وانفجرت الأفراح كالبركان لأن الفوز جاء بالدموع، وفى لحظات أطبق فيها الصمت وارتجفت القلوب، وارتفعت الأيدى بالدعاء، وانفطرت مشاعرنا على صور شباب وشابات يبكون، وكأنهم فقدوا عزيزا لديهم، ومن أحشاء اليأس ولد الأمل، فكان له طعم رائع قوبل بالأحضان والقبلات، وعانق الهتاف عنان السماء « مصر.. مصر» وما أحلاها كلمة، وحدت أبناء الوطن جميعا تحت حروفها.
لو سجل فريقنا هدفين أو ثلاثة فى بداية المباراة لكانت فرحة عادية وغير مستغربة، ولكن المفاجأة أننا واجهنا فريقا صلبا وعنيدا، كان يقاتل وراء كل كرة، فجعل الفوز ممزوجا بالخوف، وشعرنا أننا فى مواجهة ند، لم يستسلم أو يتهاون، فأنتزعنا الفوز من أنياب أسد، وظل الصراع شرسا حتى الدقيقة الأخيرة، والفوز على منافس قوى له مذاق خاص، لأنه جاء بشق الأنفس واغتسل بالدموع.
كان من الصعب أن يعود الشباب الرائع إلى بيته حزينا، وما أروعهم والكاميرات تتنقل بين وجوههم المبتسمة الجميلة، وتنقل للعالم صورة حضارية لا تقل عن أروع استادات العالم، فعندنا جميلات مثل مباريات الكلاسيكو بين الريال وبرشلونة، وهاهى الفتاة المصرية الحقيقية التى ينقلها البعض بصورة يغلب عليها التشويه، ولا فرق بينها وبين بنات مدرجات الاستادات الأوروبية، اجمل من البرازيلية والإيطالية والإسبانية، بنت مصر الشرق فى شكلها الحضارى.
كل شىء يهون إلا دموع شباب مصر، ولم يكسر الله بخاطرهم، لأنهم جاءوا يبحثون عن الفرحة وإرادة النصر، جيل جديد لم يسعدهم الحظ بدخول كأس العظماء من 28 سنة، ومعظمهم ولدوا بعد ذلك أو كانوا أطفالا فى اللفة، ورفعوا جميعا علم مصر بصورة رائعة، نهديها للعالم الذى يتخيل أن شبابنا إما إرهابيون أو هاربون فى سفن الموت.. لا، أولاد وبنات مصر أجمل ما فى مصر، زهرات متفتحة تقول للدنيا: هذا هو شباب مصر.
كان من الصعب أن تنام مصر حزينة، لأن لاعبى المنتخب كانوا الأفضل والأخطر، مهما أبدينا من ملاحظات، وكان الله فى عونهم بسبب الضغط النفسى الرهيب، وزئير الجماهير فى المدرجات، التى لن تقبل شيئا غير النصر، فهذا ليس وقت اللوم بل الفرحة، والاستمتاع بحلم كان يداعبنا، لكنه الآن حقيقة، ومبروك يا مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة