة الغياب فى حضور فيضى عارم ، وبحران ورائى لا نهائى أيضا" هذا ما يراه الباحث الجزائرى حسن عزوز أستاذ النقد الأدبى المعاصر بجامعة الشهيد حمة لخضر الوادى بالجزائر، فى كتابه "الميتا لغة فى شعر أمل دنقل"،  الصادر عن دار عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع بالأردن.
 
ويقول حسن عزوز فى كتابه عن أمل دنقل "نصه التشكيلى لا يقال فى اللغة فقط ، فالتصورات أقوى وحرائقه الفكرية لا تهدأ ولا تكن ولا تستكين ،معبأة دائما بجمار الألوان  ومجروحة بالنور الذى يشرق من أعماقه متزاوجة مع ضياءات الخارج ، وحده الإنسانى والروحى ، غاية (أمل) ،فى هذا الفن .إنه مختبر فنى شاسع الأصداء وجسد متوتر ، متوفز وروحه ثملة سكرى ،بالوجد والجوى و هو فى المتحول والمختلف دائما لا يبدأ من بدء ولا ينتهى إلى نهاية ، إنه فى الصيرورة الجمالية الممتعة وفى الرؤى الفلسفية الفكرية يغتبق خمرة الايمان وينهل من ماء الخلود، وهو فى هذا المناخ الغرائبى المدهش الرائع ، شاعر يسكنه هم قومه لذلك فإنه لايمكن بأى حال من الأحوال إلا أن يرتبط برصيد قومه الحضارى وبتحولاتهم فى الحاضر والماضى ،وإن ارتباطه بقومه وتاريخهم جعل نصوصه التشكيلية الهندسية يمكن تحميلها بيئات ومناخات وقراءات مختلفة فى مثاقفة تشكيلية بديعية مع التراث وتناصية شفيفة سميكة مع نصوص يستحضرها  هو من ذاكرته ،لكن الاهتمام  بماضى قومه وحاضر مجتمعه ،جعل العلاقة متجددة أكثر عن طريق الرمز فى أسس جمالية إشارية سيميائية تنعكس على أسلوب النص ومعماريته .
 
 أمل دنقل نجد فى شعره النسيج القصصى الدرامى وإن تميز بغلبة النص الدرامى الحاد ،الذى يجعل من الخط الأفقى القصصى تقطيعات ووثبات وانتقالات مفاجئة فى المكان والزمان والدلالة ، كما يتسم شعره كذلك ببروز الفكر الذى يندمج فى عملية بناء القصيدة على أنه يتخذ أحيانا أخرى شكل عملية استدلالية أو قياسية تجريبية ، بل تقريرية ، تفجر روح الادانة والشك  والتعصب والغضب والتساؤلات الحادة،والإصرار المتمرد الثائر، دون أن يفقد شعره توتره الدرامى وغنائيته. ونستشعر أيضا الطابع الحكائى القصصى الحوارى،التواصل الأفقى لبناء الصورة السيميائية البارزة المجسدة ،لا تسقط فى فراغات أو انتقالات مفاجئة ،بل تتحرك حركة تكاد منطقية الخطوات فى تشكيل بنية القصيدة دون أن تسقط فى تجريد أو شكلية؛ النص عنده ملأ متماسك متصل وجدانيا ودلاليا ونغميا، بل لعل إيقاع شعره أن يكون عنصرا أساسيا من عناصره الدلالية على أننا نحس إحساسا شبه لمسى بأشياء العالم ، لا أقول معطياته ،وإنما أشياءه ،ملموساته إنه شعر الواقع المباشر الحى، متجسدا متشكلا ، مصاغا فى واقع الشعر ، إنه شعر لا يستنسخ الواقع وإنما يكتشف فيه شعريته  وواقع الإشارى المباشر هو واقعنا العربى، همومنا  وجراح حياتنا اليومية ، مفاخرنا وأمجاد تراثنا إلا أنه فى شعره وبشعره يرتفع إلى رمز إنسانى روحى شامل ،وإن لم يفقد خصوصيته الحارة، ذلك أنه فى أعماقه و فى أعماق شعره بقايا الحزن الجنوبى الريفى الرومنطيقى.. مازال الضياع بين القرية التى غابت ولم تغب والمدينة التى تغيب و تغرب، حلما فروسيا من أجل الحرية والحق والجمال والسعادة وإنسانية الإنسان ولكنه حلم –على فروسيته- حزين حزين، الشاعر مخضب بالنبوءة، بالرؤيا، بالتفرد والوحدة، هكذا يعبر لنا الشاعر ( أمل ) عن ماهيات مجهولة غامضة، وهكذا حلم الشاعر ممزوج بالأسى مشرب بالموت فى نسج قصصى يقاطعه ويتعامد عليه نبض درامى حاد وغنائية عالية .
 
و يرجع اختيارى لشعر أمل دنقل موضوعا لهذ الكتاب و البحث، إلى علاقتى الحميمة بشعر هذا الشاعر و ولعى المفرط بما فيه من خصوصية فى الأداة و عبقرية فى المعنى أتاحت   له القدرة على الإبداع و الشمولية فى النظرة، تدعمها بصيرة و دقة فى رصد الظواهر الاجتماعية و الثقافية و السياسية، كما أن هذا الشاعر على الرغم من تفرده بالنظرة إلى الأشياء وقدرته التخييلية البارعة لم يحظ باهتمام حقيقى وكبيرللنقاد والدارسين خاصة من الناحية التطبيقية للنص، باستثناء بعض الدراسات السريعة التى لا تنهض فى جملتها دليلا على أصالة و عبقرية الإبداع لدى هذا الشاعر فى مجلات و دوريات مختلفة، و ارتأيت أن يكون موضوع البحث (الميتا لغة فى "ديوان الغرفة 8" للشاعر أمل دنقل، دراسة سيميائية جمالية ) ، لما يتمتع به الشاعر من ثقافة نقدية فكرية و فلسفية  واقعية فى الكتابة و إحساس منتج بقضايا العصر .
 
إن طبيعة الرمزعبر طرائق لغوية معمارية مغايرة ، قد تبنته جل الدراسات النقدية و الجمالية المعاصرة ، فى دراسة الشعر العربى قديمه و حديثه، مما حرك فى نفسى موجة من الاهتمام، بهذا المصطلح فدأبت على دراسة الكتب المتخصصة من أجل فهمه وسبر أغواره، وخلصت إلى نتيجة، هى أنه بالإمكان التعامل مع المصطلح فى إطار نقدى أوسع، وبشكل أكثر شمولية. و هذه المسألة حدت بى إلى الإطلاع على ما استطعت أن تقع عليه يدى من الدراسات المتخصصة التى اتخذت الرمز عنوانا لها بالدرس والتحليل .
 
ومع ما تحمله الدراسات المختلفة من سمة نقدية وجمالية، أقدرها إلى أنها لم تلتفت إلى الجوانب العميقة و الدلالات المفتوحة المتعددة للرمز واللغة وما وراءها. فالرمز كحالة لغوية مختلفة بتقسيماته المعاصرة قد تعددت و تفرعت جزئياته إلى اعتبار القارئ ليس بحال من الأحوال سلبيا فى تعامله مع النصوص بآفاقها المفتوحة الرمزية، بل يبذل حيال النص مجهودا لا يخلو فى معظم الأحيان من "إرهاق"، فالقارئ المعاصر يقيم دائما و أبدا مع النص حوارا ينتهى إلى إنتاج مركب متعدد من المعانى، فتنتج علاقة إنشاء و إبداع و صبر فى القراءة و لتذوق و المعايشة، و هذا ما افتقدته الدراسات السابقة  و قد انفتح هذا البحث، على أكثر من منهج نقدى، على اعتبار أن اللغة الأسلوبية الشاعرية المعاصرة، هى لغة علامات ذات محمولات جديدة، وبالتالى فالنص كله يصبح علامة من العلامات الدالة من حيث الشكل فى بنائه الجديد المنطوى، على التجربة الباطنية المرتبطة بالوجود الإنسانى و بالرؤيا التأملية ذات الاتجاهات الفكرية والفلسفية، مما جعل النص المعاصر نصا توالديا لا يبدأ من بداية محددة، وينتهى عند نقطة محددة، إنه نص الانفتاح على توالى النصوص الغائبة وعلى نصوص القراءة المتعددة.
 
إن النص أثر وأفق مفتوح تتقاطع عبره جملة من النصوص الغائبة، مشكلة فضاء من المدلولات والرموز يمنحه إمكانيات قرائية لا متناهية، فآثرت بهذا أن أستعين بالمنهج النفسى التحليلى؛ فالذات معبر لفهم النص الشعرى على اعتبار أن النفس هى المصدر الأساس والرئيس فى فهم التجربة الفنية. واستعنت كذلك بالمنهج السيميائى، فى تتبع بنى التوتر فى النصوص وعلاقتها بلغة الشاعر ورموزه وصوره وإسقاطاته وأدائه التشكيلى النحتى، وهذا على اعتبار أن التحليل السيميائى، هو منهج النصوص التأويلية الذى يشكل السؤال الأكثر إلحاحا فى الوعى النقدى الحداثى، فيلامس ويستبطن النص الشعرى المعاصر ، محاولا اختراق حدودها ؛ لا للقبض على المعنى الواحد بل لتحقيق اختبارات الحدس والتأمل و التوقع و ذكاء القارئ ؛ فالنص هو المبدع فى كينونة الذات ، و ما القارئ إلا ذات أخرى تبحث عن نص جديد آخر مما يفتح المجال الواسع أمام منهجا أسلوبى ، سيميائى تحليلى ، فيه الكثير من الانفتاح ؛ و يتبلور من خلال سؤال القلق .
 
و فى النهاية قد قسمت البحث إلى مدخل و فصول ثلاثة، فالمدخل يتحدث عن الرجل و الشاعر محددا أبعاد طاقته الشعرية و المحاور الأساسية التى تدور حولها تجربته .
 
أما الفصل الأول فقد تناولت فيه: المفهوم الدينى و بكائية الروح. فالحالة النفسية التى عاشها الشاعر من خلالها تكون مشروع الديوان ، حيث أن هذا الشاعر ، يعرف و عن يقين أنه محكوم عليه بالموت فبالتالى تتحول  الأفكار تحولا سريعا و غريبا قد يصل بالشاعر إلى معارضة كل أفكاره السابقة ؛ فالمفهوم الدينى يحدد الماضى و حوصلة الروح تحقق الحاضر .
 
و ينقسم هذا الفصل إلى عنوانين فرعيين :
‌أ.  دوافع الرمز:  تتطور الدراسة ، و هى مفتوحة إلى أن تتشابك و تتقاطع عبر إطار الدراسة العام ، إذن فمفهوم دوافع الرمز ضمن الفصل الأول هو اتجاه نقدى داخل العمل ككل يفسر أسباب الرمز  و قدرة اللغة على تقديم مشروع انتاجى مغاير لفكر الشاعر و حالته الوجدانية  ؟. و تبرز هاته الأسئلة وتطفو الدوافع من خلال قصائد         ( ضد من – زهور – السرير – لعبة النهاية ) .
 
‌ب.      روحية الرمز: انها الطاقة الخلاقة للغة  ، و ذلك ما يحدد أزلية الشاعر و ارتقاءه إبداعيا بمعنى آخر هلامية الرمز و مائيته حيث يأخذ شكل العصر الذى يقبل عليه دون اهتزاز و البقاء على مستوى تأدية دوره كما رسم لأجله. و تتجسد من خلال قصائد ( ديسمبر – الطيور – الخيول – مقابلة خاصة مع ابن نوح – خطاب غير تاريخى على قبر صلاح الدين ) .
 
أما الفصل الثانى فقد تناولت فيه: المعتقد و استشراف المشروع الإنسانى ، و هو ما بصمه الشاعر عبر مشوار الديوان بشكل عام حيث وصوله إلى الاقتناع الكامل به و بالوقوف عليه كمعتقد ثابت روحيا و ماديا و بالتالى هما أهم عنصرين يتم الإعلان عنهما بصراحة      و بتلقائية  كثابتين أساسيين يحددان فى خاتمة المطاف مدى التأثر الوجدانى ب المعتقد ، و المعتقد ينفلت من دائرة العقيدة المطلقة إلى كل ما نؤمن به من تيارات فكرية فى حدود الثوابت العامة بشكل مؤكد لسلامتها الروحية .
 
و قد قسمت الفصل الثانى إلى عنوانين فرعيين كذلك :
‌أ.         المخاض عند الشاعر و بزوغ الرمز :و هذا ما يوثقنا و يربطنا بطريقة مباشرة بعنوان الفصل نفسه حيث يتم فى هذا الباب إعطاؤنا الفرصة و القدرة على دراسة العالم النفسى عند الشاعر من جهة خاصة ، انطلاقا من مكوناته و خلفياته السياسية بحكم المرحلة التى عاش فيها و توابعها الثقافية التى كونت هذا المفهوم لديه و المخاض الذى ينطبخ و ينصهر فيه و به و عليه الشاعر ، هو تلك الحقيقة الغائبة التى بها و من خلالها يتكون ما نسميه حالة الاستعداد عند الشاعر لاتخاذ الموقف و التى تربطنا ارتباطا كليا ببزوغ الرمز الذى بدوره يحدد الموقف ثم بزوغ الرمز ما يعطينا الفرصة على تحديد و تقييم الرمز نفسه و دراسته. و العملية مركبة جدا و مرتبطة إلى أقصى حد. و يتجلى هذا فى قصيدتين ( بكائية لصقر قريش – قالت امرأة فى المدينة ) .
 
‌ب.      متحكمات الرمز: و تمثلت فى قصيدة واحدة خصصت إلى " محمود حسن إسماعيل فى ذكراه الرابعة " ، كنموذج خاص تحت غطائه العام و الذى يعنى كل فصول الدراسة السابقة و التى اندرجت على مفهوم قراءة الرمزو لغته  بمضامينه المختلفة  و التى أخذت شكل فصول و ذلك كمحاكاة لإيحائيته قدر الإمكان لمتحكمات الرمز و هى تلك العلاقة الخفية بين الشاعر و الجانب التراثى و التاريخى الذى فيه انصهر بين قوسيه و لم يخرج عنهما ؛ إذ قراءة الشاعر و رؤاه الخاصة و الفلسفية  و إسقاطها على واقع حاضره ، أسبابها و نتائجها.
 
و أما الفصل الثالث فقد تناولت فيه: " الصداع الروحى و شوائب الغموض " من خلال قصيدة ( الجنوبى ) و هى آخر ما كتب أمل داخل الغرفة 8 ، الفصل مفترق هام لأفكار التى تحدد تدريجيا تشكيل كل المعطيات التى تحقق طرحا لعقدة الدراسة بصيغة تجتمع فيها العناصر البعيدة و القريبة فى آن واحد فى حبك محققات شخصية المراد و حصر مفردات العمل العام فى الذهنية الإبداعية المطلوبة و الضرورية لمثل هذه الدراسة.
 
‌أ.         البحث عن الذات: سؤال الهوية المتناثرة
‌ب.      و جع القرار الأخير: و هو الوقفة التى لا مناص منها و لا عدول عنها أى هى الجامع و الفاصل فى أطراف الدراسة من جهة خاصة و من زاوية رؤيتى كدارس    و متناول للموضوع و محلل له و هى الخط الوحيد فى الدراسة أيضا لانطلاق وظيفة التجميع لكل ما يتعلق بالشخصية المطلوبة فى اكتمال العمل العام .حيث الصراع  بين الأنا  و الأنا.
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة