جيلان جبر

خارطة اللا.. طريق

الخميس، 05 يناير 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هذه الخارطة هى التى أوجدت هذا التخبط والتمدد الواضح أمام تقسيم سوريا 

 
استفزنى مقال كتبه كريس ميرفى، وهو عضو ديمقراطى فى مجلس الشيوخ الأمريكى، ونشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان «المساعدات الاقتصادية هى الحل، وليست التدخلات العسكرية»، استهله قائلاً: إنه من الصعب مشاهدة المذابح التى تنفذها الحكومة السورية فى مدينة حلب بمساعدة كل من روسيا وإيران، ولكن من الأصعب تصور عجز الولايات المتحدة عن إنقاذ الشعب السورى من هذا الواقع المروع، ويوضح الكاتب أن أسباب وصول سورية إلى هذا الوضع الكارثى والولايات المتحدة إلى هذا القدر من العجز واضحة وجلية، مشيراً إلى أن السبب الأول كان الأخطاء التى ارتكبتها الولايات المتحدة، وأدت إلى إطالة أمد الصراع، إذ تنتهى الحروب الداخلية عادة بثلاثة أشكال: إما بانتصار أحد الطرفين أو توقفهما عن القتال بعد أن تنخر قواهما أو بتدخل قوة خارجية ذات نفوذ تجبرهما على عقد تسوية، ويلفت الكاتب إلى أن السيناريو الأول تحقق فى سورية، عندما اقتحم جيش بشار الأسد، بجانب الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، مدينة حلب، فقد أخطأت الولايات المتحدة فى تقدير الحدود التى قد يتجاوزها حلفاء الأسد فى سبيل مساندته وإبقائه فى السلطة، فى حين آمنت بصورة راسخة بأن أنصاف التدابير التى تتخذها ستكون كافية لترجيح كفة الميزان ضد الأسد، فلم تكن الولايات المتحدة مستعدة قط لفعل ما يلزم لإسقاط الأسد، واتضح ذلك عندما دفع القلق بشأن الانجرار إلى حرب جديدة للجمهوريين والديمقراطيين إلى معارضة طلب الرئيس باراك أوباما بالموافقة على شن حملة قصف محدودة للرد على الأسلحة الكيميائية، التى توجهها الحكومة السورية صوب المناطق الخاضعة لسيطرة جماعات المعارضة، واتبعت الولايات المتحدة، بدلاً من ذلك، سياسة أطالت أمد الصراع، حيث أسقطت الكثير من القنابل على أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية دون أن تستهدف قط المناطق التى تسيطر عليها الحكومة، ودربت المقاتلين فى إطار برامج سرية وعلنية غير منسقة يديرها عدد من أجهزة الأمن القومى، وسلحت الثوار، ولكنها امتنعت دوماً عن تزويدهم بالأسلحة التى يمكنها حسم الحرب لصالحهم، وعندما شرع السوريون فى الفرار من بلدهم، ردت الولايات المتحدة بغلق أبوابها أمامهم، وبذلك أثبتت صحة مزاعم الجهاديين بأن الولايات المتحدة لا تبالى بمعاناة المسلمين، ويردف الكاتب قائلاً: إن فكرة أن التدخل العسكرى هو السبيل إلى الاستقرار السياسى فى الشرق الأوسط، هى فكرة مغلوطة، فلم يكن ينبغى أن تنحاز الولايات المتحدة إلى طرف بعينه فى الحرب السورية، فإذا كانت قد تحلت بضبط النفس منذ البداية، كان يمكن الحد من عدد الضحايا، ويوضح الكاتب أن السؤال الذى يجب أن تطرحه أية قوة عظمى على نفسها، هو كيفية الحيلولة دون انزلاق بلد ما إلى حرب داخلية، وهذا هو أهم سؤال سيواجه الكونجرس، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية خلال الفترة المقبلة، ويجب أن تتضمن الإجابة عليه اعترافاً بأن السياسة الخارجية القائمة على القوة العسكرية الغاشمة وحدها لا تفيد البلدان المبتلاة بصراعات داخلية، ويقر الكاتب بأن وضع خطة مارشال جديدة لحماية البلدان والمناطق المهددة لن يضمن تحقيق الأمن العالمى، فقد استغرق الأمر فى أوروبا ما يزيد عن 1500 سنة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية لإنشاء تعايش سلمى، فى حين لم يمضِ على سقوط الإمبراطورية العثمانية سوى 100 عام، ولكن لا أمل فى نجاح السياسة ذات التوجه العسكرى التى تنتهجها الولايات المتحدة فى محاولة لإحداث تغيير سياسى فى الشرق الأوسط، ويختتم الكاتب المقال مؤكداً أنه حتى تغدو السياسة الخارجية الأمريكية أكثر إنسانية وفعالية، ينبغى أن تبادر الولايات المتحدة بتقديم المساعدة المالية للحيلولة دون وقوع كارثة.
 
تعليقى على هذا التحليل هو «أن متاهة اللا.. طريق للعرب» جعلت هذا التخبط  والتمدد الواضح أمام تقسيم  سوريا، دون مشاركة  بدور رسمى أو حتى حضور عربى، فلا توجد دولة عربية واحدة على طاولة التفاوض  فى الاستانة أو فى اتفاق الهدنة. 
 
فلم يحشد العزم، وربما أيضا لم تحدد الرؤية العربية بعد لتسويق حلول لدول تسقط وتقسم، بسبب الفشل وغياب التنسيق المستمر فى إدارة الأزمات العربية، بسبب الخلافات الشخصية أو مصالح فئوية، ولا معاقبة للهواة من السياسيين أو المخطئين فى كل الأجندات، فهل خارطة اللا.. طريق أصبحت هى المصير! ربما، فهناك قضايا عربية مهمة أصبحت لا تجد من ينحاز لها.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة