"قوم.. قوم .. "الأهرام" اتصلوا بك وبيقولوا إنك أخذت جائزة نوبل.. فاستيقظت وأنا فى غاية الغضب معتبرا كلام زوجتى مجرد هلوسة خاصة بها" خاصة وصف الأديب العالمى الراحل لحظة سماعه بفوزه بجائزة نوبل فى الآداب لعام 1988.
وتمر اليوم الذكرى الـ29 على حصول الأديب الراحل على الجائزة العالمية الأرفع، حيث أعلنت الأكاديمية السويدية للعلوم، مساء يوم الخميس 13 أكتوبر 1988، الفائز بالجائزة ليكون "محفوظ" أول وأخر عربى يحصل على الجائزة.
ويروى "محفوظ" تفاصيل استقباله الخبر، الذى لم يكن متوقعه حتى إنه قال لزملائه فى جريدة الأهرام صباح ذلك اليوم، "أننا سوف نقرأ غدا حبرا صغيرا عنها كالمعتاد، ونعرف من فاز بها".
وبحسب كتاب "نجيب محفوظ: صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته"، أن الأديب الراحل استقبل الخبر من زوجته وهى بملابس المطبخ وظل غير مستعوبا الأمر حتى استقبل هاتف من الصحفى محمد باشا والذى بارك له حصوله على الجائزة، وبعدها حدثه سلامة أحمد سلامة مدير تحرير الأهرام إنذاك والذى أكد بصوت تملؤه الفرحة بحسب وصف "محفوظ" فوزه بجائزة نوبل.
وفى ظل حالة الحيرة والشك الذى انتابته دق جرس الباب ليكون الضيف هو السفير السويدى بالقاهرة والسيدة حرمه، والذى قدم له هدية رمزية عبارة عن "قدح من البنور" أشبه بصناعات خان الخليلى كما وصفه الكاتب الراحل.
وذكر محفوظ فى مذكراته أيضا المكالمة الهاتفية التى تلاقها من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بعد فوزه بساعات قليلة، والطريف إنه أكد لم يكن يسمعه جيدا بسبب ضعف سمع اذنه اليسرى، وهو الأمر الذى حدث مع ممث نوبل الذى اتصل به أيضا.
وروى محفوظ أيضا الحديث الذى دار بينه وبين سكرتير لجنة جائزة نوبل، والذى حضر الأحتفال الذى أقامه الرئيس مبارك لتكريمه بقلادة النيل فى نوفمبر من نفس العام، والذى أكد ترشحه للجائزة من قبل عدة مرات وكان اسمه يوجد فى قوائم الفوز، كما أكد له أن الجائزة لا تقوم بإعلان تفاصيل الأديب الفائز إلا بعد مرور 50 عاما على فوزه بالجائزة.
وحول الترشيحات التى كانت تطلق من بعض المجالات الأدبية أو لجنة السياسات العليا برئاسة فؤاد محى الدين رئيس وزراء مصر الأسبق، حيث زكت الأخيرة الكاتب الكبير توفيق الحكيم، فما كانت أغلب المجالات الادبية تذكى طه حسين.
لكن نجيب محفوظ يرى أن توفيق الحكيم كان أحق من طه حسين للفوز بنوبل، لأسباب يراها موضوعية أهمها أن إنتاج الدكتور طه حسين الفنى محدود، فى حين أن إنتاج الحكيم الفنى كبير، ويميل إلى الإنسانية العالمية خاصة فى مجال المسرح، لكن عزاء نجيب لعدم حصول كلاهما على الجائزة كانت هى إنهما وجدا فى عصر ملئ بالعمالقة فى الأدب الأوروبى.
كما أشار إلى رغبة الأديب توفيق الحكيم فى الحصول على الجائزة وامله الذى راوده حاصة فى سنواته الأخيرة، بل أن "محفوظ" يتصور أن رحلة توفيق الحكيم إلى باريس وقام خلالها بكتابة مسرحيته "السلطان الحائر" كانت من أجل الفوز بها.
ويقول محفوظ أن لجنة نوبل دائما تنظر فى الأساس إلى الناحية الإنسانية والفنية فى مضمون العمل الأدبى، ولذلك من وجهة نظره من الممكن أن يفوز بها أديب تصل موهبته إلى سته من عشرة، كما أن اللجنة تستبعد الأعمال المتعصبة دينيا وذلك رفضت جراهام جرين لانه كاثوليكى متعصب، ورفضت أعضاء الجائزة للأيطالى ألبرتو مورافيا لتركيزه الشديد على الجنس، بحسب وصفه.
وتحدث محفوظ عن الفرحة التى انتابت المصريين، حيث كان يستقبلوا المواطنين ويحتفون به احتفاءً كبيرا، حتى أنه يقول أن سائقى التاكسى كانوا يرفضون الاجرة تكريما له.
كما أنه فى يوم فوزه بالجائزة قام بالتقاط مئات الصور التذكارية مع زملاءه وأصدقاءه بالأهرام، كما قرر بعدها إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة المؤسسة بتخصيص مكتب له خصيصا لاستقبال ضيوفه نظرا لضيف بيته.
وبرغم فرحة الوسط الثقافى الكبيرة بفوز الأديب الراحل بالجائزة إلا إنه أكد أن عدد كبير من الأدباء فى ذلك الوقت انتابته الغيرة الشديدة، كما يروى هجوم يوسف إدريس عليه وقيامه بحملة للتشهير والتجريج ضده، حيث وصف "إدريس" أن الصهيونية العالمية هى التى سعت لفوز محفوظ بالجائزة كمكافأة له عن موقفه المؤيد لاتفاقية كامب ديفيد، ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.
ويروى الناقد الراحل رجاء النقاش فى هوامش الكتاب أن الأديب الراحل أكد له أن البعض حاول إقناعه برفض الجائزة والاعتذار عنها، بل وعرضوا عليه نفس قيمة الجائزة أو أكثر ، لكنه رفض، لكن الناقد الراحل أن محفوظ رفض الخوض فى تفاصيل أكثر عن هذه الأمر، اللافت فى الأمر أن النقاش ذكر ذلك فى الوقت التى كان نجيب يروى فى الكتاب عن زيارة بعض الادباء والشباب الفلسطينين وبعضهم من عرب إسرائيل لتهنيئته بالجائزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة